3 يوليو، 2022
تدريسي من قسم الإعلام ينشر مقالاً صحفياً في صحيفة عالمية بعنوان : العاصفة .. رؤية جديدة ..
نشر الأستاذ الدكتور ( علي أحمد خضر المعماري ) التدريسي في قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة الموصل مقالاً صحفياً في صحيفة ( الزمان ) العالمية التي تصدر في لندن يوم ٣ تموز ٢٠٢٢ تحت عنوان : ( العاصفة : رؤية جديدة ) ..وجاء في المقال : ليس غريبا أن ينشغل أغلب الناس ولا سيما في هذه الأيام بمتابعة الأخبار ، ومنها أخبار الحرب القائمة بين روسيا واوكرانيا مثلاً ، وفي مقدمة المتابعين المحللون السياسيون ومن ثم السواد الأعظم من الناس . وكنت أنا واحداً ممن يتابعون مجريات هذه الحرب ويتمعن بدقة في تعقيبات المتابعين وتحليلاتهم ولاسيما الخبراء وذوي التخصص في مثل هذه الميادين والنظر في تفسيراتهم وأبعاد النظر في آراء أغلب الفئات المنصرمة إلى متابعة الأخبار بصورة واضحة .ومن خلال النظر في ذلك الأمر نقف على إختلاف واضح في وجهات النظر وعمق التحليلات وضحالة بعضها وبعد الأخرى عن الواقع الذي قد يكون مخفياً عن الكثيرين . ولذلك فقد وجدت البون الشاسع بين تلكم الآراء والتحليلات التي يخضع أغلبها للنظر في مصداقية الخبر ودقة نقله ومصدره . فالحروب لاشك يلزم موقديها البحث عن أسباب قد تقنع الآخرين بأحقية الطرف البادي بها . وتدخل في هذا عملية التضليل الإعلامي كاختلاق أحداث غير حقيقية أو تشويه صور لأحداث تخدمهم . وهذا الأمر الذي يختلف فيه المتابعون يجعلك ترى بوضوح تحليلات يناقض بعضها بعضاً فالمحلل المثقف لا تنطلي عليه ألاعيب التحريف والتضليل فلا يتأثر بما تعرضه أطراف النزاع في وسائل الإعلام من صور وأفلام غالباً ما تكون مضللة أو مشوهة أو صوراً قديمة مجتلبة من هنا أو هناك ولكن هذا قد ينطلي على العامة من الناس .. وهذا لاشك هو الفريق الأول من المتابعين الذي يحاول بكل وسيلة إيهام الرأي بأحقية الحرب ومظلومية البادئ بها . أما الفريق الثاني فهم من يقفوا على حقيقة ما يجري لذلك فهم بين مصدق لما يرى ورافض أو مشكك .. أما الفريق الثالث فليس له من أمور التحليل العلمي والمنطقي شئ . لذلك نجد أغلبهم تنطلي عليه الأخبار فيصدق ما تراه عيناه وتسمعه أذناه من أحداث أو صور ..ولكن وبعد هذا الإستطراد وأنا أتابع الأخبار أنصرف ذهني إلى أمر كوني يحدث في الواقع حولنا فأعملت نظري متفحصاً ما يجري في خارج الدار وإذا بي أرى هالة من عاصفة ترابية قد ملأت الفضاء وكادت أن تطمس كثافتها معالم الرؤية مما حدا بي أن أتابع نوافذ البيت للتأكد من منعتها وتمكنها من السماح لتسرب الغبار إلى داخل الدار ولم آل جهداً في تحقيق مهمتي وإذ بي في تلك اللحظات أتلقى إتصالات من بعض الأصدقاء ما بين متسائل وآخر مستفسر عما يرى وكنت أجيب بحسب علمي أنها ظاهرة تحدث غالباً جراء تصحر أغلب الأراضي وشح الغيث أهم الأسباب .. ولكنهم كانوا يفكرون في حصانة بيوتهم ودقة منافذها وأحكام نوافذها وإستحالة إختراق الغبار .. وآخرون يرون أن تقصيراً في ضبط النوافذ وتكسرات في بعض زجاجها سمح لدخول التراب إلى بيوتهم وكنت من هذا الفريق الذي حاول جاهداً لمنع التسرب الترابي الي الدار .. أما الفريق الثالث فقد غلبتهم موجة العاصفة مخترقة منافذ دورهم مما تسبب في حالات إختناقات إستدعت نقل بعضهم إلى المشافي ..إن هذه الظاهرة وما كنت أرصده من آثارها جعلني أتأمل جيدا في عملية الربط بين حالتين الأولى هي حالة الإعلامي وبين الحالة الثانية وهي الظاهرة الترابية .. ودرجة تحصين الدور .. ولكوني أعمل أستاذاً أدرس مادة مهمة في قسم الإعلام هي النظريات الإعلامية فقد وجدتني أمام علاقة واضحة جداً بين الوعي والتأثير الإعلامي . ذلك أنه كلما كان الوعي لدى المرء عالياً فهو محصن من التأثيرات الجانبية أي التأثير يكون ضعيفاً إن لم يكن معدوما وكلما كان الوعي ضعيفا متدنيا كان التأثير مباشراً وبالغاً كبيراً .. وهذا بحسب رأيي أمر ينعكس هاهنا على معطيات أو أثر هذه العاصفة على الناس ودرجات تحصين دورهم ودرجة إختراق الغبار أو أي أذى لدورهم التي هي مساكن تسكنها النفوس قبل الأبدان ..