17 سبتمبر، 2012
دور العوامل الاقتصادية في حركات التغيير في العالم العربي
دور العوامل الاقتصادية في حركات التغيير في العالم العربي د. طه يونس حمادي استاذ مساعد- قسم ألاقتصاد كلية الادارة والاقتصاد جامعة الموصل شهدت المنطقة العربية في عام 2011موجات من التغيير والتحول الديمقراطي ،إذ بدأ العالم العربي بتفكيك بنية النظم السلطوية بفعل انتفاضات شعبية في مناطق مختلفة من العالم العربي. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة بين النظم العربية فأن هذه النظم كانت متشابهة في الكثير من الخصائص والسياسات ،ولذلك كانت مطالب القوى الثائرة متشابهة إلى حد بعيد ،وقد تركزت هذه المطالب في إطلاق الحريات السياسية وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،وقد أسهمت عوامل عديدة في حركات التغيير ،منها الإقصاء والتهميش والمعاناة من اوضاع معيشية متدهورة على الرغم من الثروات البشرية والطبيعية الهائلة التي تتمتع بها المنطقة العربية فقد شهدت في العقود الأخيرة من القرن الماضي والعقود الأولى من القرن الحالي خللا كبيرا في منظومة توزيع الثروة،حيث استأثرت نخب ضيقة ذات ارتباط وثيق بالسلطة ،بينما همشت قطاعات واسعة من المجتمع ،وقد تزايدت تلك الظاهرة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ مع التوجه نحو تبني آليات السوق وتحرير التجارة وتراجع دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي.كما عانت المنطقة العربية من القمع والاستبداد وغياب الحريات ،وتعرضت لانتهاكات واسعة لحقوق البطالة إلى مستويات عاليةوتتركز بشكل كبير في أوساط الشباب المتعلم تصل الى نحو 95%من الشباب العاطل عن العمل ،وتعاني هذه الفئة من المجتمع من تدني مستويات الأجور وسوء ظروف العمل إذ يعمل نحو 72% من الشباب في القطاع غير الرسمي ،وقد اثر كل ذلك سلبا َفي الظروف الاجتماعية للشباب في الوطن العربي ،و تعرض الشباب في الوطن العربي إلى إقصاء سياسي واضح .حيث أدى غياب الحريات السياسية والمدنية وضعف أو غياب الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لانتهاكات صارخةلحقوق الإنسان أدت إلى انصراف الشباب عن المشاركة السياسية من خلال القنوات الشرعية ،ونعتقد إن العوامل الاقتصادية كان لها دوراً فاعلا ًفي تأجيج حركات التغيير في العالم العربي ،فعلى الرغم من الثروات المادية الهائلة التي يتمتع بها العالم العربي،فان النظم العربية قد أخفقت في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ،فلا زالت قطاعات واسعة من الشعوب العربية تعاني من الأمية والبطالة وتدني مستويات الدخل وغياب الخدمات ،وتزايد الفجوة بين الطبقات والمناطق في الدولة الواحدة ، مما ادى الى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتفشي الفساد بشكل واسع ،وان هذا التطور قد شمل مؤشرات اقتصادية عديدة منها العجز المستمر في الموازنة العامة وتراجع الإنفاق على التعليم وتدهور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي او من الدخل القومي وانخفاض نسب الإنفاق على الصحة وتزايد حجم الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي GDP او تزايد خدمة الدين الخارجي كنسبة من إجمالي الصادرات ،او العجز المستمر في الميزان التجاري والحساب الجاري ،والى غيرها من المؤشرات التي تظافرت مع بعضها البعض لدفع حركات التغيير في العالم العربي .الا اننا يجب إن لاننسى الدور الهام والفاعل لانتشار وسائل الإعلام وادوات الاتصال الحديثة والقنوات الفضائية والهواتف المحمولة والانترنت التي جعلت الشباب في العالم العربي ،يؤسسون لأنماط مشاركة جديدة مكنتهم من تجاوز العديد من القيود التي فرضتها النظم العربية على حريات العبير والتنظيم مع بعضها البعض الأخر للتعبير عن عدم رضاهم عن الأوضاع القائمة لتنظيم فعاليات احتجاجية نجحت في كسر حاجز الخوف الذي فرضته النظم العربية على شعوبها لعقود وطويلة . ومشكلة البحث هي على الرغم من الثروات الهائلة في العالم العربي فان هناك الكثير من التراجع والتدهور في عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ،وتتجسد أهمية البحث في كونها تكشف عن اهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي كان لها دور فاعل في تأجيج حركات التغيير في العالم العربي ويهدف البحث إلى تحليل دور العوامل الاقتصادية في حركات التغيير في العالم العربي.وتنطلق من فرضية مفادها ان هناك ترابط واضح بين التدهور في العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية و حركات التغيير في العالم العربي.مستخدمين أسلوب التحليل الاقتصادي المستند إلى عدد من المعطيات الواقعية .