1 أبريل، 2020
اجراءات لجنة الامر الديواني رقم 55 لسنة 2020 في ضوء النصوص الجنائية الموضوعية
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناول الدكتور عباس فاضل سعيد اجراءات لجنة الامر الديواني رقم 55 لسنة 2020 في ضوء النصوص الجنائية الموضوعية.
نظرا لتفشي وباء كورونا في معظم دول العالم وما يشكله من خطر على صحة الأنسان وحياته فقد بادرت الدول ومنها العراق الى اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل الحفاظ على الصحة العامة باعتبار ذلك من أولى واجبات الدولة بموجب الدستور والقانون . وبناءا عليه فقد بادرت الحكومة العراقية الى تشكيل لجنة بموجب الأمر الديواني 55 لسنة 2020 برئاسة وزير الصحة والتي أتخذت جملة من الإجراءات استنادا الى قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 ولوائح الصحة العالمية من أجل درء مخاطر هذا الوباء ومنعا لانتقال العدوى . ورغم ان هذه الإجراءات فيها مساس بحقوق ومصالح يحميها قانون العقوبات في نصوص تجريمية الا انها تعد مشروعة ومباحة لكونها تنطوي تحت اداء الواجب كسبب اباحة وفقا لأحكام المادة 39 من قانون العقوبات التي تنص على ( لا جريمة إذا وقع الفعل قياما بواجب يفرضه القانون. ). وعليه فأن اجراءات حظر التجول واجراءات الحجر الصحي التي تقوم بها الجهات الحكومية ومنها الجهات الصحية لاينطبق عليها نص المادة 322 من قانون العقوبات العراقي المتعلق بحجز الاشخاص والاعتداء على حرياتهم استنادا الى المادة 46 من قانون الصحة العامة التي أجازت لوزير الصحة أو من يخوله عند اعلان منطقة موبوءة بأحد الامراض الخاضعة للوائح الصحة العالمية تقييد حركة تنقل المواطنين وغلق المحلات العامة والمؤسسات الحكومية ومنها التعليمية كما اعطت المادة 52 من القانون المذكور للجهات الصحية الحق في عزل او حجز اي شخص يشتبه بانه حامل لمسبب مرض او انه في دور حضانة احد الامراض الانتقالية ومنها الامراض الخاضعة للوائح الصحية الدولية كما لا يعد الطبيب مرتكبا لجريمة افشاء السر وفقا للمادة 437 من قانون العقوبات اذا علم بحكم وظيفته او مهنته اصابة شخص بحالة مرضية واخبر الجهات المختصة بذلك لأنه ملزم بهذا الاخبار حسب المادة 50 من قانون الصحة العامة كما لا نكون امام جريمة دخول مسكن طبقا للمادة ( 326) من قانون العقوبات في حالة قيام الجهات الصحية بأداء واجبها وفقا للمادة 51 من قانون الصحة العامة التي منحت لها الحق في دخول دور السكن والمحلات العامة او اي مكان اخر لغرض التفتيش الصحي في حالة علمها بوجود اي مرض انتقالي او مستوطن او الاشتباه بوجوده . ولاتقف المسألة عند اباحة الاجراءات التي تعد مساسا بحريات الاشخاص بل ان النصوص العقابية تجرم السلوكيات التي قد تعد استغلالا لظروفها او تقع بالمخالفة لها .ومن هذه النصوص المادة 9 من قانون تنظيم التجارة رقم 20 لسنة 1970 التي تجرم كل امتناع عن بيع سلعة بأسعارها المحددة او بيعها بسعر يزيد عن السعر المحدد كما ان من ينتهك حظر التجوال يتعرض الى المساءلة حسب المادة 240 من قانون العقوبات التي تنص على مسؤولية كل من يخالف الاوامر الصادرة من مؤظف او مكلف بخدمة عامة او المجالس البلدية او هيئة رسمية او شبه رسمية . كذلك فان المادة 368من قانون العقوبات تجرم كل فعل يرتكب عمدا من شانه نشر مرض خطير مضر بحياة الافراد . لذا فان هذه الجريمة من جرائم الخطر اذ لا يشترط وقوع الضرر وانما من شان فعله وقوع الضرر فاذا وقع الضرر ونشا عن ذلك الفعل دون ان يقصد موت انسان او اصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي للموت او جريمة العاهة المستديمة حسب الاحوال وكل ذلك مشروط بعدم تعمده من الفعل احداث الوفاة او الايذاء لأنه في هذه الحالة تطبق نصوص القتل العمد او الايذاء العمد حسب الاحوال . اما جريمة التسبب خطا في انتشار مرض خطير فقد نصت عليها المادة 369 من قانون العقوبات فهنا يشترط المشرع وقوع النتيجة المتمثلة في انتشار المرض واذا نشا عن نشر المرض موت انسان او اصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة القتل الخطأ او الايذاء خطا حسب الاحوال . هذه هي النصوص التي اشرنا اليها على عجالة دون تفصيل والتي نرى انها ذات ارتباط بالإجراءات المتخذة لمواجهة جائحة كورونا من حيث اضفاؤها المشروعية او الاباحة على هذه الاجراءات التي قد تعد مساسا بمصالح محمية في القانون العقابي . او من حيث تقرير العقاب على السلوكيات المخالفة لهذه الاجراءات . والله من وراء القصدالدكتور عباس فاضل سعيد
استاذ القانون الجنائي المساعد
جامعة الموصل / كلية الحقوق