24 أغسطس، 2020
( دور كتَّاب الرسائل السلطانية في الحياة العامة في العصر العباسي (132- 656هـ | 750- 1258م )
جرت صباح يوم الإثنين الموافق ٢٤ / ٨ / ٢٠٢٠ وعلى قاعة ابي تمام في الكلية مناقشة أطروحة الدكتوراه والموسومة
( دور كتَّاب الرسائل السلطانية في الحياة العامة في العصر العباسي (132- 656هـ | 750- 1258م )
للطالب( علي حميد عبد ) من قسم التاريخ ،
وتألفت لجنة المناقشة من :أ.د. احمد اسماعيل عبدالله ….رئيساً
أ.د. عوض عبدالكريم ….عضواً
أ.د. سفيان ياسين إبراهيم ….عضواً
أ.م.د. حاتم فهد حلو …. عضواً
أ.م.د. غزوه شهاب احمد …. عضوًا
أ.د. نوفل محمد نوري ….. عضوًا ومشرفًاوقد أجيزت الاطروحة وحصل الطالب على تقدير مستوف..ملخص الرسالة:-
يُعد العصر العباسي في جميع عصوره عصر ازدهار حضاري ونهضة علمية وفي جميعِ المجالات، ومن بينِها الكتابة وما بلغته من تطورٍ ورقي, وأصبحت الكتابة السلم الذي يوصل من خلاله إلى أرقى المناصب في الدولة ومنها الوزارة والحجابة وغيرها, وكان لازدياد عدد المكاتبات الإدارية, فأظهرت الحاجة إلى تنظيم هذه المكاتبات, فأُسندتُ مهمتها إلى ديوان خاص سمي ديوان الرسائل, وصدرت عن هذا الديوان المكاتبات الرسمية من مراسلات وأوامر إدارية ومراسيم تعيينات وغيرها فكان لكتَّاب الرسائل السلطانية من خلفاء أو سلاطين أو أمراء دور كبير في إدارة الدولة سياسيا وإداريا وثقافي, فشدد الخلفاء والأمراء والسلاطين بالشروط الواجب توفرها بكاتب الرسائل السلطانية, منها انتمائه إلى نسب رفيع, وممن يتوفر فيه العلم وعمق الثقافة, وان يتميز بقوة الشخصية والدهاء والذكاء, لأنه هو الذي يحرر الرسائل الرسمية والسياسية الداخلية والخارجية, وهو الذي ينشر بين الناس المراسيم والقرارات والبلاغات, وكان للازدهار الحضاري الذي شهدته بغداد دور كبير في تطور مهنة الكتابة بشكل عام, ومهنة كاتب الرسائل السلطانية بشكل خاص فصار كاتب الرسائل السلطانية دون الكتَّاب الآخرين أهم موظف في الدولة, وعمل الكتَّاب على تثقيف أنفسهم وتطوير ثقافتهم وألموا بمجموعة من العلوم والمعارف فبدأ الكتَّاب يزدحمون ويتنافسون فيما بينهم من اجل الحصول على هذه الوظيفة التي اصبحت مصدر الجاه والشهرة والرفعة, وكانوا يعرضون انفسهم, فيمتحنون امتحاناً عسيراً, تبحث فيه مهارتهم الادبية والعقلية. وبلغ من اهتمام العباسيين بدیوان الإنشاء فكان يضاف صاحب هذا الديوان في أكثر الأحیان إلى الوزارة، فیقوم الوزیر بتنفیذ أموره بقلمه، ومن اشتهر من وزرائهم بالبلاغة فكان معظم كتَّاب الخلفاء وزراء لهم، ويتفق هذا القول كل من القلقشندي والعمري بقولهما: ( كانت كتابة الإنشاء في المشرق في خلافة بني العباس منوطة بالوزراء, وربما انفرد بها رجل, واستقل بها كتَّاب لم يبلغوا مبلغ الوزارة ). فكانت الكتابة السلم الذي يوصل من خلاله إلى ارفع المناصب السيادية في الدولة وكان من يظهر مهارة في هذا الديوان سرعان ما يرقى إلى رياسة الديوان الذي يعمل فيه, وتفتح له الدنيا أبوابها فيصبح رئيساً لمجموعة من الدواوين, وقد يصبح وزيراً للخليفة يَسُوسُ الدولة ويدبر أمورها وشئونها, أو يصبح والياً على احد أقاليم الدولة, فأحتل صاحب ديوان الرسائل مكانة رفيعة عند الخلفاء, وكان كاتب الرسائل مستودع أسرار الخليفة, ويودعون عندهم إسرارهم وخفاياهم، ويطلعونهم على ما لم يطّلع عليه أخص الاخصاء من الوزراء والأهل والولد. وبالرغم من إن منصب الكتابة كان الطريق الرحب للوصول لأعلى المناصب في الدولة, وبالمقابل كان له نتائج وخيمة على صاحبه فقد تعرض أكثر الكتَّاب إلى المصادرة والعزل والنفي والقتل بسبب التنافس بين الكتَّاب من اجل الوصول لهذا المنصب. أكدت هذه الدراسة إن اغلب كتَّاب الرسائل السلطانية كانوا علماء وأدباء, جعلوا من مجالسهم منتديات أدبية وعلمية حافلة فأسهموا في النهوض بالحركة العلمية والأدبية, فشجعوا العلماء والأدباء, وعقدوا لهم مجالس مناضرة علمية وأدبية, وانشئوا العديد من المكتبات وزودوها بالكتب, كذلك كان لهم دور في تأسيس عدد من المدارس وأمنوا لطلابها نفقات السكن والدراسة. كما ظَهَرَ في العصر البويهي كُتَّابا مرموقين كانوا لا يقلون خبرة عن كتَّاب الخلفاء في العصور الذهبية للخلافة, ومنهم ابن العميد والصاحب بن عباد, وكانت صلاحيات كتَّاب الأمراء البويهيين اكبر من صلاحيات كتَّاب الخلفاء الذين عاصروهم بحكم السلطة والنفوذ البويهي على حساب الخلافة العباسية. ولم يكن عصر السيطرة السلجوقية أَقل ازدهاراً, فظهر كتَّاب نبغوا واحترفوا العمل الإداري والسياسي والعسكري للسلاطين السلاجقة, وكان لهم دور اكبر من دور كتَّاب الخلفاء العباسيين وكذلك الحال بالنسبة لوزرائهم كانوا أصحاب قرار ونفوذ اكثر من وزراء الخلفاء بحكم النفوذ والسلطان. كما ظهر في العصر العباسي الأخير رجال برعوا في كتابة الرسائل السلطانية من بينهم ابن أبي الحديد وابن الموصلايا وغيرهم كان لهم اثر طيب في هذا المجال.