الاستاذ الدكتور تقي الدين الدوري 1939-2013 ….وداعا
استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل
تلقينا يوم الجمعة الموافق 11 -1-2013 بكل حزن وألم خبر وفاة صديقنا وزميلنا المؤرخ العراقي الاستاذ الدكتور تقي الدين الدوري ..كان مؤرخا ثبتا ، ومربيا فاضلا ، وانسانا رائعا، خدم حركة كتابة التاريخ في العراق بأخلاص ، وكان من اركان المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة ..
تقي الدين عارف محمد الدوري من مواليد مدينة الدور بمحافظة صلاح الدين سنة 1939 .كتب عنه الصديق الموسوعي حميد المطبعي في "موسوعة اعلام وعلماء العراق " وقال انه درس الابتدائية والمتوسطة في سامراء والاعدادية في تكريت ، والتحق بدار المعلمين العالية –كلية التربية فيما بعد –جامعة بغداد وحصل منها على شهادة البكالوريوس في التاريخ سنة 1961 وعمل في التعليم الثانوي مدرسا ثم اكمل دراسته العليا فنال الماجستير في التاريخ الاسلامي من قسم التاريخ بكلية الاداب –جامعة بغداد وبعدها سافر الى مصر واكمل الدكتوراه في جامعة القاهرة .عمل في قسم التاريخ بكلية التربية -ابن رشد -جامعة بغداد لسنوات وكان يدرس مادة تاريخ المغرب والاندلس ، وقد ذكر تلميذه الاستاذ الدكتور غانم ارميض العجيلي انه كان احد تلاميذه وكان الطلبة دون استثناء يحبون تلك المادة بسبب تأثير الاستاذ المرحوم وطريقته السلسة والواضحة في توصيل المادة . نقل بعد ذلك الى كلية التربية للبنات ليتولى رئاسة قسم التاريخ فيها .
كان الاستاذ الدكتور تقي الدين الدوري اداريا متميزا، وقد كنت اسمع عنه كل خير عندما كان رئيسا لقسم التاريخ بكلية البنات –جامعة بغداد وكان زميله الاستاذ الدكتور عبد الرزاق مطلك الفهد يحدثني عنه فأزداد محبة واحتراما له .
زاملته في بغداد عندما كنت اكمل دراستي العليا في قسم التاريخ بكلية الاداب –جامعة بغداد ، ونشأت بيني وبينه صداقة وثيقة وعملنا معا في بعض مشاريع وموسوعات وزارة الاعلام التاريخية وقد كانت كتاباته عن " صقلية" وتاريخ العرب فيها وفي المغرب العربي والاندلس مثار اهتمام لرصانتها ودقتها العلمية ومن مؤلفاته :
*صقلية وعلاقاتها بدول البحر المتوسط من الفتح العربي حتى الغزو النورمندي .وقد طبع سنة 1981
*التاريخ الاندلسي عند ابن الاثير وابن خلكان وقد طبع سنة 1990
له دراسات وبحوث عديدة منشورة في المجلات الاكاديمية العراقية والعربية . كما ان لديه كتبا مخطوطة تنتظر النشر. وهو من اعضاء جمعية المؤرخين والاثاريين في العراق، وعضو في اتحاد المؤرخين العرب ويحمل وسام المؤرخ العربي من الاتحاد تقديرا لجهوده في خدمة التاريخ الاسلامي وقد حصل عليه سنة 1986 . شارك في كثير من الندوات والمؤتمرات العلمية التاريخية بفعالية .كما اشرف على طلبة الدراسات العليا –الماجستير والدكتوراه وتخرجت من تحت يديه أجيال واجيال ان كان ذلك على مستوى الدراسات الاولية أو العليا .درس في بعض الجامعات العربية ومنها جامعة مؤتة بالمملكة الاردنية الهاشمية ويفخر طلبته هناك به وبتلمذتهم على يديه .
كأي مؤرخ ينتمي الى المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة كان من الذين يهتمون بتطبيق المنهجية التاريخية بكل صرامة ، ويهتم بالرجوع الى المصادر الاصلية ، ويحاكم النصوص ويحللها ،ولايقف في تحليله عند مدرسة واحدة او رأي أوحد وانما يجمع بين الرؤى والنظريات. وكثيرا ما كان يردد بأن قراره في الحكم على الامور يأتي بعد تأن وروية ويرى بأن الفعل هو المعيار الاوحد في تحديد صدق هوية الانسان وليس كلامه ، وكان معروفا بكرهه للانانية وعرف عنه حبه للناس ، وصدقه ، وامانته، وتواضعه واحترامه لغيره .لذلك أحبه طلبته وأحترمه زملائه .