30 يناير، 2013
مستقبل العلاقات العراقية- التركية في ضوء الأزمة السورية والإيرانية
د. حامد السويدانيمدرس /مركز الدراسات الإقليمية / قسم الدراسات التاريخية والثقافيةجامعة الموصلالمقدمة:-العلاقات التركية الإيرانية السورية قبل حركات التغير العربيفيما يخص العلاقات التركية الإيرانية فقد شهدت تقاربا ملحوظا مع مجئ نجم الدين أربكان إلى السلطة في تركيا في 29حزيران 1996 وكان أول زيارة قام بها اربكان الى إيران بتاريخ 10آب1996 أي بعد (40) يوماً من تسلمه الحكومة في أشارة واضحة لتوجه السياسة التركية إلى الشرق ويعد تحسين العلاقات مع إيران ضرورة أمنية واقتصادية واستراتيجية للتنسيق بينهما في آسيا الوسطى.وقد كان للفوز الكاسح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في أنتخابات3 تشرين الثاني2002 وتشكيله الحكومة بمفرده ردود فعل إيجابية في إيران إذ وزعت الحلوى في الشوارع الإيرانية احتفاء بذلك وتحدثت القنوات الإعلامية الإيرانية قائلة: أن الشعب أدار ظهره للأحزاب العلمانية وتوجه للأحزاب الإسلامية ، وقد حرصت الدولتين على التواصل والتصرف ذرائعيا (برغماتياً) نوعاً ما تجاه بعضها البعض ورغم الأزمات الدبلوماسية الصغيرة بين الحين والأخر إلى أنها تنتهي عادة بتنحية الخلافات الدينية والأيدلوجية جانباً.وقد لعب العامل الاقتصادي دوراً مهماً من خلال تشجيع حزب العدالة والتنمية لزيادة المبادلات التجارية مع إيران فضلاً عن حضور العامل الأمني في العلاقات اذ ثمة تعاون مثمرا بين الدولتين في القضايا المتعلقة بالمسلحين الأكراد (حزب بيجاك الكردي الإيراني وحزب العمال الكردستاني التركي) وكذلك تهريب المخدرات عبر الحدود وتوحيد الجهود في مجابهة حركة طالبان في أفغانستان والقلق المشترك من تفكك العراق.أما فيما يخص البرنامج النووي الإيراني فرغم النظرة السلبية داخل تركيا تجاه احتمالات التسلح النووي الإيراني فأن هذه القضية لا تحتل أولوية قصوى داخل تركيا عند مقارنتها بالقضية الكردية حتى بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية التركية فتركيا أقوى بكثير من إيران في مجال الأسلحة التقليدية أن مصدر قلق تركيا الرئيسي يكمن في الكيفية التي تؤثر بها الأسلحة النووية الإيرانية في معادلات توازن القوى في المنطقة وأشار استطلاع الرأي في حزيران 2003بشـأنأمكانية حدوث مواجهة أمريكية إيرانية إلى أن 55% من الأتراك أفادوا بأنهم يفضلون البقاء على الحياد بينما فضل 24% الوقوف مع إيران ، ورغبت أقل من 17% الانحياز إلى الولايات المتحدة الأمريكية والأرجح أن تتبع تركيا خط الاتحاد الأوربي بالتعامل مع المشكلة النووية . وبالرغم من أن اوردغان طمأن إيران بأنه لن يسمح باستخدام المجال الجوي التركي في هجوم إسرائيلي على إيران فقد بذلت واشنطن مساعي دبلوماسية في أوائل عام 2006 في تجنيد تركيا في عملية الضغط على إيران وسوف يستمر حزب العدالة والتنمية في مساعيه لتحسين العلاقات مع إيران كجزء من سياسته القائمة على (مبدأ حسن الجوار) وهو أحد مبادئ سياسة (رؤية العمق الاستراتيجي) وفيما يخص موضوع الدرع الصاروخي الأمريكي في تركيا وكانت إيران قد عبرت عن عدم رضاها على موافقة تركيا على نصب أنظمة رادار مبكر ضمن منظومة الدرع الصاروخي واعتبرت إيران ذلك وسيلة لحماية إسرائيل من أي هجوم مضاد قد تقوم به ايران اذا استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية وتقول واشنطن أن الدرع الصاروخي يهدف إلى مواجهة تهديدات مصدرها الشرق الأوسط وخصوصاً إيران وقال مسؤولين إيرانيون أنه في حال تعرض بلادهم لهجوم فأن القوات المسلحة الإيرانية سترد على إسرائيل ولكن هذه المرة تتحدث قيادة الحرس الثوري الإيراني عن أمكان أاستهداف تركيا وقد شهدت العلاقات التركية الإيرانية توتراً خلال هذه السنة بسبب نظام الدرع الصاروخي والانتقادات والتدخلات التي تقوم بها تركيا في سوريا ونظام بشار الأسد ، ويدرك الإيرانيون جيداً أن الدرع الصاروخي فكرة أمريكية وتنفيذ أطلسي ومشاركة تركية وبالتالي أن تذكير (انديرس فوج رامسوسين) أمين عام حلف الناتو من أن المادة الخامسة من نظام الحلف تقضي باعتبار أي هجوم على بلد أطلسي هجوم على كل الدول هو رسالة إلى أن تركيا ستكون شريكة في الدفاع عن أي بلد أطلسي يتعرض لهجوم والعكس صحيح أيضاً أي أن تركيا ستحظى بحماية حلف الأطلسي إذا تعرضت لهجوم غير أن وظيفة الدرع الصاروخي في تركيا ربما تجاوزت حدود الدفاع عن الأمن القومي التركي إلى الدفاع عن شبكة الدول المرتبطة بالغرب وكذلك إسرائيل .أما فيما يتعلق بالعلاقات التركية السورية فهي من أكثر العلاقات توترا ًمن بقية دول الجوار الجغرافي بحكم الموقع والتاريخ والتدخل الأثني فضلاً عن المشاكل المعقدة بين الدولتينفي الماضي والحاضر مثل مشكلة الاسكندرونة(هاتاي) والمشكلة الكردية والمياه والأقلية العلوية فضلا عن التحالف الوثيق بين تركيا واسرائيل وأثره على أمن سوريا.وفي عام 1998 تفجرت أزمة بين الدولتين من خلال تصريحات كبار المسؤولين الأتراك بالانتقام من سوريا رغم أن الجانب السوري تعامل مع الأزمة بشكل هادئ وكادت تلك الأزمة أن تصل بالبلدين إلى حافة الحرب العسكرية لولا التعامل العقلاني للحكومة السورية وجهود الوساطةالتي قامت بها مصر وإيران لتطويق الأزمة والتي انتهت بتوقيع اتفاقية جديدة بين سوريا وتركيا في 12 تشرين الأول 1998 عرفت بأسم (اتفاقية أضنة) وبدأ المشهد السياسي يختلف تماماً عما كان عليه قبل أتفاق اضنة 1998 وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى رأس السلطة في تركيا شهدت العلاقات تحسناً ملحوظاً في سياق تفاهم الحكومتين السورية والتركية حول إعادة تعريف كل دولة لوزنها ودورها الاقليمي في المنطقة ففي تركيا هناك أجماع على انه في مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 تقف البلاد وسط متغيرات جيو سياسية وأستراتيجية جديدة ومن خلالها تدرك سوريا أنها لا تملك أسباب القوة السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي تملكها تركيا فأن المطلوب منها هو تغير النهج والتوجهات بما يتوافق والمستجدات الجديدة ففي عام 2002 زار رئيس الأركان السوري (حسن توركماني) تركيا ووقع أتفاقا للتعاون الأمني، كما حققت زيادة الرئيس السوري بشار الأسد لتركيا نموا كبيرا في مجال الاقتصاد اذ وصلت إلى (800) مليون دولار عام 2004 ويسعى الجانبان لزيادة التبادل التجاري إلى (2) مليار دولار في المستقبل فضلا عن التعاون الامني في مجال مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وتسليم المجرمين والهجرة غير الشرعية، كما قام وزير الخارجية التركية آنذاك عبد الله كول بزيارة رسمية إلى دمشق في 22 آب 2006 التقى فيها الرئيس السوري بشار الأسد أعقبها زيارة الرئيس السوري بشار الاسد لتركيا في تشرين الاول عام 2007، وقام رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بزيارة إلى سوريا في 26 نيسان 2008 وكذلك زيارة الرئيس السوري لتركيا في 16 ايلول 2009 تبعها زيارة اخرى للاسد في 8 ايار 2010 وتوقيع اتفاقيات جديدة، وقد لخص رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان علاقة بلاده بالجمهورية السورية اثناء كلمة القاها أمام المشاركين في (منتدى التعاون العربي التركي) في استانبول بتاريخ 10 حزيران 2010 قال فيه (تركيا كانت في بداية القرن الحالي على ابواب الحرب مع سوريا وبعد ان توليت الرئاسة عام 2002 تحولت الدولتان سوريا وتركيا إلى دولة واحدة واسرة مشتركة واصبحت تركيا هي سوريا وسوريا هي تركيا). المحور الأولالعلاقات التركية السورية الايرانية بعد حركات التغير العربي (الربيع العربي: في هذه المرحلة التي تشهد متغيرات اقليمية كبيرة متمثلة بحركات التغير العربية أو ما يطلق عليها اعلاميا (الربيع العربي) وكذلك تفاقم ازمة البرنامج النووي الايراني وتوتر العلاقات الايرانية الامريكية وكذلك تصاعد التهديد الاسرائيلي لضرب المفاعل النووي الايراني وكذلك التحالف الايراني السوري وموقف ايران من الانتفاضة السورية كل هذه الامور جعلت تركيا في حالة من الارتباك السياسي. وباعتقادي ان حركات التغير العربية والانتفاضة الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية كانت مفاجئة بالنسبة لتركيا وقد وضعت هذه الاحداث تركيا في الواجهة اذ شكلت اختبارا صعبا وتحديا كبيرا للسياسة الخارجية التركية نظراً لكثافة الاستثمار الاقتصادي التركي في منطقة الشرق الاوسط وذلك على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي اذ تحولت تركيا بفضل تحركاتها وتفاعلاتها حيال القضايا العربية إلى طرف رئيس وفاعل مركزي على مسرح الاحداث ان الاستثمار التركي في منطقة الشرق الاوسط انعكس في المواقف الايجابية الي تبنتها تركيا ازاء قضايا العرب المركزية لاسيما حيال الغزو الامريكي للعراق 2003، والصراع العربي الاسرائيلي والموقف الايجابي الذي اقدم عليه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في منتدى دايفوس الاقتصادي العالمي DAIVOS 2009وانفتاح تركيا على الاطراف العربية سواء على المستوى الرسمي أو الدولي أو على مستوى الفاعلين من غير الدول (كحزب الله اللبناني) و(حركة المقاومة الإسلامية حماس) وحركة الاخوان المسلمين فضلا عن محاولة تركيا كسر الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة. لقد فرضت احداث حركة التغيير العربية على الدبلوماسية التركية تحديات تتعلق بالحفاظ على علاقات وثيقة مع هذه الدول وكذلك مساندة الشعوب الثائرة وقد تنوعت المواقف التركية وبدأت تختلف من حالة لاخرى على نحو دفع بعض الاتجاهات للحديث عن (الميكافيلية التركية) حيث المصالح والمنافع التركية المتغيرة أفضت إلى مواقف متباينة. وعند اندلاع الانتفاضة السورية جدد وزير الخارجية التركية احمد داؤد اوغلو موقف بلاده القائم على اعتبار ان ما يحدث في سوريا شأن داخلي وقال اوغلو خلال مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع وزير خارجية جنوب افريقيا (ماييت مكوانا ماشابافي): (عندما يجري الجيش السوري عمليات عسكرية في المدن يجب محاربة المسلحين بطريقة لا يعاني منها السكان المدنيين) وقال ايضا: (ان السلطات السورية يجب ان تضمن الامن في البلاد وتنتقل إلى الاصلاحات السياسية) واضاف ان بلاده تعمل وفق مبدأ (صفر مشاكل) ولا وجود لاي مشاكل مع الجيران) ولكن الموقف التركي تغير رأسا على عقب عندما صرح اوغلو بان بلاده ستقف إلى جانب الشعب السوري واتهم القيادة السورية بقتل المدنيين المتظاهرين وسارعت تركيا إلى عقد ما يسمى بـ(مؤتمر رابطة العلماء المسلمين لنصرة ودعم الشعب السوري) وارتفعت حدة الخطاب السياسي لدى الحكومة التركية تجاه سوريا وترى الحكومة التركية ان نظام بشار الاسد يقوم بدعم عناصر حزب العمال الكردستاني P.K.Kداخل الاراضي التركية لزعزعة الاستقرار ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في خطابه امام الامم المتحدة على ضرورة تنحي الرئيس السوري. جاءت الازمة السورية في وقت تشهد العلاقات التركية الايرانية توتراً على اكثر من صعيد ففي ظل التداعيات الملفتة (للربيع العربي) اطلت علامات استفهام متسائلة عن امكانية تأثر اسس العلاقات التركية الايرانية فعل سبيل المثال الدرع الصاروخي الاطلسي اذ سلطت موافقة تركيا المثيرة على استضافة الرادارات الخاصة بالدرع الصاروخي ببلدة (كوراجيك) بولاية (ملاطيا) التركية الحدودية مع ايران الضوء على مدى تفاقم ازمة الثقة التي خيمت على العلاقات التركية الايرانية في ظل (الربيع العربي). وعلى الرغم من الحذر النسبي الذي سلكته تركيا في علاقاتها مع ايران منذ بداية الاحداث في سوريا والجميع يعرف ان حكومة تركيا برئاسة رجب طيب اردوغان التي دخلت تحالفا ستراتيجيا مع الجبهة التي تمثل كل من السعودية وقطر لن تتأخر في اعلان موقف واضح في موضوع ايران وجاءت تصريحات رئيس الاركان الايراني (فيروز ابادي) الذي حمل تركيا والسعودية وقطر مسؤولية الدماء التي سفكت في سوريا لتضع تركيا امام تحديات حاسمة وواضحة في علاقاتها مع ايران التي اتهمها بعض المسؤولين الاتراك منذ البداية بالانحياز إلى جانب الرئيس السوري بشار الاسد لاسباب مذهبية حسب ادعاء الساسة الاتراك واستغلت حكومة اوردوغان تصريحات فيروز ابادي وسعيد جليلي في سوريا لتعلن موقفا واضحا على لسان اوردوغان واوغلو الذي اعتبر ان ايران شريكا للرئيس السوري في قتل الشعب السوري، وصادفت كل هذه التطورات السريعة الاشتباكات العنيفة التي تشهدها منطقة (هكاري) جنوب شرق تركيا بين اعضاء حزب العمال الكردستاني والجيش التركي الذي اعلن ان المنطقة محظورة ومنع الجميع بما فيهم الاعلاميين واعضاء البرلمان دخولها واتهمت مصادر حكومية تركية ايران وسوريا بدعم العناصر المسلحة.المحور الثاني مستقبل العلاقات العراقية التركيةيتفق السياسيين الاتراك والعراقيين على اهمية العلاقات العراقية التركية وضرورة تكاملها وتطورها خدمة للمصالح المشتركة بينهما بحكم الموقع الجغرافي وارتباطها بالملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعددة. ان تكوين العراق وتركيا في العصر الحديث لم يمر دون مشاكل وتركات ثقيلة منها ازمة كركوك والموصل والمشكلة الكردية ومشكلة المياه ومشكلة الاقليات العرقية التركمان في كركوك والعرب في تركيا وكذلك المشاكل التي قد تنجم عن ارتباط تركيا الوثيق مع اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي واثره على الوطن العربي والعراق خصوصا. ومنذ التاسع من نيسان 2003 دخل العراق وتركيا مرحلة جديدة في علاقتهما السياسية التي شهدت تغير في انظمتها السياسية فحزب العدالة والتنمية والانتصارات الكبيرة التي حققها في الاعوام 2002، 2007، 2011 وما شهده العراق من تغير في نظام الحكم بعد سقوط نظام الحزب الواحد اذ شهد العراق بنية مغايرة كليا للتراث السياسي للدولة العراقية . ان السياسة التركية كانت تتعاطى مع الشأن العراقي انطلاقا من ثلاث قضايا هي الاكراد وكركوك والموصل مع دخول متحفظ ومتذبذب على خط الطائفية السياسية لكن ومنذ العام 2008 اعتمدت تركيا نسقا جديدا تمثل برؤية الثقل الحقيقي للعراق و انه عليها ان تعمل على اختراق الجبهات السياسية والاقتصادية والثقافية العراقية اذا ما ارادت التأثير والمساهمة في صناعة مستقبل العراق وذلك بالانفتاح على القوى السياسية والدينية والاقتصادية (الشيعية) تحديدا بما في ذلك الانفتاح الكبير على حكومة نوري المالكي وبذلك سجلت تركيا قبولا واسع النطاق لكافة الاعراق والطوائف العراقية وحققت حضورا متميزا رحبت به كافة الاوساط السياسية والشعبية العراقية حتى اصبحت تركيا ثاني شريك تجاري للعراق بعد المانيا. لكن هذا التطور لم يصمد امام بنية اللحظة المأزومة بوعي وارادة واضحة وها هي اليوم تهدد بنسف هذا التطور، قد تكون مشكلة اللحظة التركية الراهنة في التعاطي مع العراق تنبع من محاولة تركيا رسم مركزها الجديد على ضوء المتغيرات الجذرية في منطقة الشرق الاوسط اثر موجة (الربيع العربي) التي تجتاح المنطقة العربية. ان رؤية (العمق الاستتراتيجي) لوزير الخارجية احمد داؤود اوغلو لم تعد ذا فاعلية في التعاطي مع منطقة ملتهبة ومتغيرة ومنقسمة عرقيا وطائفيا فهذه الرؤية التي بنت السياسة التركية وعبدت لها الطريق تفترض ضمنا منطقة جيوسياسية مستقرة وذات بنى سياسية راسخة ومن هناكانت احدى اهم مركزيات الرؤية التركية هو (مبدأ تصفير المشكلات) ومبدأ (تركيا المركز) القائم على اساس من مبادرات دبلوماسية منتظمة ومتتابعة ومثل هذه السياسة تتطلب التعامل معالدول وليس مع الحركات الشعبية فلم تعد الرؤية التركية ذات جدوى مع بروز قوى سياسية تمثل الدول ولم تعد ذات فعالية مع تنامي الانقسامات المجتمعة في الدول التي تشهد حراكا ثوريا. ان المتتبع للسياسة التركية يرى فقدانها للريادة الاقليمية مع تنامي مدى التغير في الشرق الاوسط ويلحظ انهيار رؤية (العمق الاستتراتيجي) وانها لم تبلور بعد ستتراتيجية لمرحلة الثورات ولمرحلة ما بعد التغير الشرق اوسطي بل يلحظ المراقب بوادر وقوع السياسة التركية في شرك العرقية والطائفية اذ يلعب العراق دورا حاسما في التأثير على تركيا ومصيره كدولة يعني لتركيا الشيء الكثير سياسيا واقتصاديا وعلى تركيا ان تضع سياستها تجاه العراق ضمن سياق محدد بعيداً عن التذبذب أو المراوحة والتقلب. اما فيما يخص مستقبل العلاقات العراقية التركية:1- الاحتمال الاول: (تراجع العلاقات العراقية التركية) يرى هذا المشهد بان السياسة التركية تجاه العراق معرضة للتراجع السلبي وستتعرض للتقيد في تأدية دورها المطلوب في العراق وستخفق في تحقيق اهدافها المنشودة بسبب العديد من الاحتمالات والمتمثلة بما يلي:أ- هناك عامل يؤدي إلى اعاقة السياسة التركية تجاه العراق والمنطقة العربية ككل هو دور المؤسسة العسكرية التركية والنخب العلمانية المتطرفة التي ما زالت تعتبر نفسها امينة على مبادئ الجمهورية العلمانية لذا نجدها تنشد في معارضتها لاقامة أي علاقات وثيقة مع المنطقة العربية وترى هذه النخب ان من مصلحة تركيا القومية والمستقبلية الابتعاد عن المنطقة العربية ومواصلة جهود اندماجها في الاتحاد الاوربي الغربي، وسوف يشكل هذا التيار عقبة اساسية في طريق تطور العلاقات العراقية التركية في حالة وصوله إلى حكم تركيا في الانتخابات القادمة.ب- ان تولي حكومات عراقية للسلطة ذات توجهات بعيدة عن التوجهات التركية سببا فاعلا ومؤثرا في تراجع العلاقات العراقية التركية أو اعاقتها بفترة معينة.ت- قد يؤدي استمرار الاختلافات بين الولايات المتحدة الامريكية وتركيا حول عدد من القضايا العالقة إلى اعادة نظر الولايات المتحدة في تحالفها مع تركيا، والتوجه إلى البحث عن شريك استتراتيجي جديد يأخذ على عاتقه القيام بالدور الذي كانت تؤدي به.ث- تعد عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوربي من اهم المحددات التي تفيد خيارات السياسة الخارجية التركية في العراق وتركيا تعلم ان الاتحاد الاوربي سينظر نظرة سلبية إلى أي تدخل عسكري في العراق لوقف الاكراد عن تحقيق الاستقلال ولا يتضح ما قدج- يكون رد فعل الاوربيين على تدخل عسكري تركي في صف الاقلية التركمانية اثر أي صدمات عرقية عنيفة أو أي هجوم تركي على معسكرات حزب العمال الكردستاني بدون اذن الولايات المتحدة وهذا سيقيد السياسة التركية تجاه العراق.ح- تزايد الطموح الايراني الذي يسعى إلى زيادة تحالف اقليمي يشمل العراق وسوريا وحزب الله في لبنان وان تركيا لا تملك تحالفا كهذا رغم علاقتها الثنائية مع مصر والسعودية كما ان التطورات الجارية افسحت المجال لايران ان تشارك الولايات المتحدة في تقرير مصير العراق.2- الاحتمال الثاني: (استمرار الوضع الراهن): يعد استمرار الوضع الراهن في سياسة تركيا المستقبلية تجاه العراق احد المشاهد المحتملة اذ يفترض عدم تأثير أي مصلحة من المصالح التركية في العراق.مصادر المقالة: 1- جراهام فولر، الجمهورية التركية الجديدة: تركيا كدولة محورية في العالم الاسلامي، ط1، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستتراتيجية (ابو ظبي – 2009).2- حسين درويش العادلي، العلاقات لعراقية التركية… قراءة على ضوء التوتر،http://www.almowatennews.com3- بشير عبد الفتاح: تركيا وايران والازمة السورية… مجلة الديمقراطيةhttp://www.democracy.ahram.org.eg4- Hugh Pope, Peter Harling5- تركيا والانتفاضات العربية… من (تصفير المشكلات) إلى مشكلات لا حصر لها، صحيفة الشرق الاوسط 26 نوفمبر 2011. http://www.aawsat.com6- محمد نور الدين، تركيا وايران: مرحلة جديدة من انعدام الثقة، مركز الاعلام التقدمي نقلا عن شبكة الانترنت http://www.alealamy.net7- جراهام فولر، الجمهورية التركية الجديدة: تركيا كدولة محورية في العالم الاسلامي، ط1، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستتراتيجية (ابو ظبي – 2009).8- حسين درويش العادلي، العلاقات لعراقية التركية… قراءة على ضوء التوتر،http://www.almowatennews.comمشاركة الخبر