21 يناير، 2014
التعليم الجامعي العربي أوضاعه الراهنة ومتطلباته
صدور عدد جديد من نشرة متابعات اقليمية العدد (43) كانون الثاني2014——————————————————-التعليم الجامعي العربيأوضاعه الراهنة ومتطلباتهد. هاشم حسن حسين الشهوانيقسم الدراسات التاريخية والثقافيةمركز الدراسات الإقليمية/ جامعة الموصلتقديم:إن تهيئة ظروف مناسبة للتعليم الجامعي ونجاح العملية التعليمية تعد اليوم من أبرز التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية ومؤسساتها التعليمية، ويظل هذا التحدي هو الهاجس الكبير الذي يواجهها وهي تتطلع إلى التميز وتفعيل كافة وسائل الثقافة الحديثة وتسخيرها لخدمة أهداف التعليم العالي المتعلقة بإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية من أبناء الوطن العربي للعمل في قطاعات العمل بكفاءة عالية متناغمة مع متطلبات السوق وروح العصر وتساهم في نهضة المجتمعات العربية وتطورها، وعليه فان جودة أداء التعليم الجامعي تحدد سمات ومكانة الوطن العربي العلمية في العالم، ويتطلب ذلك كله أن تحرص المجتمعات العربية عن طريق مؤسساتها التعليمية إلى الارتقاء بعناصر العملية التعليمية (الطالب والمنهج والتدريسي والإدارة الجامعية) سعياً لتطبيق مفاهيم إدارة الجودة الشاملة وضمان المخرجات الأكاديمية بحيث تتواءم وحاجات المجتمع العربي.تابع الباحث هذه المفاهيم وناقش بعناية أوضاع التعليم الجامعي العربي مبيناً أبرز سماته وركز على أهم عناصر العملية التعليمية وهو العنصر البشري بوصفه المادة الأساسية التي تتشكل منها البيئة الجامعية، فضلا عن الاهتمام بتهيئة الظروف لتنفيذ متطلبات العملية التعليمية برمتها.سكرتير التحريرتشهد مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي إقبالاً متزايداً من الطلبة، خاصة وأن الطالب الجامعي بات اليوم أكثر انفتاحاً على تقنيات المعلومات ومصادرها الأمر الذي يحتم على هذه المؤسسات إعداد نمط تعليمي يتسم بالكفاءة والفاعلية. ولعل أنظمة التعليم الالكتروني تشكل أحدث الوسائل التعليمية لإدارة العملية التعليمية.تُعَرّف العملية التعليمية بأنها سلسلة من الخطوات صممت لتحويل المدخلات الجامعية الأساسية (الطلبة) إلى مخرجات تتلاءم وحاجات المجتمع إلى خريجين بمستوى جديد من المهارة والمعرفة، وهذه العملية تعتمد كثيراً على الدور المميز للمكون البشري (هيئة التدريس)، لأنه العنصر الأكثر تأثيراً في مكونات العملية الأخرى (المنهج، والطريقة، والطالب)، وعليه فان اختيار هذا العنصر وإعداده يعدان من الأمور المهمة.وكما هو معروف فان أغلب الجامعات العربية –يفترض جدلاً أنها- حددت أطر عملها في أربعة مهام رئيسة، (التدريس، وإجراء البحوث العلمية والتطبيقية، وخدمة المجتمع، وتغيير ثقافته وسلوكه نحو الأفضل). ولكي تتمكن الجامعات من تحقيق هذه الغايات لابد من إيجاد نظام تعليمي سليم مبني على أسس صحيحة ،وأن يصار إلى طرائق تُقوّم هذه العملية لتتمكن من اللحاق بركب التطور العالمي الذي قطع أشواطا كبيرة واظهر نتائج مهمة وإبداعات متسارعة وأخذ يسجل أرقاماً متقدمة سيما في مجال براءات الاختراع، وهنا نعطي مثالاً، كوريا الجنوبية التي حققت وحدها ولمدة عشرين عاماً (1636) براءة اختراع في حين أن الدول العربية مجتمعةً حصلت على (100) براءة اختراع لنفس المدة. ومرد ذلك قلة العناية بقطاع التعليم ومنه التعليم الجامعي في جوانب كثيرة فعلى سبيل الإبانةيتراوح نصيب الإنسان في المجتمع المتقدم والناهض من التعليم بين (2500) دولار من الدخل القومي إلى (6500) دولار بينما تقدر حصة الفرد العربي بحدود (340) دولار والأمية تكاد تكون مفقودة في المجتمعات المتقدمة والناهضة، في حين أنها تتراوح بين (30%) إلى (45%) في المجتمع العربي، كما أن ميزانية البحث العلمي في الدول المتقدمة تتراوح بين (1,5 %) إلى (2,6%) من ميزانية ألدخل القومي للدولة، في حين أن ميزانية البحث العلمي في الدول العربية تتراوح بين(.01% ) إلى (.02%).وإذا أردنا تقييم العملية التعليمية العربية المتعثرة فإن هناك عدداً من البرامج العالمية لتقييم الأداء الجامعي العالمي اعتمد كل منها معايير معينة ورتب الجامعات العالمية حسب عطاءها العلمي وإحدى هذه البرامج (التقييم البريطاني) المعروف بـ QSTop Universities، وتقوم به Quacquarelli Symonds Ltd، وهى شركة يعمل بها 100 فرد ، وتنشر نتائجها سنويا على موقع www. top universities.com، ويتم توزيع درجات هذا التقييم كالآتي : 40% للجانب العلمي أو الأكاديمي ، و20% لنسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب ، و20% لما يسمى citation per faculty، ويقيس هذا المؤشر درجة البحث من القيمة والأهمية، و10% لما يسمى employer review، أو النظرة العامة النقدية للجامعة ومكانتها، و5% لأعضاء هيئة التدريس من جنسيات مختلفة international faculty، وأخيرا 5% للطلاب من جنسيات مختلفة international students، ويتم هذا التقييم عن طريق استطلاع على الشبكة المعلوماتية online survey، يجيب فيه 9,000 أكاديمي على أسئلة تغطي الجوانب المختلفة والتي تتوزع بينها درجات التقييم. حصلت الجامعات الأمريكية وفق تقييم وتصنيف هذه المؤسسة على 100 درجة overall scoreمن الدرجة العامة، تلتها بريطانيا 98، أستراليا 94، ألمانيا وكندا 92، اليابان 90، كوريا الجنوبية 79، الصين 75، تايوان 66، إسرائيل 65، ماليزيا 61، جنوب أفريقيا 54، أندونسيا 53، تركيا 35، واحتفظت جامعة Harvardالأمريكية بالمركز الأول للعام السادس على التوالي، وكانت هناك 18 جامعة بريطانية بين المائة الأفضل.إن تحسين العملية التعليمية تعتمد على ثلاثة عناصر رئيسة هي: الملاك البشري، والإمكانات التعليمية، والقوة التقنية، وتبرز أهمية العنصر البشري من خلال رغبة الأشخاص المشاركين في العملية ودافعيتهم. وتتمثل الإمكانات التعليمية بالتزام الجامعة في تهيئة أفضل الظروف لتنفيذ متطلبات العملية التعليمية. وأخيراً تحقق القوة التقنية المرونة في انجاز النشاطات التي تتوافق والأهداف المرغوبة للعملية التعليمية. وإذا تجاوزنا القوة التقنية كونها تتعلق بجانب تقني بحت يرتبط بالإمكانات الفنية والمالية للدولة فإن الجوانب الأخرى يمكن مناقشتها عبر أبرز عناصرها وهي:1- مجموع الطلبة، وهم المادة الأساسية التي تتشكل منها البيئة الجامعية، ويشكلون أبرز محاور العملية التعليمية الأساسية، وإِن جودة التعليم تستدعي وصول المتعلِمين إِلَى مستوَياتٍ تعليمية محددة قابلة للقياس موضوعياً.2- الهيئة الجامعية والإدارية في الجامعة، ويعد عضو هيئة التدريس الأساس في هذه المجموعة نظراً إلى دوره في انجاز العملية التعليمية. ويقصد بأهلية عضو هيئة التدريس، امتلاكه كفاءات تتصل بالمواد الدراسية، وخصائص الطَّلَبة وتقويمهم. ومن المهم أن يقوم التدريسي بإجراء تقييم ذاتي لأدائه التعليمي على الأقل كلّ سنة دراسية، وهذا يتطلب من المدرس الجامعي معرفة أمرين.الأمر الأول: (متطلبات التقويم الذاتي) فيتطلب تنمية المعلومات التربويّة للتدرّيسي الجامعي من خلال قراءات يقوم بها في أساليب التدريس وطرقه، وطرائق إعمام المناهج الدراسية وغيرها، أو عن طريق مشاركته في دورات تدريبية.الأمر الثاني:( طرائق التقويم الذاتي)، أن يلجأ التدريسي الذي يسعى إلى النجاح وتطوير ذاته باستمرار عن طريق الامتحان لقياس ما تحقّق في تدريسه. أو بإجراء مقابلات مع عدد من الطلبة الذين يدرسهم. أو إجراء إستبانه لهم.أو بدعوة بعض الزملاء (الأساتذة) من القسم نفسه من ذوي الخبرة إلى حضور محاضرة أو أكثر له لمحاولة معرفة مواطن القوة والضعف لديه.وثمة معالم عدة تساق عند دراسة واقع التعليم العالي العربي الراهن يمكن إجمالها بالآتي:المحور الأول: العلاقة بين مدخلات الجامعات ومخرجاتها ومتطلبات سوق العمل:بذلت جهود عربية لتحديد أولوية الدراسة الجامعية وجودتها ولكنها لم تحقق إلى الآن ما هو مطلوب منها فعلى سبيل الإبانة نحن نفتقد إلى العلاقة الايجابية بين المدخلات الجامعية من الطلبة وبين مخرجاتها ومتطلبات سوق العمل، وظهرت لدى الكثير من الجامعات فجوة بين المواصفات العلمية التي يمتلكها الطالب وما يتطلبه سوق العمل كونه أكثر تأثراً وسرعة بالتطورات التقنية. وهنا تبرز أهمية مشاركة أرباب العمل بتحديد احتياجات السوق والمهارات المطلوبة. ونتيجة للضغط الاقتصادي على حياة الناس فإن مجالات علمية لاقت إقبالاً -القطاع الصحي (الكليات الطبية وطب الأسنان والصيدلة والتمريض) وقطاع التعليم في العراق، والقطاع الهندسي والتكنولوجي في دول عربية أخرى (دول الخليج)، وقطاع التجارة والسياحة (مصر ولبنان)- فإذا أخذنا هذا المنحى وجارينا متطلبات السوق فإن المجال الآخر الثقافي والأدبي والفني لن يجد له المجال ويصبح درس الأدب العربي مثلاً نافلة. ومعلوم أن المجتمع يتطور بثقافته وبالإبداع الفني الموجود فيه ولا ننسى أيضا أن للجامعة دور تنموي وتثقيفي للمجتمع.المحور الثاني:الطالب وموقعه من العملية التعليمية.يفكر الطالب عادة بعد إنهاءه المقررات الجامعية وتخرجه بمستقبله. وفي الدول العربية ينتظر البعض منهم لسنوات ولا يجد فرصة عمل. فوجد ما يعرف بجيوش العاطلين من الخريجين فيصاب الطالب بالإحباط ونتيجة لذلك لا يبرز إلا القلة القليلة من الطلبة كمتفوقين. ولمسة الإحباط تأتي من فقدانه الدافعية لعدم وجود ما يكافأ به من سوق العمل فتجعله كارهاً للجامعة.وتشير الدراسات إلى أن (23%) من الخريجين في الوطن العربي عاطلين عن العمل، وأشارت بعض الدراسات إلى أن الوطن العربي حتى عام 2020 سيكون بحاجة إلى إيجاد (50) إلى (70) مليون وظيفة إضافية.المحور الثالث:العلاقة بين العدد والنوعية: يلتحق بالجامعات العربية أعداد كبيرة من الطلبة سنوياً وترتفع نسبتهم في بعض الدول العربية إلى حد يتجاوز عددهم في بعض المؤسسات التعليمية الـ (200,000) إلى (300,000) طالب. مما يسبب صعوبة في التلقي بسبب الزحام ما يؤدي إلى عزوف بعض الطلبة عن دخول المحاضرات.ويترتب على هذا الأمر خياران أمام الجامعات العربية حيال قبول الطلبة وأعدادهم، الأول: أن تترك الحرية للجامعة بان تقبل ما تراه مناسباً من الطلبة، وفي هذه الحالة سوف يبقى عدد كبير من الطلبة خارج خططها العلمية ويحرم من الحصول على فرصة الانتماء إلى الجامعة. والخيار الآخر. أن التوسع في عدد الطلبة المقبولين عندها يكون لدينا عدد كبير من الطلاب ربما يفوق قابلية الجامعة الاستيعابية، وسيكون هذا على حساب النوعية. وتميل بعض الآراء إلى التركيز والاهتمام بالنوعية، وعبر أحد الباحثين عن هذا الرأي بقوله:"انتهى زمن الكمية" وتساءل عن أهمية الآلاف من حاملي الشهادات الذين لا يحملون علماً وما فائدة أن نُخَرِّج أعداد كبيرة دون كفاءة.ولحل هذا الإشكال لجأت بعض الدول في العالم إلى زيادة عدد الجامعات وإشراك القطاع الخاص فازداد عدد الجامعات في بعض الدول إلى خمسمائة جامعة، فمثلا دولة من مثل تركيا تقترب بنيتها الثقافية والاجتماعية من الدول العربية فيها 200 جامعة تخدم تقريباً التعداد السكاني نفسه في مصر التي لا يزيد عدد جامعاتها عن 22 جامعة حكومية و19 جامعة أهلية. واذا كان القطاع الخاص جزء من الحل بان يمنح فرصة لفتح جامعات لابد من مطالبته بمستوى تعليمي جيد، وحثه على الالتزام بضوابط الجودة مثل نسبة الطالب إلى التدريسي، وتوفير المختبرات، ونظام خاص من القوانين. ومع ذلك لم تخلُ التجربة من مساوئ فالقطاع الخاص متهم بتغليب الربح على الجودة، ومع ذلك هناك من دافع عنه في هذا المجال إذ لو كانت الغاية الربح لتوجه رأس المال إلى مجالات أخرى ذات مردود مالي أكبر.المحور الرابع: الاعتماد الجامعي:عملية الاعتماد الجامعي يجب أن لا تكون اختيارية بالنسبة لجامعاتنا العربية وهي من الضرورات الملحة لأنها تسهم بشكل كبير في تطوير البرامج التي هي (أعضاء الهيئة التدريسية، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع). هناك الكثير من الاعتمادات الوطنية والإقليمية والعالمية. وهناك من الدول العربية من اعتمد الاعتمادات العالمية مثل قطر على اعتبار أنها مرت عليها مدة زمنية ليست بالقليلة وبالتالي فهي قوية ومتعارف عليها ومقبولة عالمياً. ولابد للجامعة التي تريد أن ترسي لها نظام جودة ( ويشمل كل مرافق الحياة العلمية)، يجب أن تكون لديها رؤية مستقبلية لعشرة أو خمسة عشرة سنة، وبعدها يجب أن يكون لها خطة لتحقيق هذه الإستراتيجية.التعليم الجامعي العربي أوضاعه الراهنة ومتطلباتهالدكتور هاشم حسن حسين الشهوانيجامعة الموصل/ مركز الدراسات الإقليميةالملخص تعد الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث في العالم معقلاً للفكر الإنساني في أرفع مستوياته، ومصدراً الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وهي الثروة البشرية. وعليه فإن جودة أداء التعليم في الجامعات العربية تحدد سمات مستقبل الدول العربية في خريطة العالم العلمية ومكانتها. وفي ضوء ذلك ناقشت الورقة موضوع التعليم الجامعي العربي بالتحليل عبر عدد من الفرضيات وركزت على أبرز عناصر العملية التعليمية (الطالب، التدريسي، المنهج، الإدارة الجامعية) سعياً لتطبيق مفاهيم إدارة الجودة الشاملة لضمان أفضلية المخرجات الأكاديمية.Arab University Education : Its Current Conditions and Requirements
Dr. Hashim Hasan Hussein AL-Shahwani
Regional Studies Center- Mosul University Summary
The universities, institutes and research centers in the world are considered as a center for the human thought in its highest level , and a source of investment and development of the most important society’s wealth which is the human wealth . Therefore, the quality of the performance of education in Arab universities determines the attributes of the Arab countries future within the world’s scientific and status map. In light of this, the paper discussed the Arab university education with analyzing through a number of assumptions and focused on the most prominent educational and operational elements ( students , teacher , curriculum , the university administration ) in an effort to apply the concepts of the total quality management to ensure the superiority of the academic outputs.