هذه الظروف لها تأثير على حياة الانسان، خاصة عندما تمر بانعطافات ومراحل ومتغيرات قد تكون مؤثرة. فعندما ترحل وتُهجر لسنين طويلة، وأيضا تلتحق بنشاطات في خدمة المجتمع. لكن تبقى الإرادة هي القاسم المشارك أو الفيصل أو الحكم الأساسي بهذا الخصوص. وبالنسبة للكليات الإنسانية، والعلوم السياسية على وجه الخصوص، حيث تحتاج إلى عدة مقومات من إرادة وإصرار ورغبة.
من نعومة أظافري، فالأهل والأصدقاء والقريبون مني يعرفون أن توجهاتي كانت تتجه نحو التاريخ والسياسة. حتى حاولتُ كثيراً أنْ ألتحق بالفرع الأدبي خلال الدراسة الإعدادية، ولكن لسوء الحظ لم تكن متوفرة في مدرستنا التي في مناطقنا. حتى أنني اخترتُ تلكيف، بالرغم من ابتعادها عنا بمسافات ليست بالقصيرة للإلتحاق بالأدبي، ولم يتحقق هذا. فالتحقتُ بالعلمي، وحصلتُ على معدل جيد أهلني للقبول في كلية التمريض ولم ألتحق بها لأنها ليست طموحي ولا توجهي.
بعد منعطفات ومعاناة ومراحل استطعتُ الحصول على مقعد دراسي في كلية العلوم السياسية جامعة الموصل (الدراسة المسائية).
ابتداءً، لم يكن في مخيلتي الحصول على مركز متقدم أو مراكز أولى.. ولم يكن ذلك من هدفي. ولكن أثناء الدراسة بدأت أستشعر المتعة والاثارة في قراءة نظريات العلماء والمفكرين وسبر أغوار نظريات السلام والحروب التي كانت تجري بين الدول، فضلاً عن الأحداث الآنية التي حدثت. فلم أرَ نفسي إلا أنْ قالوا لي: إنك الأول على المرحلة الأولى.. وهكذا تماما في المراحل التالية حيث كنتُ الأول.
بالنسبة للحفل الذي أقيم يوم الخميس الماضي 10 تموز 2025، حيث تمّ تكريمي بكوني الأول على الكلية للدراستين الصباحية والمسائية بتقدير امتياز.
العنوان الوظيفي لخريج العلوم السياسية هو (باحث سياسي).. يبحث، يحلل، يخطط، يضع الخطط.
نحن الأيزيديون أحوج ما نكون إلى هذه الأقسام والفروع والتخصصات العلمية. فنحن بحاجة لتعريف مجتمعنا لأبواب العلوم الإنسانية كالتاريخ والسياسة للعام الخارجي.
نحن الأيزيديون نمرُّ بأوضاع عصيبة خاصة قبل واثناء وحتى بعد الإبادة الايزيدية. فتأتي هذه الأقسام العلمية لنتوجه بهدوء الى التحليل ووضع الخطط. ثم إقامة مراكز بحثية وتقديم أوراق بحثية للجهات ذات العلاقة.
إن كل الشعوب التي تعاني من الاضطهادات أو الانتهاكات تحتاج الى الأقسام السياسية والتاريخية الأكاديمية البحثية.