13 ديسمبر، 2012

مركز الدراسات الإقليمية يناقش مستقبل العلاقات العراقية- التركية في ظل تحديات الأمن الإقليمي

ضمن نشاطاته الأسبوعية في عقد الحلقات النقاشية التي تناقش العراق ومحيطه الإقليمي والدولي فقد شهدت قاعة المكتبة في مركز الدراسات الإقليمية حلقة نقاشية بعنوان(( مستقبل العلاقات العراقية- التركيةفي ظل تحديات الأمن الإقليمي)) للباحث واثق محمد براك السعدون التدريسي في المركز.وذكر الباحث السعدون في مقدمة البحث: إن تشابك العلاقات الدولية نتيجة تزايد المصالح المتبادلة بين مختلف الدول جعل من مواجهة المخاطر الأمنية أمراً ملحاً، لما تفرضه تلك المخاطر من تحديات أمام معظم الدول. ولطالما ارتبط العراق وتركيا بوجود قضايا أمنية مشتركة، وكانت معالجات تلك القضايا تختلف باختلاف الظروف الداخلية لكلا البلدين، والأوضاع الإقليمية والعالمية.استشرف الباحث بأن هنالك أربع قضايا مهمة تشكل محاور البعد الأمني في العلاقات العراقية- التركية في الوقت الحاضر والمستقبل، الأولى قديمة تتجدد تأثيراتها في العلاقة بين البلدين بين الحين والآخر تتمثل بموضوع وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني المناهض للدولة التركية في شمال العراق، والقضية الثانية مزمنة تتعلق بمسألة تقاسم المياه بين العراق وتركيا، والثالثة حديثة استجدت بعد الانتفاضة الشعبية المسلحة في سوريا في آذار 2011 تتمثل بإختلاف رؤية حكومة البلدين لمسارات الأزمة السورية والصيغ المناسبة لحلها. والرابعة مستقبلية يتوقع ان تلقي بظلالها على العلاقات العراقية- التركية، وهي تطورات الملف النووي الإيراني. ويرى الباحث انه من الأفضل وضع معيار مختلف لكل مجال من العلاقات العراقية- التركية، السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والإجتماعية، وأن ينظر لعلاقة العراق مع تركيا في أي مجال من منظار المصالح العراقية، أي بمعنى ليس بالضرورة أن ينسحب تراجع العلاقات العراقية- التركية السياسية على باقي العلاقات، وبخاصة الأمنية منها. علماً إن أغلب البلدان المتقدمة في الوقت المعاصر تحاول إتباع سياسة خارجية تبقي لكل بعد من علاقاتها الدولية طبيعته الخاصة لحمايته من التداخل والتأثر بالأبعاد الأخرى. وفيما يخص إنعكاسات الصراع المسلح في سوريا على البعد الأمني في العلاقات العراقية- التركية، يرى الباحث إن من أفضل الخيارات المتاحة للعراق للتعامل مع هذه المشكلة هي؛ ضرورة حسم الموقف العراقي من الأحداث في سوريا، وإنهاء الجدل الدائر حول طبيعة موقف العراق من هذه الأزمة بأداء دور مؤثر وإيجابي في إتجاه أحداثها، وأن يكون العراق أحد الأطراف الفاعلة في وضع حد للمآسي الإنسانية التي ترتكب في هذا البلد، المرتبط مع العراق بأواصر تاريخية وإجتماعية وإقتصادية، وإستعادة مكانة العراق وإستحقاقه العربي والإقليمي الذي غيب منذ عقود. وفيما يخص تأثير تطورات الملف النووي الإيراني في العلاقات العراقية- التركية، يرى الباحث إن أغلب التحليلات الإستراتيجية تستبعد انتقال أزمة الملف النووي الإيراني في الوقت الحاضر إلى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وخصومها، لعدم توافر الظروف الإقليمية والدولية التي تشجع أمريكا والغرب على القيام بهذه الخطوة لحد الآن، ولقناعة خصوم إيران بأن العمل العسكري لن ينهي البرنامج النووي الإيراني وإنما يؤخره فقط. ولكن تبقى هذه الأزمة هي التحدي الأمني الأكبر في المنطقة، في حالة نفاذ جميع الوسائل الدبلوماسية ووصول إيران وخصومها إلى المواجهة المسلحة المباشرة، وبخاصة إن الكثير من الباحثين المتابعين لتطورات هذا الملف يرون بأن جزء كبير من التداعيات الأمنية في المنطقة هي في الأصل مواجهات غير مباشرة بين خصوم هذه القضية. إن مستقبل العلاقات العراقية- التركية في حال وقوع الصدام المسلح بين إيران وخصومها في قضية الملف النووي، والتحاق تركيا بالمعسكر المناوئ لإيران بشكل رسمي، أو عدم تمكن الأتراك من المحافظة على حيادهم التام في هذا الصراع، يعتمد على الخيار الذي سيقرر العراق إتباعه من بين الخيارات المتاحة له في تلك الظروف، والذي يتمثل أولها بمساندة إيران بشكل مطلق، وهو ما سينتج عنه ليس تباعد عراقي- تركي فحسب، بل أيضاً خلق خصومة للعراق مع أمريكا والغرب هو في غنى عنها وعن تبعاتها. والخيار الثاني هو التحاق العراق رسمياً بمعسكر خصوم إيران في هذا الصراع، ومؤكداً إن هذا الخيار سيؤدي إلى تقارب عراقي- تركي، و تمتين أواصر علاقات العراق مع أمريكا والغرب، بل وحتى مع الدول العربية المؤيدة لخصوم إيران. ولكن من الصعب على العراق إتباع هذا المسلك وإستعداء إيران في ظل طبيعة علاقاته المتنامية باضطراد معها، سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي، فضلاً عن التداعيات المحتملة لهذا الموقف على الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل العراقي، بسبب إمكانيات إيران المعلومة في التأثير في تلك الأوضاع. أما الخيار الثالث والأخير والذي يتضمن حفاظ العراق قدر الإمكان على حياده في هذا الصراع، وتبني مواقف متوازنة تجاه أطرافه، وعدم الاندفاع باتجاه مساندة أو مخاصمة طرف ما. وقد يكون هذا الخيار هو الأنسب والأنجع، والأكثر انسجاماً مع ظروف العراق الداخلية والتحديات الإقليمية المحيطة به، علاوة على ان هذا الخيار يضمن للعراق استمرار قدر مقبول من العلاقات مع تركيا ومع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وحلفائهما في المنطقة، بل وحتى مع إيران.

مشاركة الخبر