21 نوفمبر، 2012
التعليم العالي العربي في عالم متغير
-
استاذ التاريخ الحديث -العراق
مقدمــة :
لم تعد الجامعات في عالمنا المعاصر ميدانا للتدريس فحسب ، بل اتسعت مهامها لتكون مراكز للبحث والتخطيط للمستقبل باتجاه خلق القاعدة العلمية الرصينة(1) . ولقد أصبح من الضروري ، فيما يتعلق بالدول العربية ، أن تقوم الجامعات فيها ( بلغ عددها الآن قرابة 200 جامعة) ، بدور رئيس في البناء الاجتماعي ، والثقافي وتحقيق التنمية المستدامة ، وان تتوطد علاقتها بالمجتمع على كافة الأصعدة ، وان تسهم في العمل من أجل تحقيق قدر كاف من الرخاء المادي والمعنوي للفرد والمجتمع ، وذلك من خلال تعميق الجوانب الايجابية في الشخصية الإنسانية لمساعدتها في القيام بمهامها ( الدائمة) و ( الشاملة) في بناء المجتمع وهو ما يعرف بين علماء الاجتماع والاقتصاد بالتنمية المستدامة .. ومن الطبيعي أن تحقيق ذلك لايمكن أن يتم بخلو المجتمع من (مؤسسات) رسمية وغير رسمية ، ومن ( منظمات مجتمع مدني) ، ومن هياكل فكرية تتمثل اليوم بالجامعات التي تضم في أروقتها كليات ، ومعاهد ، ومراكز ومؤسسات علمية بحثية ، واجتماعية ،و بيئية ، يشترك في صياغتها القطاع الخاص مع مؤسسات الدولة (2)إن فقدان العلاقة بين الجامعة والمجتمع من شأنه أن يؤثر تأثيرا خطيرا على تحقيق أهداف ومشاريع التنمية المستدامة .. ليس هذا وحسب ، بل يعيق ما تسعى إليه الدولة من طموحات تستهدف التخلي عن عتبة التخلف ، وتخطيها من جهة ، وتحقيق التقدم المنشود من جهة أخرى . ويتعاظم دور الجامعة ، حين يشهد المجتمع عالم متغير بل وسريع التغيير ويواجه تحديات داخلية وخارجية تعرقل نهوضه وتقدمه (3)ولقد بات من الأمور المتفق عليها أن التقدم العلمي والتكنولوجي(التقني) ، والثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم اليوم ، يضع على الأمم ، التي تبغي النهوض ، مسؤوليات كبيرة وتحديات تدفعها إلى المبادرة في اقتناء تقنيات العصر واستخدامها من ناحية ، وتطوير أساليب التعليم من ناحية أخرى ، وبالشكل الذي يجعلها قادرة على مسايرة روح العصر الذي أصبح فيه العلم وتطبيقاته يشكلان عصب الحياة (4) .ومن هنا فان طبيعة التغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تفرضه ظروف التنمية المستدامة ، وارتباط ذلك بالتحولات في الميادين (الوطنية) و (القومية) و(الإنسانية) تقتضي من الجامعات أن تأخذ دورها في إحداث التغيير المطلوب .واقع الجامعات العربية ينبغي الاعتراف بادئ ذي بدء ، بان الجامعات العربية ، بالرغم من التقدم الذي حصل فيها ، لا تزال تعاني من نواقص عديدة في مجال تلبية متطلبات المجتمع ، فهي فضلا عن عدم قدرتها على مواكبة مستلزمات التغيير بعيدة عن تخطي العقبة التكنولوجية ، والمعلوماتية ، ومعنى هذا أنها لن تحقق بعد الحد الأدنى من رسالتها . ولا نريد الدخول في تفاصيل النواقص التي تعاني منها الجامعات ، لكن لابد من إيراد بعض آراء عدد من المربين والمفكرين العرب المهتمين بالتعليم العالي في الوطن العربي، فمنذ سنوات أصبح لدينا سجل موثق بالسلبيات والنواقص ، التي يعاني منها التعليم العالي وأبرزها أن الجامعات كانت ولا تزال تخرج سنويا أعدادا كبيرة من الطلبة الذين لا يمكنهم الإفادة من ثقافتهم ومؤهلاتهم فائدة ملموسة في مشاريع التنمية والخدمات . وقد سبق للدكتور المرحوم ادوارد سعيد (5) أن اتهم الجامعات في الوطن العربي بأنها تدار بشكل عام ، تبعا لنسق ما موروث عنه ، أو مفروض مباشرة من قبل قوة مستعمرة سابقة . أما الدكتور أنطوان زحلان(6) فيقف عند مسألة البحث العلمي ، ويكشف بجرأة شديدة ، النطاق المحدود جدا للنشاط العلمي في أقطار الوطن العربي .. وتظهر إحصائية نشرها صبحي القاسم(7) بان مرتبة بلدان الوطن العربي في معدلها العام في أدنى مرتبة من مناطق العالم في البحث العلمي بعد أفريقيا … وقد نشر الدكتور فارس ألشمري (8) مقالة جاء فيها أن الدول العربية متأخرة كثيرا في مجال البحث والتطوير (R and D) وقال لو أخذنا مثالا على توازن الإنفاق على أنشطة البحث والتطوير في بريطانيا لسنة 2001 نجد أنها أنفقت (19) مليار جنيه إسترليني وهو ما يعادل (1 … 88%) من الناتج القومي لبريطانيا GDP هذا بالمقارنة بـ (1 … 4%) وهو المعدل في دول العالم ولـ (0 … 3%) من أل GDP للدول الإسلامية و(1 … 15%) من أل GDP للدول العربية . أما الدكتور أسامة عبد الرحمن (9) فتناول جانبا آخر من رسالة الجامعات العربية ، ذلك هو دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية . ويرى أن الجامعات " لم تحقق بعد الحد الأدنى من رسالتها ، وهو إعداد المتخصصين في المجالات المختلفة ، وبالمستوى المطلوب لمواجهة احتياجات التنمية " . ويضيف : " أن الجامعات العربية لا تزال إلى حد كبير رهينة الدور التقليدي وتكاد تعيش في عزلة عن المجتمع ومؤسساته الأخرى ، فهي لا تمارس الدور النشيط والفعال الذي تمارسه الجامعات في الدول المتقدمة وخاصة من الخروج ببعض برامجها إلى خارج أسوارها " . ويناقش الدكتور عبد الباري الدرة(10) واقع ، ونوعية التعليم العالي ، وقدرة الجامعات العربية على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين فيقول : " أن الجامعات العربية ، لا تزال أسيرة المنظومة الفكرية التقليدية في فلسفتها ، ومناهجها ، وهياكلها ، وإدارتها ، وأساليب تدريسها ، وقلة بحوثها ، وضعفها ، وغياب برامجها في خدمة المجتمع ، وضعف مستوى خريجيها ، وانفصال معارفهم ومهاراتهم عن حاجة السوق ، وضعف دورها في التنمية ، والاهم من كل ذلك تقلص استقلالها الأكاديمي ، وغياب مشاركة العاملين فيها ، من أساتذة وطلبة ومنتسبين آخرين ، في صنع القرارات " .ويحدد الدكتور الياس زين (11) ، العيوب والنواقص التي تعاني منها الجامعات العربية ، ويقول إنها تتلخص بفقدان التوازن بين العلوم والآداب ، وانخفاض نسبة الجامعيين للسكان ، وبطالة خريجي الجامعات ، وهجرة أعداد كبيرة مهم إلى خارج البلدان العربية ، فضلا عن أن تأثير خريجي الجامعات العربية لا يكاد يذكر في مجال تطوير التقنية أسوة بما يفعله مثلا الخريجون في كل من اليابان وإسرائيل في تطوير التقنية الغربية المستوردة ، فإسرائيل مثلا استطاعت في اقل من جيل واحد (30 سنة) تطوير هذه التقنية ، والتوصل إلى تقنية متقدمة خاصة بها . ومن النواقص التي تعاني منها الجامعات العربية ضعف التنسيق بين بعضها البعض ، فكثيرا ما تهمل النشاطات والبحوث التي يقوم بها التدريسيون في الجامعات والمراكز العلمية في البلدان الغربية أو تكرر . هذا فضلا عن إهمالها القضايا والمشكلات العلمية ذات الأهمية على الصعيدين الوطني والقومي .أما الدكتور نادر فرجاني (12) ، فيشير إلى أن هناك أربعة توجهات استراتيجية ، صار ملحا أن تتضافر في عملية جادة لإصلاح جذري للتعليم العالي في البلدان العربية تبدأ دون إبطاء وهي : استمرار مسؤولية الدولة ، مع تحرير الجامعات من سلطات الحكومة،وإحداث هزة شديدة للمؤسسات الجامعية بهدف تحسين النوعية ، وإقامة نسق للتعليم العالي المرن من خلال إعداد أفراد قابلين للتعليم المستمر وبهذا يتعين أن تكتسب الجامعات مقومين أساسيين هما (التنوع) و (المرونة) .ويأخذ الدكتور عبد المالك خلف التميمي (13) على الجامعات العربية أنها تفتقر إلى فلسفة وأهداف تعليمية وتربوية متجددة ومجددة . ويقف الدكتور علي فخرو (14) عند متطلبات النهوض بالجامعات وأبرزها إخراج الجامعات من قبضة الدولة ، والسعي باتجاه دفع الجامعات لتخريج مواطنين يتمتعون باستقلالية الشخصية ،وروح المبادرة والقدرة على الإبداع والتفاعل الحي مع المعرفة . ويعتقد الدكتور صبحي القاسم استمرار ضيق قاعدة التخصصات المتاحة للطلبة في الجامعات ، وبناؤها قريبة من التخصصات التقليدية يضعف قدرتها على مواكبتها للطلب في سوق العمل .ما الدور المطلوب من الجامعات تحقيقه ؟إن الجامعات لا تستطيع تأدية دورها في عملية التغيير والتقدم والبناء الحضاري بدون تطور سياسي واجتماعي واقتصادي مواز ومواكب لتطورها في جو ديموقراطي يتيح الفرصة كاملة لحرية ( البحث) و ( الرأي) و (النقد) ، ويرى البعض أن الجامعات العربية تشكو أزمة حقيقة وهي جزء من أزمة التخلف العامة التي يعيشها المجتمع العربي . وقد انعكس ذلك على الجامعات ، فبدلا من أن تكون الجامعات (رائدة) في قيادة المجتمع وتغييره ، أصبحت (تابعة) تعكس سلبياته وتلهث وراءه !! (15)ولكي تقوم الجامعات بدورها المطلوب في ميادين ( التنمية المستدامة) ، و (التقدم التكنولوجي) ، و( الإسهام في الإنتاج) ، و (قيادة المجتمع الفكرية) لابد من إعادة النظر الجذرية في هياكل التعليم كله ، وأوضاع الجامعات وتحويلها من( مراكز تقليدية) لتخريج الطلبة إلى (مراكز لبناء جيل جديد) قادر على استيعاب المستجدات في العلوم والتكنولوجيا وثورة المعلومات المتدفقة ، وحتى تستطيع أن تؤدي دورها الفاعل لابد من التركيز على ضرورة تنمية التفكير العلمي ، واخذ قضايا المجتمع ومشاكله المعقدة بنظر الاعتبار … وإيجاد الحلول لها وخدمة المجتمع المهني والوطني والقومي والإنساني ، وبكلمة موجزة ، فان نوع فلسفة التعليم العالي وأهدافه المطلوبة ينبغي أن تكون فلسفة واضحة الأسس (علمية) (تطبيقية) تربط بين التنمية التربوية والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتنمية الثقافية وأخيرا التنمية السياسية . وهذا يتطلب تطوير المناهج الدراسية وجعلها أكثر ملائمة مع مقتضيات التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة (16) .وهناك اليوم اتجاه قوي في العالم يقوم على أساس ربط التعليم الجامعي بمواقع العمل والإنتاج ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول العالم ومنها الأردن مثلا أنواع من كليات المجتمع ذات مفهوم حديث تقدم خدماتها التربوية إلى المنطقة الجغرافية ، وهناك عدد من البلدان اعتمدت ( مبدأ الدراسة والعمل) ، أي أن العمل بات يشكل جزءا لا يتجزأ من منهاج الدراسة (17) .أما فيما يتعلق بدور الجامعة كمؤسسة تخدم حركة الإنتاج في المجتمع ، فان هذا لا يتحقق إلا بربط العلم والتكنولوجيا في حلقة واحدة تؤدي إلى التقدم التقني الذاتي من خلال خلق المناخ الملائم لإيجاد نوع من الارتباط الوثيق بين الجامعات ومؤسسات التعليم عموما والمؤسسات الصناعية ، وان يتم تحويل نتائج البحوث الأساسية في الجامعات إلى منتجات وأساليب جديدة أو تعديل وتحسين المتوفر فيها ، وان تصل بين التاريخ الفكري والتاريخ الطبيعي للإنسان وعلى مستوى مراحل امتلاك التقنية المعروفة المستقلة (18) .تقول الباحثة نعيمة حسن رز وقي في بحثها الموسوم : " الجامعات بين المعرفة والتطور التكنولوجي " (19) ، إن العلاقة بين المشاريع الإنتاجية والمؤسسات التعليمية والبحثية ينبغي أن تكون قوية ومستمرة ،و الإبداع لا يتحقق بمعزل عن الممارسة وتشخيص متطلبات المجتمع ، فالجامعات نشأت لتوفير (عنصر الإنسان) القادر على إيجاد وتطويع وتطوير أي صناعة،لصالح رفاهيته ، وازدهاره ، والمخطط التالي (20) يوضح التفاعل بين الجامعات والمشاريع الإنتاجية والخدمية وبما ينسجم مع تطوير المجتمع وتقدمه .إن دعوة الجامعات لكي تأخذ دورها الفاعل في تقدم المجتمع وتنميته ، ليست جديدة ، وثمة أدبيات ترجع إلى السنوات العشر الماضية تؤكد على ضرورة تعميق التعاون بين الجامعات ومؤسسات الدولة والمشاريع الإنتاجية والخدمية والقطاع الخاص ، إلا أن هذه الدعوات لم تجد لها صدى مناسبا ، فالجامعات في البلدان العربية عموما ، لم يتسن لها بعد أن تصبح مؤسسات أصيلة ذات بنية ذاتية تلبي حاجات المجتمــع. ويعزي الدكتور أسامة عبد الرحمن(21) ذلك إلى عوامل داخلية ، وأخرى خارجية . وهذه العوامل تتعلق من ناحية بنوعية القيادات الإدارية المهنية على تسيير الجامعات ، ونوعية القوى البشرية المسؤولة عن التعليم داخل الجامعات من ناحية أخرى . وأما العوامل الخارجية ، فترتبط بنوعية الحياة التي يعيشها المجتمع الذي توجد فيه هذه الجامعات في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وثمة فجوة واسعة وكبيرة بين الجامعات من جهة ومؤسسات الدولة والمجتمع من جهة أخرى ، هذه المؤسسات المستفيدة من خريجي هذه الجامعات . كما أن انعدام قنوات الاتصال بين الجامعات ، وتلك المؤسسات يقلص من دور الجامعات التنموي والخدمي . ويضيف الدكتور الياس زين (22) إلى ذلك قوله : أن نسبة طلاب الجامعات لمجموع الشباب والشابات في سن المرحلة الجامعية ضئيل جدا إذا ما قورن مع النسبة في البلدان المتقدمة ، حيث كان معدل الانتساب 50% للأشخاص من الفئة العمرية 18 ـ 24 سنة 1972 ، وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن نصيب التعليم العالي من جملة الملتحقين بالتعليم في البلدان العربية ما يقارب (5 … 3%) في التسعينات من القرن الماضي وهذه النسبة تقل كثيرا عن النسبة المقابلة في البلدان المتقدمة حيث تبلغ (17 … 6%) في سنة 1994 وهي في تزايد مستمر .ويتضح من هذه المقارنة أن الدعوة إلى تقليل التوسع في التعليم العالي والتي بدأنا نسمعها في بعض زوايا الحياة في مجتمعنا العربي ، وبحجج وذرائع مختلفة ، تنطوي على حرمان المجتمع العربي من القاعدة الأساسية للعلوم والثقافة والتنمية المستديمة والمتقدمة (23) .مقترحات إزاء هذه الواقع الذي تعاني منه جامعاتنا العربية ، ومن اجل أن تغدو هذه الجامعات مراكز للنهوض والتقدم والتنمية ،وبالقدر الذي يجعلها مستجيبة لظروف العالم المتغير ، لابد من إيراد بعض المقترحات وأبرزها ما يأتي :1 ـ السعي باتجاه استحداث نظام واضح يحقق ارتباطا بين الجامعات ومؤسسات المجتمع والدولة يقوم على وضع برامج عمل مشتركة تستهدف إجراء دراسات أو تهيئة حلول لمشاكل فنية أو غيرها أو إحداث تنمية بحوث تطوير تكنولوجيا ، ويمكن أن يحدد هذا النظام آلية للتعاون بين الباحثين من الأساتذة وطلبة الدراسات العليا والمشاريع الصناعية أو الشركات أو مؤسسات ومنظمات المجتمع (غير الحكومية)(24) 2 ـ تحقيق التكامل بين سياسة التعليم الجامعي ، وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،وتطوير المناهج الجامعية ، وبالشكل الذي يؤدي إلى تخريج كوادر قادرة على تلبية احتياجات المجتمع ومشاريع التنمية (25) 3 ـ إحداث هزة شديدة للمؤسسات الجامعية بهدف تحسين النوعية مع عدم السماح بإنشاء مؤسسات جديدة إلا بضمان مستوى نوعية أرقى جوهريا من المستهدف ولا يتم ذلك إلا بتفادي التكرار النمطي في نسق التعليم العالي ككل والتحول نحو نمط التعليم العالي المرن والمواكب لاحتياجات التنمية ووضع برامج فعالة لترقية قدرات هيئات التدريس والباحثين في الجامعات وتوفير المناخ العلمي الأكاديمي المناسب (26) 4 ـ تفعيل التعاون بين الجامعات العربية والوقوف بوجه النزعات القطرية التي تعيق العمل العلمي العربي المشترك والسعي نحو تبادل الأساتذة وإنشاء أساليب حديثة تحقق التخطيط لبحوث مشتركة والإسهام في مناقشة رسائل الماجستير و اطروحات الدكتوراه ، وتسهيل حضور الأساتذة الندوات والمؤتمرات العلمية التي تعقد على ساحة الوطن العربي ورفع كل القيود والحدود التي تعيق ذلك (27)5 ـ تحقيق مسألة استقلالية الجامعات وأبعادها عن التأثيرات الفكرية والسياسية التي تنتهجها الدولة والتأكيد على التمسك بالثوابت الوطنية والقومية والإنسانية ، أو ما يسمى بالمصالح العليا للدولة وللأمة عموما ، دون التدخل في تفاصيل الصراعات السياسية والحزبية والمذهبية وما شاكل (28)6 ـ اعتماد مبدأ الديمقراطية في اختيار القيادات الجامعية ابتداءا من رئيس الجامعة وانتهاء برئيس القسم العلمي ، وما لم تكن الجامعة مستقلة ماليا وأكاديميا ، وما لم تتوفر فيها حرية البحث والرأي فإنها لايمـكن أن تؤدي دورها المطلـوب في تحقيـق تقدم المجتمع وتنميته (29)7 ـ تطوير المناهج والدراسات في الجامعات حسب أهداف كل جامعة وبيئة توطنها واحتياجات المشاريع والمؤسسات التي يفترض أن ترتبط بها والابتعاد عن التنميط والتوحيد وبالشكل الذي يجعل من الجامعات وكأنها مدارس ثانوية كبيرة (30)8 ـ الاستمرار في فتح الحوار بين أساتذة الجامعات والمسؤولين في مؤسسات الدولة والمجتمع للوصول إلى صيغ أفضل للتعاون (31)9 ـ إعطاء المجال للتعليم الجامعي الأهلي والأجنبي وتشجيعه على فتح تخصصات جديدة لا تتوفر في التعليم الجامعي الرسمي مع ضمان تحقيق نوع من التعاون بين القطاعين التعليميين الحكومي والأهلي وبقاء إشراف الدولة الفكري على مؤسسات التعليم الأهلي والأجنبي ووفق ضوابط تلتزم بثوابت الوطن وخصوصياته مع متابعة وحل إشكالية التمويل وقبول المساعدات المالية من الخارج(32) 10 ـ تشجيع أساتذة الجامعات وتحفيزهم ( ماديا ومعنويا) وحثهم على الغور في أعماق المجتمع ، والتفاعل مع كل قطاعاته ومواكبة حركة التغيير الاقتصادي والاجتماعي والمعلوماتي والتأكيد عليهم بان مجال (الترف الاجتماعي) و (البروج العاجية) غير مستساغ في عصرنا الحاضر ، وان عليهم التصدي لمشكلات بلدهم والإسهام في وضع حلول من خلال بحوثهم ودراساتهم (33) 11 ـ وبالمقابل دعوة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة لطرح احتياجاتهم ومشاكلهم التي تعترض عملهم الإنتاجي والخدمي والمعرفي أمام الباحثين وأساتذة الجامعات ، وكما هو جار في العالم المتقدم حتى يمكن وضع حلول لمشاكل العمل أو اقتراح بدائل للتطوير (34) .12 ـ تسهيل حركة الأساتذة والباحثين،وطلبة الدراسات العليا ، وتقليص الروتين ، والابتعاد عن المنغصات ووضع العراقيل الإدارية والمالية والتي لها انعكاسات سلبية على عملهم العلمي والبحثي (35) .13 ـ وأخيرا تسهيل اتصال الأساتذة بما يدور حولهم في العالم من حركة متسارعة تشمل في مظاهرها كل جوانب الحياة ،وتشجيعهم على حضور المؤتمرات والندوات وورش العمل والبرامج والدورات التدريبية والإجازات العلمية .خاتــمة :إن الأستاذ الجامعي ، لا يستطيع أن يكون طرفا نشيطا في تقدم المجتمع وتنميته وقدرته على مواجهة متغيرات العالم المتسارعة إلا من خلال حركتين أساسيتين ، أولهما : حركة الحياة اليومية والاعتيادية بما فيها من جوانب عملية تغني الجانب النظري لديه . وثانيهما : حركة العالم من حوله بما فيه من تيارات سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية . وعلى الأستاذ الجامعي أن يدرك بأنه يحمل (رسالة) هي اقرب في كل المقاييس ، إلى رسالة الرسل ، والقادة ، والمصلحين ، ويتطلب منه ذلك أن يكون متقدما على غيره من العاملين في مؤسسات الدولة منصرفا إلى البحث والدراسة . والأستاذ الجامعي ، باعتباره المؤهل علميا ، كفاءة وخبرة ، لهو اقدر على نقل أحدث التطورات العلمية النظرية والتطبيقية في شتى الاختصاصات إلى الطلبة وغيرهم عن طريق التدريس ، والبحث ، والعمل في المختبرات ، وإقامة الندوات والمؤتمرات العلمية ، والقاء المحاضرات والإشراف على طلبة الدراسات العليا وتدريسهم ، ونشر البحوث والدراسات والمقالات في حقل اختصاصه هذا فضلا عن ما يتوقعه المجتمع من الأستاذ الجامعي أو في الحقيقة ما يصر عليه ، وهو ان (الأستاذ) ينبغي أن يكون قدوة في سلوكه ، ومثالا طيبا يحتذي به ، لا بالنسبة لطلبته فحسب ، بل بالنسبة إلى بيئته كذلك ، ويرى البعض من الكتاب إن النظرة السائدة للأستاذ في المجتمع ، لا تختلف عن النظرة إلى (رجل الدين) ،وإذا كان الأستاذ الجامعي كذلك يحق لنا أن نتحدث عن دور الجامعات في إحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي والفكري في المجتمع وبما يساعد على التقدم والتنمية والتغيير والبناء . الهوامــش : (1) انظر : إبراهيم خليل احمد (العلاف) ، " الجامعة مركز للبحث والتصور" ، مجلة الجامعة ، الموصل ، السنة (11) ، العدد (10) ، تموز 1981 ، ص 77 .(2) انظر : عبد الستار كريم ألمرسومي " من اجل تنمية دائمة في العراق " ، جريدة الصباح ، بغداد ، 13 آذار / مارس 2005 .(3) انظر ياسين خليل ، " دور الجامعة في الدول النامية " ، مجلة آفاق عربية ، بغداد ، السنة (1) ، العدد (1) ، أيلول / سبتمبر 1975 ، ص 33 .(4) نعيمة حسن رزوقي ، " الجامعات بين المعرفة العلمية والتطور التكنولوجي " ، مجلة آفاق عربية ، بغداد ،السنة (18) ،العدد (12) ، كانون الأول / ديســمبر 1933 ، ص47 .(5) انظر كتابه : " الاستشراق : المعرفة ، السلطة ، الإنشاء " ، ترجمة كمال أبو ديب ، ( بيروت ، 1981) ص 319 .(6) انظر كتابه : " العلم والسياسة العلمية في الوطن العربي " ، ( بيروت ، 1980) ، ص ص 28 ، 40 ـ 41 . (7) عنوان الدراسة التي نشرت فيها الإحصائية هو " أفكار في مسيرة البحث العلمي والتطور التجريبي في بلدان الوطن العربي " نشرة المنتدى ، عمان ، العدد (139) نيسان 1997 ، وأدناه التفاصيل الإحصائية .بعض المؤشرات المهمة في تحليل واقع تمويل البحث والتطوير البلد أو البلدان سجل الدخل بالمليار دولار مجموع الإنفاق على البحث بالمليون دولار نسبة الإنفاق الى الدخلالوطني% جملة الباحثين بالآلاف عدد الباحثين لكل مائة ألف نسمة تكلفة الباحث السنوية بالإلف دولار بلدان الوطن العربي 487 535 1،1% 15 … 2 6 36إسرائيل 73 1774 2 … 43 10 … 9 2 … 5 162تركيا 131 524 4 … 0% 16 … 8 27 31أسبانيا 483 3959 8 … 2% 80 … 4 2 … 6 49العالم 25600 535900 2 … 1% 3400 61 156(8) وعنوان مقاله : "أنشطة البحث والتطوير في العراق: مراجعة تاريخية ورؤية مستقبلية " جريدة الصباح ، بغداد ، 7 نيسان / ابريل 2005 .(9) انظر كتابه : " البيروقراطية النفطية ومعضـلة التنميـة "،(الكـويت ، 1982) ، ص ص 223 ـ 243 .(10) انظر : " ندوة نوعية التعليم العالي " ، وقائع نشرة المنتدى ، عمان ، المجلد (13) ، العدد (157) ، تشرين الأول /أكتوبر 1998، ص 11 .(11) انظر : " الجامعات وتحديات التنمية في الوطن العربي " مجلة قضايا عربية ، بيروت ، السنة (6) ، العدد (4) ، آب 1979 ، ص ص 301 ـ 306 .(12) انظر : " إحصاءات التعليم العالي في الوطن العربي " ، مجلة المستقبل العربي ، بيروت ، السنة (21) ، العدد(237) تشرين الثاني /نوفمبر ،998 ،ص ص 102 ،106 .(13) انظر : "التعليم العالي والتنمية في منطقة الخليج العربي " ، مجلة المستقبل العربي ، العدد(152)، 1985 ، ص ص 73 ـ75(14)[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]