21 ديسمبر، 2012

مشروع معاهدة الانضباط المالي الأوروبية (دراسة قانونية)

د.زياد عبد الوهاب النعيمي

مدرس- مركز الدراسات الإقليمية – جامعة الموصل

– مدخل:

بدأت الخطوات الأولى للتوحد الاقتصادي في أوروبا عام 1951، عندما تشكلت)الجماعة الأوروبية للفحم والصلب(من كل من ألمانياالغربية، وفرنسا،وايطاليا، وبلجيكاوهولنداولوكسمبورغ، كما وعرفت أوروبا أول وحدة كمركية عرفت بالأصل باسم المؤسسة الاقتصادية الأوروبية ((European Economic Communit، وتسمى في المملكة المتحدة بشكل غير رسمي بـ "السوق المشتركة"، وتأسست هذه الاتفاقية في روما في العام 1957 وطبقت في عام 1958وتشكلت منظمة الوحدة الأوروبية بموجب معاهدة روما، وبعدنهايةالحرب الباردة مطلع التسعينات انتقلت هذه التجربة من المنظمة إلى الاتحاد بصورة أوسع واشمل وأصبح هذا التجمع يسمى بالإتحاد الأوروبي، وجاء تأسيس الاتحاد الأوروبي رسميا بناء على معاهدة ماسترخت الموقعة عام 1992، ولكن العديد من أفكاره موجودة منذ خمسينات القرن الماضي.ومن أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي نقل صلاحيات الدول الأوروبية في نظامها الوطني إلى السلطات الأوروبية كون الاتحاد شخصية قانونية مستقلة عن إرادة الدول المكونين له. لكن تظل هذه المؤسسات الاتحادية محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدا، لذا لا يمكن اعتبار هذا الاتحاد يقوم على مبدأ الفيدرالية حيث إنه يتفرد بنظام سياسي فريد من نوعه في العالم. وللاتحاد الأوربي نشاطات عديدة، أهمها كونه سوق موحد ذو عملة واحدة هي اليوروالذي تبنت استخدامه (17) دولة من أصل الـ(27) الأعضاء، كما له سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد بحري موحدة.

– توقيع معاهدة الانضباط المالي الأوروبية:

في كانون الثاني 2012 تبنى الاتحاد الأوروبي معاهدة دولية جديدة أطلق عليها معاهدة الانضباط المالي، وهي معاهدة إقليمية دولية خاصة بالاتحاد الأوروبي، وجاء توقيعها من اجل تعديل أحكام المعاهدات السابقة ضمن واجبها والتزاماتها القانونية وفي التصويت على مشروع المعاهدة لنفاذها بصورة قانونية وافقت (25) دولة من أصل (27) داخل الاتحاد الأوروبي على المعاهدة الجديدة للانضباط المالي. وقد اشترطت الدول الأوروبية موافقة السلطات التشريعية على المعاهدة الدولية الجديدة، لتكون نافذة في الاتحاد الأوروبي ضمن نطاق الدول الأوروبية، لذلك فقد وقعت السلطات التنفيذية على الاتفاقية، وبقى نفاذها معلق على شرط مصادقة السلطات التشريعية، وسبب ذلك كله يعود – وكما يشير فقهاء القانون الدولي العام- إلى أن عقد الاتفاقية مسالة فنية ومستعجلة، ولهذه الأسباب يكون للسلطة التنفيذية الاختصاص بإجراء المفاوضات والتوقيع على الاتفاقيات الدولية وإبرامها ولكن إن خضعت الاتفاقية الدولية لمبدأ الاندماج المباشر التلقائي في النظام القانوني الوطني (القانون الداخلي )على نحو ما هو متبع في القانون الدولي العرفي، لتمكنت السلطة التنفيذية بفضل اختصاصها من عقد الاتفاقية وإبرامها بصورة كاملة دون الرجوع إلى السلطة التشريعية، ولكن ومن خلال التطبيق لهذا المبدأ منذ زمن طويل أدركت الدول المشاكل التي قد تثيرها هذه المسألة فيما يتعلق بدستورية الاتفاقية وتنفيذها ضمن النظام القانوني الوطني وانعكس هذا الاختلاف في الحلول المتبعة من قبل الدول المختلفة لمسالة اندماج الاتفاقية بالقانون الداخلي، وفي الواقع فان الدول تتأثر في إتباع الحلول بالاعتبارات الدستورية أكثر من تأثرها بالجدل الفقهي الذي يدور بشان ازدواجية القانونين الدولي أو الداخلي أو وحدتهما، وعلى العموم يمكن إرجاع الحلول المتبعة في هذه المسالة إلى إحدى هاتين الطريقتين:

1- طريقة إدخال التعديلات اللازمة على القوانين الداخلية والأنظمة الداخلية لجعلها منسجمة مع إحكام الاتفاقية، ولوضع الاتفاقية موضع التنفيذ، وفي هذه الحالة يتدخل المشرع الوطني ليسبغ على الاتفاقية الدولية قوة الإلزام القانوني داخل الدولة، وهذه هي الطريقة التقليدية.

2- منح الاتفاقيات الدولية مباشرة قوة الإلزام دون الحاجة إلى تدخل المشرع الوطني، وعدها جزءا من النظام القانوني الوطني بصورة تلقائية، دون الحاجة إلى تمريرها على السلطة التشريعية، وبهذه الطريقة تكون الاتفاقية الدولية لها قوة القانون بمجرد توقيعها من السلطة التنفيذية، وذات قيمة قانونية في مواجهة الأفراد والمحاكم الوطنية وتصبح الاتفاقية الدولية جزاء من النظام الوطني، وقد تفوق عليه .

وللقرار على اختيار إحدى هاتين الطريقتين، فان الاعتبارات الدستورية وطبيعة الاتفاق الدولي وأهميته هو الذي يحدد طريقة العمل بالاتفاقية. وبالنسبة للمعاهدة الأوروبية الدولية الخاصة بالانضباط المالي فقد اخذ الاتحاد الأوروبي بالطريقة الأولى، في ضرورة عرض الاتفاقية على السلطة التشريعية لكل دولة ولا تنفذ إلا بعد مصادقة المشرع الوطني على هذه الاتفاقية، لتصبح بعد المصادقة جزءاً من النظام القانوني الوطني. ولكن نفاذها والزاميتها مقيدة بشرط التوقيع عليها خلال القمة الأوروبية المقبلة في آذار من هذا العام ، 2012 بعد أن تصادق عليها هذه الدول الأوروبية وفق نظامها القانوني الوطني، إذ انه ومن الناحية القانونية لا تعد المعاهدة الأوربية الدولية الجديدة نافذة إلا إذا تمت الموافقة عليها من قبل السلطة التشريعية لكل دولة ويقصد بها مجلس النواب أو مجلس الشعب أو البرلمان حسب كل دولة بما تسمي سلطتها التشريعية، إذ انه ومن شروط المعاهدة الأوروبية إن القرارات المتعلقة بالمعاهدة لا يمكن أن تكون ملزمة، إلا إذا صادقت عليها السلطة التشريعية طبقاً للدستور الوطني لكل دولة، وبعد ذلك تصبح هذه المعاهدة جزءاً من النظام القانوني للدولة وتصبح قابلة للتطبيق أمام القاضي الوطني إذ سيلتزم القاضي الوطني بتطبيقها أمام المحاكم الوطنية.

أما عند امتناع أو رفض السلطة التشريعية لإحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تطبيق نصوص المعاهدة، فان محاكم هذه الدولة يتعذر عليها محاكمها تطبيق نصوص المعاهدة في محاكمها الوطنية، ولا يكون القاضي الوطني ملزما بتطبيقها في دولته، وهذه هي القاعدة القانونية، أما الاستثناء فهي إمكانية تطبيق النصوص بكونها قواعد عرفية مسلم بها أو بكونها مبدأ من مبادئ القانون الدولي العام.

وبالعودة إلى مشروع المعاهدة من خلال إقرارها والتصويت عليها بكونها مشروع معاهدة، رفضت جمهورية التشيك وبريطانيا المعاهدة، لخشيتهما من ظهور مشاكل دستورية عند إبداءهم الموافقة، مثل اضطرارهم للدعوة إلى استفتاء. ووافقت الدول الأخرى على إدراج "قاعدة ذهبية" ضمن قوانينها، بالالتزام بالموازنات المتوازنة، وتطبيق عقوبات باعتبارها قواعد قانونية داخلية في حال تفاقم العجز العام، وذلك بناء على رغبة ألمانيا، في مقابل إبداء ألمانيا تضامنها المالي شركاؤها الأوروبيين.

ويرى البعض أن معاهدة الانضباط المالي جاءت بعد اتفاقيات سياسة كان لها الأثر الواضح في ظهور الاتفاقية بصيغتها التشريعية، إذ إن المعاهدة جاءت بعد تسوية بين بولندا وفرنسا حول طبيعة المشاركة في قمم منطقة اليورو، وهذه القضية تعد ثانوية، ولكنها مهمة وحيوية بالنسبة لإطرافها، إذ شكلت موضع خلاف بين هذه الدول لفترة قليلة. إذ شددت بولندا، بدعم من دول عدة في شرق أوروبا، على وجوب أن تتمكن الدول التي لا تستخدم العملة الموحدة من المشاركة في قمم منطقة اليورو. في حين رفضت فرنسا هذا الأمر بحجة إن دول شرق أوروبا، أو الدول التي لا تتعامل باليورو، ليس لها الحق بالمشاركة في قمم الاتحاد الأوروبي، وقد تم التوصل إلى صيغة توافقية بين الدولتين، كان من نتائجها مشروع المعاهدة الأوروبية. ويأمل عدد من الدول الأوروبية في أن تشجع هذه المعاهدة البنك المركزي الأوروبي على القيام بمزيد من الخطوات مستقبلاً لمساعدة منطقة اليورو في مواجهة أزمة الديون.

وفي كل الأحوال فان المعاهدة الجديدة إنما هي تنظيم جديد من الناحية القانونية للالتزامات المالية الدولية بين دول الاتحاد الأوروبي في ظل وجود أزمات مالية تشهدها بعض أعضاء الاتحاد، وتأتي اليونان في مقدمتهم، اذ ركزت المحادثات الأخرى في قمة بروكسل التي اقترحت مشروع المعاهدة، على معالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها اليونان حالياً، اذ دعا الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة الوصول إلى حل لإنقاذ اليونان من الإفلاس، ولكنهم اختلفوا في صيغ تقديم المساعدات الأوروبية، حيث أن القمة الأوروبية في بروكسل لم تتوصل إلى اتفاق حول اليونان، بعد أن تقدمت ألمانيا باقتراح يهدف إلى وضع اليونان تحت إشراف أوروبي ذو طبيعة مالية، الأمر الذي رفضته دول عدة بينها فرنسا.كما أوجب الاقتراح على اليونان أن تنهي مفاوضاتها مع دائنيها من القطاع الخاص لتقليص دينها بمعدل (مئة مليار يورو)، الأمر الذي لا بد منه لتلقي المساعدة الأوروبية لإنقاذ اليونان بقيمة (130) مليار يورو، والتي أبدى فيها الاتحاد الأوروبي استعداده لتقديمها منذ تشرين الأول عام 2011. ويرى البعض أن هذه المساعدة المالية تبدو حيوية بالنسبة إلى اليونان التي عليها أن تسدد (14) ملياراً ونصف المليار يورو من القروض في 20 آذار 2012.

– المعالجات القانونية للمعاهدة:

وضع فيالمعاهدة الأوروبية الجديدة مشروع جديد يحاول إنقاذ الاقتصاد الأوروبي بصيغة احترازية، من خلال مشروع قانون تقدمت به ألمانيا، وهو ضرورة إدراج ما يعرف بالــ(القواعد الذهبية) في المعاهدة لضمها في الدساتير الوطنية والتي تنص على توازن الحسابات. وتعني القواعد الذهبية هذه أن تتعهد الدول الموقعة بوضع "موازنات متوازنة" أو "بفائض" في الدورة الاقتصادية. وهذا التوازن يحدد على انه عجز (خارج العناصر الاستثنائية وخدمة الديون) حده الأقصى (0,5)% من إجمالي الناتج الداخلي. والدول التي تكشف من جهة أخرى عن ديون شاملة معتدلة، أي ما دون (60)% من إجمالي الناتج الداخلي. ستتمتع بهامش اكبر مع عجز بنيوي مقبول بنسبة (1)%، وسيتعين على كل دولة أن تتوقع بنفسها أن آلية التصحيح ينبغي أن تنطلق تلقائيا، في حال حدوث تجاوز كبير لهذا الهدف، مع وجوب اتخاذ إجراءات في فترة زمنية محددة.

ولكن السؤال هو هل يجب أن تكون هذه القواعد ملزمة بالنص عليها إذا ما تم وضعها في المعاهدة بعد موافقة الدول الأعضاء، وهل لابد أن تكون في مضمون الدساتير الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؟. وللإجابة عن ذلك يمكن القول بأن المطالبة بوضع القواعد ضمن الدساتير الوطنية للدول الأوروبية يعني من ناحية قانونية إلزامية الدول التي توقع عليها بإرادتها، إذ أن هذه القواعد ستكون ملزمة من الناحية القانونية للأخذ بها وأية مخالفة لها تتحمل المسؤولية القانونية وفقد نصوص الاتفاق . أما من ناحية ضمها في الدساتير الوطنية فالأولى هو بعد أن يتم الموافقة عليها تعد احد الجزاء النظام القانوني الوطني، ومن ثم ضمها للدساتير، إلا إن هذه الإلزامية ليست مطلقة اذ يجوز أن تعمل بها الدول فقط دون إلزام دستوري، وان تكون الموافقة على هذه القواعد بكونها ذات قوة قانونية أي مصدرها القانون وليس الدستور ويكون بصورة ملزمة للدولة العضو.

والواضح أن المطالبة بإدراجها في الدستور أي اعتبارها جزءا من التشريع الوطني أمر يكون له اثرين ايجابي وسلبي، أما الايجابي هو القدرة على الوفاء بالالتزام بها مستقبلا بوصفها جزاءا من النظام القانوني الوطني وملزمة للدول، أما الناحية السلبية هي عدم ورود تعديل عليها في الدساتير مما قد لا يحقق هدفها في ملاحقة التطورات القانوني للاتحاد مستقبلاً، إذا ما أهمل تعديلها ضمن دساتير الدول الأعضاء، وهذا المقترح في إدراج القواعد ضمن الدستور قد يحقق مزايا للدول التي تجد مصالحها في هذه المسألة، وتعترض الدول التي لاتحقق مصلحتها فيها، ولكن قياس ضم هذه القواعد إلى الدساتير هي مسألة ذات أهمية بحد ذاتها، وعدم ضمها بالدستور تبقى قضية وفق إرادة الدول الأعضاء ومدى موافقتها واعتراضها عليها.

في هذا السياق، يبرز سؤال آخر، عن الجهة القانونية التي ستراقب مدى تحقيق هذا الالتزام وتطبيقه؟، والإجابة هي إنه ضمن مبدأ مراقبة تنفيذ هذه الالتزامات ومدى قانونية تنفيذها ومراقبة الإخلال بها من عدمه في بعض الأحيان من الدول الأعضاء، فان الجهة القضائية بما تتمتع به من استقلالية هي الأقرب إلى تحقيق هذه الرقابة بما لها من سلطة في تطبيق القانون، ولذلك يمكننا القول أن محكمة العدل الأوربية هي ما أنيط بها هذا الأمر إذ أن هذه المحكمة ستحقق في كل مكان في الدول الأعضاء من تطبيق القواعد الذهبية وفقا للمعايير المطلوبة. وسيكون بإمكان كل دولة أو مجموعة دول أن تتقدم بشكوى إليها، وفي نهاية المطاف يمكنها ان تفرض على الدولة غير الملتزمة بعقوبة قد تكون الغرامة بنسبة من إجمالي ناتجها الداخلي.

لقد اضطرت ألمانيا إلى التراجع أمام معارضة فرنسا. لكنها لم تعدل عن رأيها بالنسبة للفترة اللاحقة، فتكامل (معزز) لمنطقة اليورو، يفرض اتخاذ خطوات جريئة، فعلى سبيل المثال يجب ان تتمكن محكمة العدل الأوروبية من مراقبة الموازنات الوطنية، وأكثر من ذلك أيضا. ولكن فشل المشروع لا يعني فشل العقوبات في حالة تحقق العجز المالي، فالحد المقبول من العجز العام السنوي سيبقى محددًا بنسبة (3)% من إجمالي الناتج الداخلي، وهذا التجاوز يجب أن يكون موقتاً. وستتعرض منذ الآن كل دولة تنتهك هذه القاعدة لعقوبات شبه تلقائية،وسيكون من الصعب الآن تجاوز هذه الأخطاء كما في الماضي.و قد كانت بعض الدول مثل هولندا وألمانيا وكذلك المفوضية الأوروبية تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك، عبر تطبيق هذه القاعدة أيضًا على مراقبة المستوى الشامل للديون، ورفضت إيطاليا، التي كشفت عن عجز مرتفع جدًا.

وبالنسبة لإقرار المعاهدة، فانه يفترض أن توقع (25) من أصل (27) دولة في الاتحاد الأوروبي على المعاهدة. وحدها بريطانيا ترفض الانضمام للمعاهدة وتمتنع التشيك على التوقيع على المعاهدة، وسيبدأ تطبيقها فور مصادقة (12) دولة عليها.

إن المعاهدة الأوروبية الجديدة ليست سوى محاولة لوضع الأساس القانوني لمراجعة حسابات الاقتصاد الأوروبي بمجملة خاصة بعد أن تعرضت وما تزال تتعرض اليونان إلى أزمة اقتصادية ومديونية دولية خطيرة استوجب تدخل الاتحاد الأوروبي للمحافظة على اقتصاد احد الدول الأعضاء فيه. وربما يصب الاختلاف الأوروبي في أليه تفعيل المعاهدة من خلال نصوص قد يتم الاتفاق عليها أو معارضتها، إلا إن الحاجة للاتفاقية هو الأساس الذي يتفق عليه معظم الدول الأوربية وهذا ما أكدته قمة بروكسل الأخيرة والتي أثمرت بنتيجة تصويت وصلت إلى (25) دول من أصل (27). إن تبني معاهدة الانضباط المالي لتعزيز النمو الاقتصادي والتخلص من أثار المديونية ستكون ضرورية مستقبلاً كي تتمكن أي دولة أوروبية من الاستفادة من مساعدات مالية من شركائها. وستفرض المعاهدة على الدول الأعضاء كلها تطبيق قواعد ذهبية في شأن العودة إلى توازن الموازنات العامة، وإدراج عقوبات شبه تلقائية ضد الحسابات العامة التي تتجاوز خطوط التوازن، ومع ذلك، ما تزال هناك بعض الخلاف القانوني بشان المعاهدة، وإحدى هذه النقاط، تتناول حجم المشاركة في قمم منطقة اليورو المستقبلية، إذ أن بولندا تشدد على أن تتلقى الدعوة إليها، ولو أنها ليست عضواً في الاتحاد النقدي، وشددت من موقفها حيال فرنسا التي ترفض أن تكون هذه الدعوة منهجية. وترتبط النقطة الثانية بالنظام الجديد للعقوبات شبه التلقائية، المخصصة لمعاقبة تجاوز عتباتالعجز أو الديون الشاملة.

– الخاتمة:

من الناحية الموضوعية، أن المعاهدة تعالج العجز المالي وتقييم النمو بالاقتصاد وتجنب أية علامات عجز في ميزانية الدول الأعضاء، وبخاصة بعد تيقن الاتحاد الأوروبي من مدى الأزمة التي تعاني منها اليونان، ولذلك كان موضوعها الرئيس معالجة الأزمات الاقتصادية المستقبلية، والحد من احتمالات المديونية التي تعاني منها الدول الأوروبية، للخروج بنتائج تستطيع من خلالها وضع حد للازمات مستقبلا، وهذا ماحدى بالاتحاد الأوروبي لوضع معاهدة الانضباط المالي لمعالجة تلك المشاكل . وبدء الاتحاد الأوروبي بوضع الحلول المستقبلية تلافيا لتكرار الأزمات الاقتصادية، وقد وضعت هذه الاتفاقية مشاريعها الاقتصادية بما يضمن تطبيقا سليما، وحتى الاعتراضات التي تقدمت بها بعض الدول لن تؤثر على مضمون الاتفاقية في ضرورة معالجة الأزمات الاقتصادية وأزمات المديونية، ووجوب تقديم القواعد القانونية اللازمة لضمان اقتصاد متطور. ولرعاية التطبيق السليم لهذه البنود في الاتفاقية فان محكمة العدل الأوروبية ستكون كفيلة لمراقبة تطبيق هذه النصوص، ومدى التطبيق السليم لقواعد الاتفاقية، وسيكون للمحكمة التأكد من مشروعية العمل وفق بنود المعاهدة، مما يعني في النهاية أن هناك مسؤولية قانونية سوف تترتب على الدول التي تخل ببنود الاتفاقية .

*مصادرالمقالة

1-مقالة حول الاتحاد الأوروبي في الشبكات المتصلة (الانترنيت)، على الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki

2-((معاهدة ماليةجديدة لتعميم القواعدالذهبية في الاتحادالأوروبي))،مقالة منشورة على موقع الأخبار الأوربيةفي الشبكات المتصلة (الانترنيت)، على الرابط:

http://arabic.euronews.com/2012/01/30/eu-leaders-hold-debt-crisis-summit-again/

3 –((الأوروبيون يوقعون معاهدة 'القواعد الذهبية' التي تضمن الانضباط المالي وتمنع الانزلاق للعجز))، مقالة منشورة في الشبكات المتصلة (الانترنيت)، على الرابط:

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=data201233-022×50.htm

4-((معاهدة مالية جديدة لتعميم القواعد الذهبية في الاتحاد الأوروبي))،مقالة منشورة في الشبكات المتصلة (الانترنيت)، على الرابط:

http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?103060

5-((قمة بروكسل تعتمد المعاهدة المالية الأوروبية الجديدة))، مقالة منشورة في الشبكات المتصلة (الانترنيت)، على الرابط:http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12149&article=666313&feature

6-عبد الحسين القطيفي، القانون الدولي العام، الجزء الأول، ط1، مطبعة العاني، (بغداد، 1970)

المقالة منشورة في نشرةتحليلات استارتيجية العدد 71 اذار