أثر فايروس كورونا على الالتزامات التعاقدية – كلية الحقوق
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناولت الدكتوره زينة غانم يونس العبيدي مقالة بعنوان أثر فايروس كورونا على الالتزامات التعاقدية
شكل فيروس كورونا تهديدا خطيرا على الصحة العامة وعلى مستوى عالمي قبل إن يكون محلي وأنتج اثأرا على كل المستويات هذه الآثار تحتاج معالجة قانونية خاصة فيما يتعلق بالالتزامات التعاقدية التي أصبحت في مهب الريح وبسبب هذا الفيروس فقد تكبد المتعاقدين سواءا كانوا أشخاص أو شركات خسائر كبيرة بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية , مما أثار مشكلات قانونية بالغة التأثير وبالغة التكاليف والخسائر مما يتطلب منا الوقوف برهة ومعرفة الآثار القانونية المترتبة على عدم تنفيذ تلك العقود، فهل تعالج هذه الآثار وفقا لنظرية الظروف الطارئة ؟ والقوة ألقاهره ؟ والى أي مدى يمكن إن يكون فيروس كورونا مانعا قانونيا من تنفيذ الالتزامات القانونية المترتبة على ذمة طرفي العقد .
فلو رجعنا إلى نص المادة 146 من القانون المدني العراقي والتي جاء فيها مايأتي ( 1.إذا نفذ العقد كان لازما ولا يجوز لأحد العاقدين الرجوع عنه ولا تعديله إلابمقتضى نص في القانون أو بالتراضي
2. على انه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين إن تنقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك ) نجد فيها إن العقد شريعة المتعاقدين وبالتالي لا يجوز لأحد العاقدين الرجوع عنه أو تعديله إلا في حالتين هما وجود نص في القانون أو بالاتفاق بين الطرفين المتعاقدين هذا ما كرسته ألفقره الأولى من نص المادة 146، أما ألفقره الثانية فيمكن تطبيقها على فيروس كورونا وذلك وفقا للاتي :
1. يعد فيروس كورونا من قبيل الحوادث العامة الاستثنائية غير المتوقعة عند إبرام العقود فلم يكن في حسبان المتعاقدين ظهور هذه الفيروس عند إبرام العقود لذلك يمكننا إن نعده حادثا استثنائيا عاما غير متوقع فهو لايختص بالمدين فترتب عليه وقف الدراسة والتنقل والنشاطات والفعاليات والسفر والعقود بأنواعها .
2. إن هذا الفيروس القاتل لا يمكن دفعه من خلال بذل جهد معقول فقد تسبب في وفاة الكثير من الأشخاص دون إن يتمكن الأطباء من دفعه باستثناء حالات معدودة .
3. إن فيروس كورونا جعل تنفيذ الالتزام العقدي مرهقا على المدين غير مستحيل لو قلنا انه ظرفا طارئا في حين لو قلنا انه قوة قاهره سيجعل تنفيذ الالتزام العقدي مستحيلا فينقضي بذلك التزام المدين بقوة القانون إذا كانت الاستحالة مطلقه .
بمعمى أخر إنا فيروس كورونا إن اعتبرناه قوه قاهره فان أثره على الالتزامات التعاقدية يجعلها مستحيلة التنفيذ عليه ينقضي الالتزام وهذا يرتب أثرا هو عدم التزام الطرف المتعاقد بالتعويض انه غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق يقضي بغير ذلك , في حين لو قلنا إن فيروس كورونا حادثا استثنائيا فان أثره على الالتزامات التعاقدية لايجعلها مستحيلة بل مرهقه على المدين فللطرفين المتعاقدين أما إن يتفقوا على تسوية المنازعة بينهم وديا أو إن يلجوا إلى القضاء من اجل تحقيق التوازن بين طرفي العقد وفي هذا المجال سيكون إمام القاضي إحدى الخيارات الاتيه :
1.أما إن يختار القاضي وقف تنفيذ الالتزامات التعاقدية في مدى معينه إذا كان يتوقع زوال الحادث خلالها , ولكن لحد ألان لم تثبت الدراسات العلمية لهذا الفيروس موعدا مؤكدا لزواله .
2. يمكن إن يختار قاضي الموضوع تخفيف الالتزام إلى الحد المعقول على الطرف المرهق وهو المدين كأن يقرر القاضي في عقد الإيجار على سبيل المثال تخفيض الأجرة على المستأجر أو الإعفاء منها .
3. أو إن يختار القاضي زيادة الالتزامات على عاتق الدائن .
4. أو إن يلجا إلى فسخ العقد والأثر المترتب على الفسخ هو إعادة الحالة إلى ماكانت عليه قبل التعاقد.
من كل ما تقدم نلخص بأن فيروس كورونا يعد قوه قاهره تعفي أو تخفف من الالتزامات التعاقدية وفقا لإحكام نظرية الظروف الطارئة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتوره زينة غانم العبيدي
استاذة القانون المدني
جامعة الموصل / كلية الحقوق