24 يناير، 2013

الجامعة ونشر ثقافة حقوق الإنسان … قراءة معاصر

أ. د. محمود صالح الكروي

أستاذ العلوم السياسية / جامعة بغداد

مقدمة

لازالت حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي حركة وليدة وجديدة ، ومنذ مايقارب أكثر من خمسة عقود من الزمن لم يكن هناك جمعية واحدة لحقوق الإنسان في الوطن العربي . والجامعة العربية التي تأسست في 22 آذار/ مارس 1945 كمنظمة إقليمية ، مثلث العرب لم يتضمن ميثاقها أية إشارة لحقوق الإنسان ، ومرد ذلك يعود الى أن الشعب العربي – والعراق منه – عاش قرونا طويلة من الاستبداد السياسي والتخلف بفعل الاحتلال العثماني والأوربي فيما بعد ، لذلك كان اقل المناطق تأثرا واستجابة لنهوض حركة حقوق الإنسان .

في حين أن العالم المعاصر شهد ويشهد تحولات مستمرة وسريعة التقدم وفي مجالات متزايدة التنوع في العلوم الصرفة والإنسانية في ظل صيانة وضمان حقوق الإنسان وتطبيقها ، يترافق ذلك وكثافة المبادلات والتأثيرات فيما بين الثقافات . وأمام هكذا تحولات ، فالواجب الوطني يضع مسؤولية كبيرة على عاتق مؤسسات التربية والتعليم في العراق ومنها الجامعة في النهوض بنشر ثقافة حقوق الإنسان من اجل مواكبة تطور النظم السياسية في العالم المعاصر، وهذه المسؤولية تتطلب تظافر الجهود من أجل انجازها كونها مهمة مزدوجة تدخل في عداد تحديات المستقبل .

من هذا المنطق جاء اختياري للبحث بعنوان ( الجامعة ونشر ثقافة حقوق الإنسان …قراءة معاصرة) ، استلهمت أفكاره من واقع تجربتي الأكاديمية في الجامعة ؛ ومن تدريسي لهذا الموضوع ، وهو موضوع مهم سيبقى بحاجة الى مزيد من البحث والتقصي والمواكبة من أجل وضع الحلول التي تكرس حقوق الإنسان وضمان حمايتها في العراق ..

الغاية من كتابة هذا البحث أن يكون إسهاما في الجهود الرامية الى تفعيل” الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في العراق التي أعتمدها مجلس الوزراء”(1) ؛ فهو لا يتناول حقوق الإنسان من زاوية قانونية ، ولا بالتذكير بعهود ومواثيق حقوق الإنسان ، ولا يتعرض للسياسات والممارسات في مجال حقوق الإنسان ، ولا برصد انتهاكها ، وإنما البحث معني أساسا بمهمات الجامعة في نشر ثقافة حقوق الإنسان وتطبيقاتها من خلال خلق الوسائط والبيئات العلمية والاجتماعية القادرة على حمل الرسالة اليومية لحقوق الإنسان .

ينطلق البحث من فرضية مفادها : هل إن الجامعة أسهمت في مهمة نشر ثقافة حقوق الإنسان وتطبيقاتها ؟ ، ومدى درجة هذا الإسهام ؟، مع بيان أهم المعوقات التي واجهة هذه المهمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في العراق التي اعتمدها مجلس الوزراء ، مرفق ، كتاب رئاسة جامعة بغداد ، العدد 1555 في 16 / 1 / 2012 .

1

النبيلة ؟، وكيفية تجاوزها و الارتقاء بها ؟.

وفي ضوء ذلك ، ركز البحث على تعريف مفهوم الجامعة وبيان وظائفها ؛ ومفهوم حقوق الإنسان ، تعريفها ، خصائصها ، مع ذكر أهم المواد الدستورية التي وردت في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 فيما يتعلق بحقوق الإنسان . ومن ثم بيان دور الجامعة في نشر ثقافة حقوق الإنسان ، وماهي المعوقات التي واجهتها في أداء هذه المهمة ، مع الإشارة الى أهمية هذه المهمة في الإسهام بتحقيق التقدم الاقتصادي والفكري والاجتماعي ، وبالمحصلة تحقيق الاستقرار السياسي وضمان الأمن الإنساني .عزز البحث بتوصيات من أجل أرتقاء الجامعة بمهمة نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان وضمان التمتع بها .

مفهوم الجامعة .

إن الجامعة بمفهومها الحديث، ووظائفها المتعددة لم تكن وليدة اليوم ، ولا الأمس القريب ،وإنما جاءت نتيجة لتاريخ طويل ترك من خلفه جذورا ، وفكرا ، وعملا ، وممارسات . ولذلك فالجامعة تعرف : بأنها مؤسسة تعليمية ذات تاريخ عريق لها أهدافها المتميزة فضلا عن تقاليدها ، العلم محور عملها من حيث البحث فيه والإضافة إليه والمحافظة عليه وتحقيق استمراره وذلك بنقله وتعليمه للأجيال الجديدة الراغبة في الحصول عليه لما يضفيه هذا عليهم من مميزات اجتماعية ، ولما يمثله هذا العلم من أهمية للمجتمع على الخصوص وللبشرية جمعاء (2).

وتعرف الجامعة : بأنها مؤسسة علمية مستقلة ذات هيكل تنظيمي معين وأنظمة وأعراف وتقاليد أكاديمية معينة ، وتتمثل وظائفها الرئيسية في التدريس ( إعداد الكوادر البشرية ) والبحث العلمي وخدمة المجتمع ، وتتألف من مجموعة من الكليات والأقسام ذات الطبيعة العلمية التخصصية وتقدم برامج دراسية متنوعة في تخصصات مختلفة منها ماهو على مستوى البكالوريوس، ومنها ماهو على مستوى الدراسات العليا تمنح بموجبها شهادات علمية للطلاب (3).

كما تعرف الجامعة أيضا : بأنها مؤسسة مجتمعية تفاعلية تمارس التأثير في مجتمعها وتتأثر بكل ما يواجهه من تحديات محلية وإقليمية وعالمية (4) ؛ وهناك من يعرفها على إنها تمثل مجتمعا علميا يهتم بالبحث عن الحقيقة وأن وظائفها الأساسية تتمثل في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع الذي يحيط بها(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2- نادية جمال الدين ، التعليم الجامعي والأمن القومي ، مجلة الوحدة ، الرباط ، العدد 72 لسنة 1990 ، ص57.

3- مليجان معيض الثبيتي / الجامعات : نشأتها ، مفهومها ، وظائفها – دراسة وصفية وتحليلية – المجلة التربوية ، جامعة الكويت ، الكويت العدد 54 لسنة 2000 ، ص 214 .

4- د. حسن شحاتة / التعليم الجامعي والتقويم الجامعي بين النظرية والتطبيق ، مكتبة الدار العربية للكتاب ، القاهرة ، 2001 ، ص 85 .

5- احمد أبو ملحم / أزمة التعليم العالي ، وجهة نظر تتجاوز حدود الأقطار ، مجلة الفكر العربي ، بيروت ، العدد 98 لسنة 1999 ، ص 21 .

2

وتسهم الجامعة في وظائف أخرى كنقل المجتمع من التخلف الى التقدم والحداثة ، ونقل الاتجاهات والمهارات العلمية من مجتمع الى آخر ومن جيل الى جيل ، وبذلك تعمل على إنماء المعرفة العلمية ،وتنمية روح البحث الأكاديمي وترسيخ القيم الخلقية في أفراد الجيل الآتي ، وتطوير قابليات الطلبة والمتلقين وتنمية قدراتهم وتعزيز شخصياتهم العلمية ، ورفع درجة ولائهم الوطني(6) .

وفي هذا المعنى، وفي ظل التطور العلمي المتسارع وثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات التي اختزلت الزمان والمكان ، يمكن إيجاز وظائف الجامعة بالآتي :

1- إعداد الكوادر البشرية في مختلف التخصصات العلمية والإنسانية ، والكوادر المؤهلة لممارسة عملية التدريس والبحث الجامعيين .

2- ممارسة الدور القيادي في البحث العلمي في ظل التطور التقني وثورة الاتصالات والمعلومات ، أو الاستشارة في تنظيم المعرفة الإنسانية .

3- التفاعل مع مختلف قضايا المجتمع والبيئة المحلية .

4- جعل الفرد / الطالب عضوا مشاركا بايجابية في المجتمع.

5- توظيف نتائج البحث العلمي بما يخدم عمليات التنمية الوطنية ، وبما يسهم في تقديم الحلول للمشكلات التي تعاني منها الأوطان على نحو خاص والإنسانية عموما(7).

حقوق الإنسان .

يعد موضوع حقوق الإنسان من المواضيع الشائكة ، لأنه موضوع واسع في مضمونه ، خطير في آثاره ؛ إذ شغل أذهان الفلاسفة وفقهاء القانون وعلماء ورجال الدين والسياسة والاجتماع والمؤرخين ؛ وكان ولازال محور نقاش وصراع (8) ، نظرا لشموله على مجموعة كبيرة من الحقوق سواء المدنية أو السياسية ، أو الاجتماعية أو الاقتصادية . علما أن الدين الإسلامي بوصفه المنطلق الأساس في الرؤية العربية أبتداءا وانتهاء – هو دين حقوق الإنسان ، وهو أول من قدس هذه الحقوق معتبرا أن الاعتداء عليها يرقى في بعض الأحوال الى حد الاعتداء على الناس جميعا – ( انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )(9) وبموجب ذلك وضعت الشريعة الإسلامية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

6- د.مفيد الزيدي ، الرقابة والحرية الأكاديمية في الجامعات العربية في الألفية الثالثة ، مجلة شؤون عربية ، القاهرة ، العدد 124 شتاء 2005 ، ص 95.

7- د. معن خليل عمر ، الجامعة بين الثالوث المتناقض في المجتمع العربي ، مجلة الباحث ، السنة 11 ، العدد 54، نيسان – ابريل / حزيران – يونيو ، 1992 ، ص 95 – 96 .

8- والصراع هو خاصية ملازمة لكل تفاعل في الحياة ، فهو يشير الى الاختلاف والتضاد والتنافس حول مبادئ أو تصورات أو قيم معينة. وللصراع مقوماته ودواعيه ، وله مقدماته ونتائجه،وله خططه واستراتيجياته، ينظر: محمد المساوي ، جدلية التوافق والصراع في الفضاء السياسي المغربي ، المجلة العربية للعلوم السياسية ، بيروت ، العدد33 شتاء 2012 ، ص9 .

9- القران الكريم ، سورة المائدة ، الآية 32 .

3

نظاما متكاملا لحماية حقوق الإنسان لايدانيه أي نظام مهما علا في إنسانيته (10).

وتنبع خطورة موضوع حقوق الإنسان من تدخله في حياة الإنسان اليومية ، وفي نشاطاته المختلفة وعلاقته الفردية والذهنية بالآخرين وبالسلطة القائمة على أمر الجماعة ، وأي إنكار لحق من تلك الحقوق في النهاية إنكار لوجود الفرد ولكرامته ونفي لشرعية وجود الدولة نفسها (11).

ورغم خطورة حقوق الإنسان إلا إن المواثيق والمعاهدات الدولية لم تضع تعريفا لها، فنجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد اقتصر في ديباجته على التأكيد بان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحق والعدل والسلام في العالم ، كما أكد على ضرورة وجود حماية قانونية لحقوق الإنسان ،إذ أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر الى التمرد على الطغيان والاضطهاد (12).

مفهوم حقوق الإنسان .

ونحن نرصد مفهوم حقوق الإنسان ينبغي أن نعطي تعريفا أوليا له لغة واصطلاحا فهو:-

– تعريف الحق لغة : “حق الأمر وحقوقا صح وثبت وصدق” (13) ،هو ” الثابت الذي لايسوغ أفكاره، واليقين بعد الشك، والواجب والعدل والأمر المقضي ، والحال “(14) ، والملك ، وصدق الحديث ، وهو أسم من أسماء الله تعالى أومن صفاته (15).

الحق في الفرنسية : Droit؛Vrai؛ وفي الإنجليزية :Right؛Truth؛True؛ وفي اللاتينية : Jus؛ Verus.

– تعريف الحق اصطلاحا : يطلق الحق في الفلسفة العربية على الوجود في الأعيان ، أو على الوجود الدائم أو على مطابقة الحكم للواقع ، الحق في اصطلاح أهل المعاني هو ” الحكم المطابق للواقع ، ويطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك ، ويقابله الكذب ، وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر الحق من جانب الواقع ، وفي الصدق من جانب الحكم فمعنى صدق الحكم مطابقته للواقع ومعنى حقيقته مطابقة الواقع إياه” (16) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

10- د. عامر حسن فياض ، الرأي العام وحقوق الإنسان ، المكتبة القانونية ، بغداد ،2003 ، ص118.

11- د. علي محمد الدباس وعلي عليان أبو زيد ، حقوق الإنسان وحرياته ودور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2009 , ص 26 .

12- ينظر : ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948 ، في: إبراهيم حجازين وآخرون ، دليل حقوق المواطن ، نشر مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان ، عمان 2003 ، ص 257 .

13- مجمع اللغة العربية ، المعجم الوسيط ، ج1 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ” د.ت ” ، ص186 .

14- جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ، ج1 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، ” د.ت ” ، ص483 .

15- أبن منظور ، لسان العرب ، ج2 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، ” د.ت ” ، ص941 .

16- جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ، مصدر سبق ذكره ، ص483 .

4

في حين نجد أن الفقه قد اختلف في محاولاته لوضع تعريف لحقوق الإنسان ، فقد عرفها البعض بأنها : ” مكنات طبيعية اقتضتها طبيعة آدمية الإنسان الروحية والعقلية والغريزية والمادية الجسدية ” (17).

فيما عرفها البعض الآخر بأنها : ” الحقوق التي يعتقد أن كل البشر ينبغي أن يتمتعوا بها لأنهم آدميون ، وينطبق عليهم الشرط الإنساني ، أي أن هذه الحقوق ليست منحة من أحد ، ولا يستأذن فيها من السلطة ، وهذه الأخيرة لاتمنحها ولا تمنعها ” (18) .

ووردت في تعريف آخر بأنها : ” مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته ، والتي تظل موجودة وان لم يتم الاعتراف بها ، بل أكثر من ذلك حتى ولو انتهكت من قبل سلطة ما ” (19).

ويذهب فريق من الباحثين الى القول بأن مصطلح حقوق الإنسان يتسع ليشمل جميع المفاهيم التي كانت تدل عليها المصطلحات التي تداولتها الدساتير والقوانين الوطنية في القرن التاسع عشر (20) ، وامتداد النصف الثاني من القرن العشرين مثل مصطلح ( الحريات الخاصة ) الذي يشمل الحريات المدنية : حرية التملك وحرية التعاقد وحرية العمل وغيرها . ومصطلح (الحريات العامة ) الذي يشمل الحريات السياسية كحرية التجمع وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الصحافة (21) .

وذهب فريق آخر الى القول بأن حقوق الإنسان واحدة لكل سكان العالم وفي أي بقعة منه بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو اللغة أو القومية أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر … أو الأصل الوطني أو الاجتماعي(22) .وهي بذلك أصبحت حقوق عالمية نظرا ل :

1- إن هذه الحقوق هي مشتركات إنسانية تكاد لاتختلف من بلد الى آخر .

2- إن هذه الحقوق تحضى باهتمام عالمي وتتداول في أروقة المنظمات الدولية والإقليمية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

17- د. منصور صالح العواملة ، حقوق وواجبات الإنسان في النقل والنظر والتطبيق ، دراسة تحليلية مقارنة ، المجلد الثالث ، عمان ، 1993 م ، ص 8 .

18- د. فيصل شنطاوي ، حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، 1995م ، ص12 .

19- د. محمد المجذوب ، الحريات العامة وحقوق الإنسان ، جورس برس ، طرابلس ، ص 9 .

20- د. علي القاسمي ، حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والإعلان العالمي ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 2001 ، ص46 .

21- المصدر نفسه ، ص47 .

22- د. علي محمد الدباس و علي عليان أبو زيد ، حقوق الإنسان وحرياته ودور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها ، مصدر سبق ذكره ، ص28 – 29 .

5

والوطنية ،ولم يعد بإمكان أي دولة إنكار تلك الحقوق أو تجاهلها لأنها أصبحت تمتع بضمانات دولية لحمايتها .

ومع الإقرار بصعوبة وضع تعريف جامع مانع لحقوق الإنسان،إلا إنها مع ذلك فهي حقوق قانونية مكفولة لأي شخص بوصفه كائنا بشريا .

خصائص حقوق الإنسان :

تتميز حقوق الإنسان بخصائص تميزها عن سائر الحقوق المتعارف عليها في علم القانون ، كالحقوق العينية والحقوق الشخصية وغيرها ، ومن أبرز هذه الخصائص :- (23)

1- حقوق الإنسان لا تشترى ولا تكتسب ولا تورث ، فهي ببساطة ملك الناس لأنهم بشر .. فحقوق الإنسان متأصلة في كل فرد.

2- حقوق الإنسان واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي . وقد ولدنا جميعنا أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق .. فحقوق الإنسان عالمية .

3- حقوق الإنسان لا يمكن انتزاعها ؛ فليس من حق أحد أن يحرم شخصا من حقوقه كانسان حتى ولو لم تعترف بها قوانين بلده ، أو عندما تنتهكها تلك القوانين .. فحقوق الإنسان ثابتة وغير قابلة للتصرف .

4- كي يعيش جميع الناس بكرامة فانه يحق لهم أن يتمتعوا بالحرية والأمن ، وبمستويات معيشة لائقة .. فحقوق الإنسان غير قابلة للتجزؤ .

5- حقوق الإنسان تتميز بالفاعلية في الدول الديمقراطية ، بمعنى أن الدولة تحرص على تحويل المبادئ النظرية لحقوق الإنسان الى واقع فعلي يحس به الناس في حياتهم اليومية ، وتحرص كل سلطات الدولة على الحفاظ عليها وعدم السماح بانتهاكها ، على عكس الدول غير الديمقراطية التي تكتفي بتزيين دساتيرها وقوانينها بالنص على أسمى مفاهيم حقوق الإنسان دون تفعيل حقيقي لها ، بل على العكس من ذلك تنتهك هذه الحقوق بأبشع الصور .

وفي ضوء التطور الذي رافق حركة حقوق الإنسان ، فقد تم تصنيفها الى ثلاث أجيال متعاقبة رئيسة : حقوق مدنية وسياسية ( الجيل الأول من حقوق الإنسان ) ، وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية ( الجيل الثاني ) ،وحقوق جماعية على مستوى أنساني ( الجيل الثالث – جيل حقوق التضامن كالحق في السلم والأمن والتنمية والبيئة السليمة )،وهذا التصنيف لايعدو أن يكون إلا وصفا للحالة العامة لتطور هذه الحقوق في الفكر القانوني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

23- المصدر نفسه ، ص 28 .

6

والسياسي ، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على أقل تقدير(24). وهكذا بعد الحرب العالمية الثانية تأكد المجتمع الدولي وبقناعة تامة من أن لا سلم ولا رخاء ولا طمأنينة إلا باحترام حقوق الإنسان(25).

حقوق الإنسان في الدستور

يعد دستور جمهورية العراق لسنة 2005 أعلى وثيقة في مجال احترام حقوق الإنسان في العراق وحمايتها ، إذ أكد على جملة معايير حقوق الإنسان ومبادئها الواردة في الاتفاقيات الدولية في العديد من أبوابه ، ولاسيما الباب الثاني ( الحقوق والحريات : المادة 14 – المادة 16 ) ، ومن أهم ما رسخه الدستور في مجال حقوق الإنسان (26) :

  • مبدأ المساواة وعدم التمييز والمواطنة ، المادة (14).

  • الحق في الحياة والأمن والحرية ، المادة (15).

  • الحق في تكافؤ الفرص ، المادة (16).

  • الحق في الخصوصية الشخصية وحرمة المساكن ، المادة (17).

  • الحق في الجنسية

مشاركة الخبر