6 أبريل، 2020
مقالة علمية للأستاذ المساعد الدكتور وليد سالم محمد بعنوان “كورونا وسؤال الشرعية”
أضحى فايرس كورونا من أهم مهددات الأمن الإنساني على الصعيدين المحلي والعالمي فقد كشفت سرعة تفشي الفيروس في عموم الكرة الأرضية جملة ازمات واختلالات تعانيها الدول كافة مع اختلافات نسبية .
• فقد كشف تفشي الفيروس عن ضعف الأداء الحكومي فيما يتعلق بصنع السياسات العامة في كثير من الدول لا سيما دول العالم الثالث.
• كشف عن ضعف القطاع الصحي وعدم قدرته على مواجهة انتشار الفيروس في الدول المتقدمة فكيف بدول العالم الثالث ودولنا العربية من ضمنها.
الا أن الأزمة الحالية في العالم الثالث والدول العربية ازمة مركبة تنم عن هشاشة بنيوية مركبة تتمثل في ثلاثية الصحة والاقتصاد والسياسة، انعكست في تهديد الأمن الإنساني للأفراد والمجتمعات وهو الأمر الذي يضع شرعية أنظمة الحكم القائمة في محل التساؤل أمام شعوبها، إذ إن ثلاثية الصحة والاقتصاد والسياسة تمس بشكل مباشر الشأن اليومي للمواطن على كل الأصعدة لذا بات الأمن الإنساني مهدداً في هذه الدول.
فالافتقار لأدوات التخطيط الاستراتيجي واستراتيجيات التخطيط وسيادة النسق النازل في صنع السياسات العامة انتج عشوائية في صنع تلك السياسات لاسيما في ظل عدم إشراك المؤسسات غير الرسمية في صنعها، ومن ثم فإن عدم دقة المدخلات سينعكس على نجاعة المخرجات التي غالباً ستستند الى ذات النسق النازل، وهنا فحسب ستكون المخرجات غير ملبية لحاجات الافراد الأساسية، وعندها يشعر الافراد بعدم قدرة جهاز الدولة على اشباع حاجاتهم الأساسية، مما يعني عدم قدرة جهاز الحكم على توليد ثقة الافراد بمؤسسات الدولة، تلك الثقة التي تنتج عبر الخدمات والمنافع التي تقدمها تلك المؤسسات للمجتمع، ومن ثم عدم القدرة هذه تنعكس على تناقص الثقة وعدم التعاون مع تلك المؤسسات ؛ كما ينعكس على الموقف منها واليات التعامل معها، الامر الذي يفتح الباب على مصراعيه حول سؤال شرعية النظم الحاكمة ، لا سيما حين ينظر للشعوب من معيار كمي حينئذ يكون الحرص على أن تكون المخرجات متوافقة وأهداف النظام؛ في الوقت الذي يفترض أن تكون المخرجات توازن بين القدرات وحاجات المجتمع، لذا نجد أن ذلك ينعكس على ضعف الأداء الحكومي في تلبية الحاجات الأساسية، في الوقت الذي تستلزم فيه السياسات العامة (ضمن إطار العلاقة بين المواطن والدولة) مشاورات عامة واسعة ومحمية وذات التزام متبادل تستند إلى الشفافية ورصانة المنظومة القانونية.
وبذلك كشف تفشي فايروس كورونا عن عمق الازمة المركبة وعن الاختلال الوظيفي في جهاز الدولة في المنطقة العربية والعالم الثالث، فهشاشة القطاع الصحي تتكشف عن فجوة عميقة بين هذه الدول والدول المتقدمة ومرده عدم التوازن بين المدخلات والمخرجات في صنع السياسات العامة.
ففي الوقت الذي يكون هناك 1000/3 ثلاث أطباء لكل الف مواطن في الدول المتقدمة نجد في بعض الدول العربية مثلاً هناك 10000/2.6 طبيبان لكل عشرة الاف مواطن ، من ناحية أخرى وفي الوقت الذي تكون فيه حصة الفرد في هذه الدول من تخصيصات القطاع الصحي اكثر من 170 دولار مقارنة بمعيار منظمة الصحة العالمية البالغ 300 دولار فإن الاشغال السريري في المستشفيات الحكومية لم يتجاوز 55% في حين أن منظمة الصحة العالمية قد حددت معيارها بـ 80% ، واشارة الى احصائيات البنك الدولي لعام 2015 فإن هناك 1000/8.1 ثمان اسرة لكل الف مواطن في الدول المتقدمة، نجد هناك 1000/1.5 سرير لكل الف مواطن في بعض الدول العربية، وهو ما يعني أن نسبة ثقة المواطن في القطاع الصحي الحكومي متدنية ولهذا السبب نجد هناك 45% لا يلجأون للخدمات الطبية الحكومية ، الامر الذي يعني أن هناك عدم توازن بين حجم المدخلات ونوع المخرجات، بل هناك فوضوية في صياغة السياسات العامة التي لاتستند الى مقدار حاجات المجتمع لاسيما في الدول النفطية العربية، مما انعكس على تردي الخدمات الطبية في هذه الدول، ناهيك عن تردي البنية التحتية واللوجستية للقطاع الصحي، لاسيما في الدول ذات الاقتصاد الريعي ونظم الحكم غير التشاركية، هنا تكون السياسات العامة تستند للنسق النازل وتغفل عن المشاورات الواسعة والمحمية ذات الالتزام المتبادل ضمن معادلة العلاقة بين المواطن والسلطة السياسية.
مما يعني أن الجهاز الحكومي عاجز عن تحقيق ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وغير قادر على توليد الإحساس بقدرة جهاز الدولة على إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، وهو ما يؤثر في ولاء الفرد لتلك المؤسسات ومن ثم موقفه من السلطة السياسية الحاكمة واليات التعامل معها، وهو الامر الذي يًعبر عنه باهتزاز شرعية أنظمة الحكم في كثير من الدول العربية، وربما بعد تكشف الازمة وانجلاء هذه الجائحة ستتعرض كثير من أنظمة الحكم لسؤال الشرعية، لذلك ولتلافي هذا الاضطراب في سؤال الشرعية، ولتوليد ثقة الافراد بمؤسسات الجهاز الحكومي وتحقيق التوازن بين المدخلات والمخرجات من جهة وبين القدرات والتنبؤات من جهة ثانية ينبغي الاخذ بالحسبان ما يأتي:
١ – تنويع مصادر الاقتصاد لمغادرة منطق الاقتصاد الريعي.
٢ – تنمية القطاع الصناعي.
٣ – الاهتمام بتنمية وتحديث القطاع الزراعي الذي بات مهجوراً في الدول النفطية العربية.
٤ – على الجامعات إقامة مراكز بحثية علمية وطبية متخصصة وديمومة دعمها مادياً ولوجستياً.
٥ – مراعاة التوازن بين مخرجات التعليم وحاجات المجتمع ضمن سوق العمل، والعمل على خلق فرص عمل جديدة موازية لمخرجات تعليم جديدة تتطلبها الحاجة والتطور العلمي للمجتمعات.
فالافتقار لأدوات التخطيط الاستراتيجي واستراتيجيات التخطيط وسيادة النسق النازل في صنع السياسات العامة انتج عشوائية في صنع تلك السياسات لاسيما في ظل عدم إشراك المؤسسات غير الرسمية في صنعها، ومن ثم فإن عدم دقة المدخلات سينعكس على نجاعة المخرجات التي غالباً ستستند الى ذات النسق النازل، وهنا فحسب ستكون المخرجات غير ملبية لحاجات الافراد الأساسية، وعندها يشعر الافراد بعدم قدرة جهاز الدولة على اشباع حاجاتهم الأساسية، مما يعني عدم قدرة جهاز الحكم على توليد ثقة الافراد بمؤسسات الدولة، تلك الثقة التي تنتج عبر الخدمات والمنافع التي تقدمها تلك المؤسسات للمجتمع، ومن ثم عدم القدرة هذه تنعكس على تناقص الثقة وعدم التعاون مع تلك المؤسسات ؛ كما ينعكس على الموقف منها واليات التعامل معها، الامر الذي يفتح الباب على مصراعيه حول سؤال شرعية النظم الحاكمة ، لا سيما حين ينظر للشعوب من معيار كمي حينئذ يكون الحرص على أن تكون المخرجات متوافقة وأهداف النظام؛ في الوقت الذي يفترض أن تكون المخرجات توازن بين القدرات وحاجات المجتمع، لذا نجد أن ذلك ينعكس على ضعف الأداء الحكومي في تلبية الحاجات الأساسية، في الوقت الذي تستلزم فيه السياسات العامة (ضمن إطار العلاقة بين المواطن والدولة) مشاورات عامة واسعة ومحمية وذات التزام متبادل تستند إلى الشفافية ورصانة المنظومة القانونية.
وبذلك كشف تفشي فايروس كورونا عن عمق الازمة المركبة وعن الاختلال الوظيفي في جهاز الدولة في المنطقة العربية والعالم الثالث، فهشاشة القطاع الصحي تتكشف عن فجوة عميقة بين هذه الدول والدول المتقدمة ومرده عدم التوازن بين المدخلات والمخرجات في صنع السياسات العامة.
ففي الوقت الذي يكون هناك 1000/3 ثلاث أطباء لكل الف مواطن في الدول المتقدمة نجد في بعض الدول العربية مثلاً هناك 10000/2.6 طبيبان لكل عشرة الاف مواطن ، من ناحية أخرى وفي الوقت الذي تكون فيه حصة الفرد في هذه الدول من تخصيصات القطاع الصحي اكثر من 170 دولار مقارنة بمعيار منظمة الصحة العالمية البالغ 300 دولار فإن الاشغال السريري في المستشفيات الحكومية لم يتجاوز 55% في حين أن منظمة الصحة العالمية قد حددت معيارها بـ 80% ، واشارة الى احصائيات البنك الدولي لعام 2015 فإن هناك 1000/8.1 ثمان اسرة لكل الف مواطن في الدول المتقدمة، نجد هناك 1000/1.5 سرير لكل الف مواطن في بعض الدول العربية، وهو ما يعني أن نسبة ثقة المواطن في القطاع الصحي الحكومي متدنية ولهذا السبب نجد هناك 45% لا يلجأون للخدمات الطبية الحكومية ، الامر الذي يعني أن هناك عدم توازن بين حجم المدخلات ونوع المخرجات، بل هناك فوضوية في صياغة السياسات العامة التي لاتستند الى مقدار حاجات المجتمع لاسيما في الدول النفطية العربية، مما انعكس على تردي الخدمات الطبية في هذه الدول، ناهيك عن تردي البنية التحتية واللوجستية للقطاع الصحي، لاسيما في الدول ذات الاقتصاد الريعي ونظم الحكم غير التشاركية، هنا تكون السياسات العامة تستند للنسق النازل وتغفل عن المشاورات الواسعة والمحمية ذات الالتزام المتبادل ضمن معادلة العلاقة بين المواطن والسلطة السياسية.
مما يعني أن الجهاز الحكومي عاجز عن تحقيق ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وغير قادر على توليد الإحساس بقدرة جهاز الدولة على إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، وهو ما يؤثر في ولاء الفرد لتلك المؤسسات ومن ثم موقفه من السلطة السياسية الحاكمة واليات التعامل معها، وهو الامر الذي يًعبر عنه باهتزاز شرعية أنظمة الحكم في كثير من الدول العربية، وربما بعد تكشف الازمة وانجلاء هذه الجائحة ستتعرض كثير من أنظمة الحكم لسؤال الشرعية، لذلك ولتلافي هذا الاضطراب في سؤال الشرعية، ولتوليد ثقة الافراد بمؤسسات الجهاز الحكومي وتحقيق التوازن بين المدخلات والمخرجات من جهة وبين القدرات والتنبؤات من جهة ثانية ينبغي الاخذ بالحسبان ما يأتي:
١ – تنويع مصادر الاقتصاد لمغادرة منطق الاقتصاد الريعي.
٢ – تنمية القطاع الصناعي.
٣ – الاهتمام بتنمية وتحديث القطاع الزراعي الذي بات مهجوراً في الدول النفطية العربية.
٤ – على الجامعات إقامة مراكز بحثية علمية وطبية متخصصة وديمومة دعمها مادياً ولوجستياً.
٥ – مراعاة التوازن بين مخرجات التعليم وحاجات المجتمع ضمن سوق العمل، والعمل على خلق فرص عمل جديدة موازية لمخرجات تعليم جديدة تتطلبها الحاجة والتطور العلمي للمجتمعات.
٢ – تنمية القطاع الصناعي.
٣ – الاهتمام بتنمية وتحديث القطاع الزراعي الذي بات مهجوراً في الدول النفطية العربية.
٤ – على الجامعات إقامة مراكز بحثية علمية وطبية متخصصة وديمومة دعمها مادياً ولوجستياً.
٥ – مراعاة التوازن بين مخرجات التعليم وحاجات المجتمع ضمن سوق العمل، والعمل على خلق فرص عمل جديدة موازية لمخرجات تعليم جديدة تتطلبها الحاجة والتطور العلمي للمجتمعات.