التنقيبات الاثرية في كلية الآثار
أولت جامعة الموصل ومنذ السنوات الأول لتأسيسها ، الأثار والتراث إهتماماً خاصاً ووضعت في ضوء ذلك أولوياتها . فتأسس متحف يجسد واقع الموصل في العصور المختلفة ومن بعده ، التنقيبات الأثرية في مدينة الموصل وما جاورها . فاختارت إحدى بوابات سور مدينة نينوى العاصمة الآشورية المهيبة ، وهي بوابة ( أدد ) ، الأقرب إلى مباني جامعة الموصل ، والتي تقع في الضلع الشمالي من ذلك السور .
وتوصلت بعثة التنقيب التي كان يرأسها الدكتور عامر سليمان في عام 1968 إلى نتائج علمية مذهلة ، بفضل المساعدات العلمية والإدارية التي قدمتها رئاسة جامعة الموصل ومعاضدة كلية الطب وكلية الهندسة ، وكلية الآداب يومئذٍ . ِ
والمشاركة التي قدمتها جامعة الموصل في حقل التنقيب الأثري يعد في الواقع أول مساهمة علمية وعملية تقوم بها لمساندة الهيئة العامة للآثار والتراث ( مديرية الآثار العامة سابقاً ) .
وللنجاح الذي حققته بعثة التنقيب في بوابة أدد ، خططت في ضوءه جامعتنا ، لإعادة بناء هذه البوابة وفق مخططاتها الأولى ، لاتخاذها متحفاً حضارياً للأسلحة والأزياء العسكرية الآشورية . وعلى هذا الأساس وضعت جامعة الموصل خططها ورصدت المبالغ المالية لإعمال الصيانة والترميم ، لسورها الحجري على جانبي البوابة المذكورة .
وإلى جانب التنقيب في هذه البوابة ، وبعد النجاحات المتحققة ، وضعت بعثة التنقيب دراستها للتحري والصيانة في ( تربيصو ) تل الشريخان في أحدى ضواحي مدينة نينوى ، وهي مدينة ولي عهد الملك الآشوري ، وكان هذا النجاح ، دافعاً أيضاً لإجراء عمليات الصيانة في قلعة باشطابيا بمدينة الموصل ، المطلة على نهر دجلة .
وبعد سنوات قليلة استأنفت بعثة جامعة الموصل العمل الآثاري تنقيب المواقع الكائنة في مشاريع الري الكبرى في حوض سد الموصل ، بدءاً بتل ( أبو ظاهر ) في منطقة زمار عام 1977 ، وفي تل ( حلاوة ) بحوض سد حمرين بمنطقة ديالى عام 1978 . وعاودت بعثة تنقيبات جامعة الموصل العمل ثانيةً في حوض سد الموصل عام 1982 واختارت لعمليتها تل مصيفنة ، وتل سلال وتل ضويج . والمواقع الثلاثة كانت على كتف نهر دجلة بمنطقة زمار القديمة . وتوصلت هذه التنقيبات إلى نتائج علمية ، قدمتها إلى الدارسين والباحثين في حقلي الحضارات والتاريخ القديم .
كما سعت كلية الآثار بجامعة الموصل لإجراء التنقيبات الأثرية في تل قوينجق بمدينة نينوى ، وكشفت البعثة عن أقسام من قصر الملك اشور بانيبال .
وتعمل كلية الآثار بهمة عالية ، اليوم لإنجاز بناية المتحف ، ليتلقى طلبتها وباحثوها ، الجوانب الايضاحية من فنون بلاد الرافدين ، وتلقى الكلية مساندة رئاسة جامعة الموصل ومؤازرة الخيرين من منتسبيها . وستكون مكتبة الكلية ومجلتها ( آثار الرافدين ) والمتحف ، وكذلك التنقيبات التي تسعى إلى تحقيقها كليتنا ، وكلها تهدف إلى وحدة العلم التي تنشدها هذه الكلية ، من أجل التتبع والتعمق في الدراسات الآثرية .