15 أبريل، 2014

صدور كتاب خامس للدكتور رائد راكان قاسم الجواري من كلية التربية الاساسية

صدر كتاب خامس للاستاذ المساعد الدكتور رائد راكان قاسم الجواري من كلية التربية الاساسية بعنوان ( أطلس العالم للشريف الإدريسي )(493-560ه/1100-1166م) قمة ما بلغته الحضارة العربية الإسلامية من تطور في علم الخرائط .خرائط جمعها وقدم لها الدكتور رائد راكان قاسم الجواري من قسم الجغرافيا- كلية التربية الأساسيةجامعة الموصل/العراقتقديمبسم الله الرحمن الرحيم تعد الخارطة رمز اجتماعي تتضح من فكرة رسم طرفي الكرة في وقت واحد على خارطة العالم وذلك بإتباع قواعد معينة ،كما يعتقد إن جميع الخرائط هي في الواقع تقريب من الحقيقة ، أي من السطح الحقيقي من الأرض (1)، وينظر إلى الخارطة على أنها وسيلةيمكن استخدامها للتعبير عن الحقائق الكثيرة التي يود إن يزيدها إيضاحا وذلك لأن الخارطة أفضل بكثير من الوصف في توضيح الحقائقالتي قد تكون في ذهن الجغرافي كما إنها تكون مصدر المعلومات التي يبتغي إيضاحها (2). وقد وجدت الخرائط منذ أن وجد الإنسان على سطح الأرض ، إذ عرف الإنسان القديم فن التصوير والرسم منذ أقدم العصور(3)،ومع ظهور الحضارات القديمة ظهرت خرائط العالم ، وأقدم خارطة للعالم وجدتنهاية الإلف الثالث ق.م وبداية الإلف الثاني ق.مفي نص يعود الى حضارة وادي الرافدين ويمثل النص " في هذه الخارطة مواضع المدن والبلدان بدوائر …ووضعت في وسط الدوائر أو بقربها أسماء تلك المدن، أما المثلثات المستقرة على المنطقة الخارجية من الخارطة فتشير إلى الأقاليم الأجنبية … وتسمي الجزيرة الشمالية بالجزيرة التي (لا ترى الشمس)"(4) ، لاحظ الشكل (1)، ويلاحظ ان الخارطة البابلية للعالم اقتصرتعلى وصف يابسة واحدة تحيط بها المياه ، وكانت عندهم فكرة وجود محيط عظيم يتمثل ببحر شاسع واسع يحيط بجزيرة مترامية الأطراف تمثل أقصى حدود اليابس (5). وفي الحضارة اليونانية ازدادت المعرفة الجغرافية لدى الفلاسفة اليونان حول أجزاء الأرض مما مكنهم من رسم خرائط للعالمتضمنت أجزاء من قارات العالم القديم، أوربا وآسيا وأفريقيا، وهو ما يتضح في خارطة العالم لهيكاتايوس خلال القرن السادس ق. م (517) ق. م،والتي تناولت تقسيم العالم إلى قسمين رئيسين هما: أوربا وآسيا ، وعد ليبيا التي تقع في أفريقيا ضمن آسيا، وصور سطح الأرض على شكل دائرةمحاطة من كل أطرافها بالمحيط الأقيانوس، ويشطرها من الوسط البحر المتوسط والبحر الأسود وبحر الخزر إلى نصفين، النصف الأعلى يحتويعلى أوربا والنصف الأسفل يشمل آسيا وأفريقيا، ويلاحظ أنه جعل نهر النيل متصلاً بالمحيط الأقيانوس من جهة الجنوب(6)، لاحظ شكل (2).وجاء القرن الثاني ق. م ليشهد ظهور خارطة جديدة للعالم التي رسمها الفيلسوف ايراتوستين باستخدام خطوط الطول ودوائر العرض،الأمر الذي أدى إلى تلافي قسم من التشويهات التي تصيب المسافات نتيجة كروية الأرض وذلك من اقتصاره في رسمه للعالم علىالمنطقة الواقعة بين المدارين والذي مكنه من بسط مسقطه بشكل شبكة من خطوط الطول ودوائر العرض (9)، لاحظ الشكل (3).ومن التطورات التي شهدتها العلوم اليونانية استخدام الشكل الكروي في رسم الخرائط والذي ظهر في خرائط بطليموسخلال القرن الثاني الميلادي مما أدى إلى تقليل التشويه في الخرائط المرسومة بالشكل الكروي بالمقارنة مع الخرائط التيأخذت بالشكل المسطح ، وقد تضمنت خارطة بطليموس في أَجزائها رسم قارات أوربا وآسيا وأفريقيا فضلاً عن اعتقاده بوجود أرضمجهولة في الجنوب كما جعل البحر الهندي يفصل بين آسيا وأفريقيا والأرض المجهولة بالجنوب، وفي جهة الغربوضع الأقيانوس المحيط (11)،،كما يتضح في الشكل (4). وفي العصور الوسطى سادت أوربا العصور المظلمة ، إذ اعتقد الأوربيين في ذلك العصر ان العالم على شكل قرصمستدير يحيط به البحر من جميع جهاته ، وفي ضوء هذه الفكرة رسمت خارطة العالم المستديرة والتي عرفت باسم خرائط Tinoوطرحت جانباً فكرة كروية الأرض(13)،لاحظ الشكل (5) . ومع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي نشأت الدولة العربية الإسلامية التي امتدت رقعتها امتدادا عظيما في العالم القديم ،رافق ذلك النهضة الفكرية والحضارية الكبرى التي صاحبت ازدهار الدولة العربية الإسلامية منذ مطلع القرن التاسع الميلادي إلىالقرن السادس عشر الميلادي وخلال تلك المدة ظهرا العديد من المفكرين الجغرافيين الذين أسهموا في وضع أسس علم الخرائطالعربيةالإسلامية ويعد الإدريسي من اشهر جغرافي الإسلام وتكمن شهرته في رسمه لخارطة العالم فبالرغم من كونه يتبع المدرسة الإقليمية ذاتها التي ينسب إليهاالجغرافيون العرب المسلمون إلا إن خرائطه تختلف كلياً عن خرائط ( أطلس الإسلام ) ، فهي تلتزم بمقياس الرسموبتحديد مواقع خطوط الطول ودوائر العرض كما تلتزم بالشكل الحقيقي للمنطقة لذلك عدت فترته قمة ما بلغته الخرائط العربيةمن تطور ومع إن الإدريسي قد حذا حذو بطليموس في مواضع كثيرة ، إلا انه يعد مجددا ومتفوقا عليه في جوانب عديدة (15). يقول ول ديورانت في كتابه (( قصة الحضارة)) عن خرائط الادريسي :’’ وكانت هذه الخرائط أعظم ما أنتجه علم رسم الخرائطفي العصور الوسطى ، ولم ترسم خرائط قبلها أتم منها ، أو أدق ، أوأوسع وأعظمتفصيلاً ‘‘(16)، بل إن خرائط الإدريسي فاقت فيدقتها ووضوحها خارطة العالم لبطليموس، وفي ذلك تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: ’’ وفي أوائل عام 1154 ميلادية أتم الإدريسي عمله العظيم وقدم للملك الذي هدهُ المرض وبات ينظر نهايتهُ سبعين خريطة ، خرائط تفوق خريطة بطليموس الشهيرةفي دقتها ووضوحها وقلة أخطائها ‘‘(17). ولكي ندرك أكثر أثر خرائط الإدريسي في تطور الكارتوغرافيا خلال العصور الوسطى يكفي إن نورد رأي حسين مؤنس( أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب بجامعة القاهرة ومدير معهد الدراسات الإسلامية في مدريد) ، بالإدريسي حيث يقول :- ’’والخلاصة إن الإدريسي يمثل القمة التي وصل إليها العلم الجغرافي في الشرق والغرب على سواء ، فقد أخذ من علم اليونان خلاصة ماضيه ،وأخذ عن مدرسة الجغرافيين الفلكيين أرائهم ، ثم أخذ عن مدرسة المسالكيين فكرة عمل الخرائط الأطالس واعتبرها أساس الجغرافيا ،وطور هذه الناحية من (( أطلس الإسلام )) إلى (( أطلس العالم )) ، وذلك هو تجديده الأكبر ، فهو أول جغرافي في التاريخ نظرهذه النظرة العامة وسما إلى مفهوم عالمي للعلم الجغرافي ، وحق له بذلك إن يوصف بأنه أعظم جغرافي ظهر في الدنيا إلى مطلع العصر الحديث، ثم قبس من المسالكيين المشارقة هذه الدقة في وصف الطرق والبلاد وتقدير المسافات ، وأخذ عن المسالكيين الاندلسين هذا الالتفات إلىالزروع والمحاصيل والمنتجات والصناعات والمتاجر وطرقها وأصنافها ، وأضاف إلى هذا كله شيئاً لم يعرفه أحد من السابقين – حتى المقدسي .وهو تحقيق أقوال الكتب الرحالة ومقارنة بعضها ببعض واختيار الأصح ،ثم تحقيق المقاييس والأبعاد ، وتحويلها إلى مقياس الرسم (( بمقياس الحديد )) ،وتوقيع ذلك على الخريطة شيئا فشياً كما يقول ،،(18). وتبعا لأثر خرائط الإدريسي في تطور علم الخرائط خلال العصور الوسطى فقد ظهرت أهمية تحقيق تلك الخرائط وكشفها للعالم لكييدرك الجميع ما وصل إليه العرب المسلمون من تطور في علم الخرائط في فترة سادا الظلام والجهل في أوربا ، من هذا المنطلق فقد عمل عددامن الباحثين بتحقيق تلك الخرائط ومنهم المستشرق ألماني ( كونراد ملر) الذي عمل سنة 1931على تحقيق خارطة العالم للإدريسي ،وهي خارطة شاملة للعالم عمل الإدريسي على تجزئتها إلى سبعون جزءا تمثل سبعون خارطة وضعها في كتاب واحد أطلق عليه(نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقد تمكن المستشرق ملر من الحصول على النسخ الأصلية من خرائط الإدريسي كاملة فجمع تلك الخرائط لتشكل لديه خارطة واحدة ، وهي خارطة العالم للإدريسي ، وهذه الخارطة قام الأستاذ محمد بهجت الأثري والدكتور جوادعلي بإعادتها إلى أصلها العربي محققة ومحررة وقد عمل المجمع العلمي العراقي على نشرها(19). ومن النسخ الأخرى لخارطة العالم للإدريسي المحققة نسخة الشريحة #219 في موقع أكسفورد بورك مخطوط ، بودليايان مكتبة ،أكسفورد (السيدة بوكوك (R4.FOLS3C,375(19)، يقول الدكتور احمد سوسة عن هذه المخطوطة : " تعد هذه المخطوطة من اصحوأتم المخطوطات المتوفرة لكتاب (نزهة المشتاق في اختراق الأفاق ) ، جلبها بوكوك ( ( pocockeمن سورية نسخت في القاهرة سنة 860ه (1456م)وهي كاملة مع خارطاتها البالغ عددها 71 خارطة ، منها اثنتان مستديرتان للعالم ، وبذلك يكون عدد الخارطات الخاصة بأجزاء الأقاليم 69 خارطة .وهذه المخطوطة محفوظة في مكتبة بودليان (Bodleian) في أكسفورد تحت رقم 375 بوكوك (uri 887)، وقد كتبت بالخط ألنسخي وهي واضحة خطاورسما وهي منقولة عن خط أفريقي " (20). وبفضل الله تعالى تمكنا من الحصول على خارطة العالم للإدريسي التي قام المستشرق ملر من تحقيقها ، كما تمكنا من الحصول على خارطة العالم للإدريسيالموجودةفي الشريحة #219 في موقع أكسفورد بورك مخطوط ، بودليايان مكتبة ، أكسفورد (السيدة بوكوك (R4.FOLS3C,375، وباستخدام التقنياتوالبرمجيات الحديثة استطعنا ان نعيد تجزئة الخرائط السبعون التي قام ملر بتجميعها لتظهر لنا سبعون خارطة إقليمية تمثل خرائط أطلس العالم للشريف الإدريسي ،وها نحنو نترك بين يدي القاري هذه الخرائط السبعون التي تمثل احد ابرز كنوز المعرفة الجغرافية للحضارة العربية الإسلامية . الدكتور رائد راكان قاسم الجواري

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر