3 نوفمبر، 2020

الأمم المتحدة والنزاعات المسلحة في ظل فايروس كورونا – كلية الحقوق

استنادا إلى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الاحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع وضمن خطط وبرامج عمادة الكلية متمثلة بالدكتور وسام نعمت ابراهيم السعدي المحترم عميد الكلية والسادة اعضاء مجلس الكلية في نشر الثقافة القانونية فقد كتبت الدكتورة سهاد عبدالجمال عبدالكريم مقالة قانونية بعنوان الامم المتحدة والنزاعات المسلحة في ظل فايروس كورونا

نظراً لانتشار فيروس كورونا في دول العالم وقضائه على ارواح الالاف من الاشخاص حول العالم وتهديده لحق الانسان في الحياة وخاصة الذين يعيشون في مناطق النزاع المسلح حيث انهك النزاع النظم الصحية فيها بشكل واضح كما انه من الصعب على الاشخاص الذين يقضون في تلك المناطق جعل الاجراءات الخاصة بالوقاية من الوباء ضمن اولوياتهم وذلك لانهم يخضعون الى تهديدات اخرى مباشرة لحياتهم كأطلاق النار والقصف والتفجيرات ومن الصعوبة لهم الحصول على رعاية صحية مناسبة ومنقذة للحياة لعلاج الاحتياجات الطبية الاخرى، لذلك كان لمنظمة الامم المتحدة دور مهم في ظل هذه الظروف اذ وجه الامين العام للأمم المتحدة ( انطونيو غوتيريش) نداء مهما في (23/اذار/2020) اوعز فيه الى ضرورة وقف اطلاق النار في مناطق النزاعات المختلفة في دول العالم وذلك كإجراء وقائي للحد من وباء covid-19 واكد النداء على ضرورة وقف المعارك في البلدان العربية التي تشهد نزاعات مسلحة كما في اليمن نظراً لانتشار الفيروس عالميا وزياد حالات الاصابات في مختلف الدول، وبما ان الحياة العامة قد توقفت في معظم مفاصلها نتيجة لانتشار الفيروس ومع ذلك لا تزال هناك الملايين من الافراد يعانون من اثار النزاعات المسلحة فالدول التي تواجه عمليات عسكرية او نزاع مسلح الوضع سيكون فيها اكثر خطورة وذلك لعدم كفاية المتطلبات الصحية والطبية وندرة المواد الغذائية وانتشار امراض عديده فضلاً عن تدهور الحالة النفسية للمدنيين جراء تلك العمليات.

ان الهدف من النداء الذي اطلقه الامين العام للأمم المتحدة ( نداء وقف اطلاق النار ) هو تعزيز سبل مكافحة كورونا اذ طالب الامين العام مجلس الامن بضرورة دعم النداء وخاصه من المناطق المراقبة من قبلها ( مجلس الامن ) في كل من سوريا واليمن وافغانستان وليبيا والسودان.

ومن جهة اخرى اعلنت منظمة الامم المتحدة عن خطه انسانية لتقديم المساعدات الانسانية للدول التي يحدث فيها نزاع مسلح والاكثر هشاشه في مواجهه الفايروس وانطلاق نداء لجمع التبرعات لتقديم هذه المساعدة يتم تمويل جزء منها من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك لان مكافحة جائحة covid-19 في الدول التي تعاني في النزاعات المسلحة ستكون شبه مستحيلة ما لم تلق مساعدات انسانية من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية وفق خطه منسقة وسريعة للتقليل من انتشار الفيروس او التصدي له، استناداً الى مقاصد ميثاق الامم المتحدة والذي ينص صراحة في الفقرة (3) من المادة الاولى على تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصيغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك اطلاقاً بلا تميز بسبب الحبس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.

لذلك نقترح بالعمل بنداء الامم المتحدة في انهاء الصراعات والنزاعات والسعي الى ايجاد منافذ للحوار والمصالحة ويستلزم هذا تظافر الجهود الدولية لمنع توريد الاسلحة الى اطراف النزاع وكذلك السعي الى فرض هدنة دولية طويلة الامد ممكن من خلالها الوصول الى حل النزاع المسلح بالطرق السلمية ويمكن تحقيق المصالحة فيما بين الاطراف المتنازعة، وتسعى الامم المتحدة الى بذل جهود مكثفة لأنهاء النزاعات المسلحة وقد تم بالفعل انحسار مؤقت للعمليات العسكرية في ظل جائحة كورونا. اذ ذكر الامين العام للأمم المتحدة ( لقد حان موعد الوقت لوقف النزاعات المسلحة والتركيز معاً على المعركة الحقيقية في حياتنا )، لذلك لا يمكن معالجة او الاستجابة عالمياً للجائحة الا اذا تم وقف النزاع المسلح إذ لا يمكن معالجة المصابين عندما تتعرض المستشفيات والبنى التحتية للقصف لذلك فالدعوة يجب ان تكون حقيقيه وملموسه لوقف اطلاق النار.

ولا يكفي المطالبة فقط بوقف اطلاق النار اذا ينبغي للأمم المتحدة ان تطالب الاطراف المتنازعة في الحوار الشامل الذي يمكن التوصل فيه الى مصالحة وتحقيق السلام استناداً الى تحقيق مقاصد الامم المتحدة في حفظ السلم والامن الدوليين وفض جميع المنازعات الدولية بالطرق السلمية على وجه لا يجعل السلم والامن والعدل الدولي عرضه للخطر، اذ ان النزاع المسلح يؤدي الى نتائج سلبيه متعددة كإنعدام الامن الغذائي وتدمير النظم الصحية والخدمية وزياده تدفق موجات النزوح وحرمان المدنيين من ابسط حقوقهم في الحصول على متطلباتهم الضرورية.

فالعنف والحرب يقوضان القدرة الدولية على التصدي لفيروس كورونا.

وقد ساندت (180) دولة واكثر من (20) جماعة مسلحة نداء الامين العام للأمم المتحدة بوقف اطلاق النار.

ومن اهداف النداء كما ذكرنا ايضاً السعي الى ادخال مساعدات طبية وانسانية عاجله من قبل وكالات وبرامج الامم المتحدة، حيث عملت المنظمات الدولية استناداً الى ميثاق الامم المتحدة على تقديم المساعدات الانسانية للفئات التي تواجه مخاطر النزاعات المسلحة اثناء النزاع وما بعده فعلى سبيل المثال :

1- برنامج الغذاء العالمي الذي يعمل على ضمان وصول المواد الغذائية والمواد الطبية الى مناطق النزاعات المسلحة.

2- عملت وكالة الامم المتحدة للاجئين بإجراءات مهمه لمنع انتشار Covid-19 في مخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان والعمل على توعية السكان وتعريفهم بإجراءات النظافة وزياده الوعي الصحي في مواجهه الفايروس

3- عملت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى دعم النظم الصحية الهشة في مناطق النزاع بالتنسيق مع الامم المتحدة وخاصه في اليمن وليبيا والتنسيق كذلك مع السلطات الحكومية حول تعزيز الممارسة الطبية مثل الفحص الطبي للنازحين ووضع تدابير وقائية للنازحين.

وكان لمجلس الامن دور في تأييد النداء العالمي الذي اطلقه الامين العام للأمم المتحدة بعد خلاف صيني وامريكي حول Covid-19والذي كان له الدور الكبير في عرقلة تصويت اعضاء مجلس الامن بالأجماع على مشروع القرار ( التونسي _ الفرنسي ) بوقف اطلاق النار العالمي للمساهمة في مكافحة جائحة كورونا في 30/ نيسان/2020 والذي كان يدعو الى تعزيز التنسيق في مواجهة الجائحة والسبب في ذلك هو رفض الولايات المتحدة الأمريكية الإشارة الى منظمة الصحة العالمية في مشروع في مشروع القرار لأنها حسب رأيهم فشلت في مواجهة الجائحة بالمقابل فالصين أرادت الاشارة الى المنظمة وبالفعل تم اعتماد مجلس الأمن بالأجماع على القرار (2532) في 1/يوليو(تمور)/2020 الذي يدعم فيه نداء الامين العام للأمم المتحدة لوقف اطلاق النار العالمي بعد ثلاثة اشهرمن الجمود وذلك من اجل مكافحة الوباء وقد تبنى القرار الاعضاء الخمسة عشرة بالأجماع.

ونص القرار علي تحقيق هدنة انسانية لمدة (90) يوما متتالية وذلك للمساهمة في إيصال المساعدات الانسانية الى مناطق النزاع ودعا القرار الى انخراط فوري لجميع الأطراف المتنازعة والمسلحة في هذه الهدنة كما اشار القرار على انه في حال عدم التمكن من محاصرة هذه الجائحة سيكون له انعكاسات خطيرة على السلم والامن الدوليين وطالب القرار عمليات حفظ السلام للقيام بمهامها في مناطق النزاع كما استثنى القرار العمليات العسكرية ضد التنظيمات الارهابية .

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر