24 مارس، 2020
التكييف القانوني لتوقف النشاطات الاقتصادية والتجارية في العراق جراء حظر التجوال لتفادي انتشار فايروس كورونا
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناول الدكتور صدام خزعل يحيى في ورقة عمل التكييف القانوني لتوقف النشاطات الاقتصاديه والتجاريه في العراق جراء قرارات حظر التجول لتفادي انتشار فايروس كورونا.
مما لاشك فيه ان الاداره تسعى لتقديم خدماتها للجمهور،وانه للوصول لهذه الغايه فانها تتجه للضبط والاشراف على تسير المرافق العامه من اجل تحقيق اهدافها الرئيسيه المتمثله (الصحه العامه والسكينه العامه والامن العام)
وقد تقوم الاداره وتحت ضغط تحقق ظروف استثنائيه طارئه غير متوقعه،الى اتخاذ سلسله من القرارات الاداريه لتحقيق ماتقدم.وبقدر تعلق الامرببلدنا العزيز العراق،ونظرا لتفادي الاخطار الصحيه الممكن حدوثها في المجتمع العراقي من جراء انتشار فايروس كورونا المستجد والخطير والقاتل.تلك الجائحه الكبرى التي هزت العالم وجعلته اسير نفسه.فضلا عن ماترتب على ذلك من انهيار انظمه صحيه متقدمه عالميا..فقدلجاءت السلطات التنفيذيه في العراق شانها شان بقية دول العالم الاخرى ،باصدار قرارات استثنائيه في سبيل تحقيق السلطه الضبطيه لها في هذا المجال،ولعل من ابرز تلك القرارات ،قرار حظر التجول العام على الاشخاص والمركبات ووقف النشاطات الاقتصاديه والتجاريه،فضلا عن غلق جميع المؤوسسات الخاصه والعامه التي تمارس نشاطتها الاقتصاديه،باستثناء بعض منها ولاسيما التي تتصل بقوت الشعب وتامينه كالافران والمخابز والمحلات التي تبيع المواد الغذائيه والصيدليات،مما ادى ذلك الى توقف انشطتها التجاريه والاقتصاديه وتكبدها خسائر جسيمه غير متوقعه.
لذا يثار تساؤل هام بهذا الصدد،الاوهو ماهو التعويض الممكن ان يستحقه اصحاب هذه القطاعات التجاريه ،وماهو التكييف القانوني لجبر الضرر؟؟
للاجابه على ذلك نقول لابد من التمييز بين الحالتين التاليتين..
الحاله الاولى:اذاكانت تلك النشاطات التجاريه تعود ملكيتها للدوله او القطاع العام ومستاجره من الاشخاص الطبيعيين(كالمحلات والكراجات والمتنزهات والكازينوهات والمطاعم والمقاهي الخ) حيث ان توقف هذه النشاطات لامرخارج عن ارادة مستاجريها،وبناء على قرار حكومي للاسباب التي ذكرنها سابقا.فالقرار الحكومي هو غايته مشروعه مما يجعله متحصن قانونينا وقضائيا،ولكن بالمقابل ادى وسيؤدي الى الحاق اضرار جسميه لشاغلي تلك العقارات.والامر لايقتصر فقط على عقد الايجار لابل يمكن ان يشمل كل عقد مستمر التنفيذ كالمقاوله اوالتوريد الخ.
ان المنطق والعداله تقتضي وجوب تعويض هؤلاء الاشخاص وجبر ضررهم بالتعويض،وذلك من خلال تحقيق التوازن الاقتصادي لطرفي العقد ومعالجة الاخلال بالتوازن المالي لهم من خلال رفع الارهاق عن هؤلاء وذلك اما باعفاءهم من بدلات الايجار لطيلة مدة نفاذ حظر التجول.او تعويضهم لمده تعويضيه مماثله لتلك المده.ورفع الارهاق لاطراف العقود الاخرى.ولعل السند القانوني والقضائي في هذا الاجراء يمكن رده لنظرية(عمل الامير)والتي يطلق عليها بنظرية المخاطر الاداريه.ومضمون هذه النظريه هو…انه قد يصدر من الاداره بشكل مباشر اوغير مباشر قرارا من شانه ان يؤدي الى تعديل شروط العقد اوظروف تنفيذه كاصدار قانون اوقراراولائحه من شان ذلك ان تعرقل الاستمرار بتنفيذ العقد،ويترتب على ذلك الحاق اضرار ماديه جسيمه بالمتعاقد يستحق تعويضا عن تلك الاضرار.فالاساس القانوني والقضائي الذي تستند عليه هذه النظريه بالتعويض هومبدا تحقيق التوازن للاقتصادي للعقد الاداري الذي هو احد الخصائص الذاتيه للعقود الاداريه ،التي تستهدف تسير المرافق العامه وتحقيق الصالح العام..
الحاله الثانيه:اذاكانت الانشطه الاقتصاديه مملوكه لاشخاص طبيعين ومستاجره ومشغوله من اشخاص طبيعين ايضا …وفقا لهذه الفرضيه يمكن ان نتصور ان هناك عقارات ومنشاءات ممملوكه لاشخاص طبيعين ومستاجره من اشخاص طبيعين اخرين.وترتب على قرار منع التجول توقف هذه الانشطه وتعطلها وتحقق خسائر جسيمه لهم.فكيف يمكن تحقيق التوازن العقدي لهم وجبر الضرر.؟؟للاجابه على ذلك يمكن ان يتم ذلك من خلال اللجوء لاحكام الماده ١٤٦/٢من القانون المدني العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١وتحت مايسمى بنظرية الظروف الطارئه.والتي سبق للقضاء العراقي وان طبقها في حوادث سابقه ومنها ماحدث من فيضانات عام ١٩٥٤.حيث يمكن تطبيق هذه النظريه على الحاله العامه لتوقف الانشطه الاقتصاديه بالعراق.حيث تنص الماده المذكوره (اذا طرات حوادث استثنائيه عامه لم يمكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تجعل تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا بحيث يهدد بخساره فادحه،جاز للمحكمه بعد الموازنه بين مصلحة الطرفين ان تنقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العداله ذلك….)
واتباعا لماتقدم ولان عقد الايجار هو عقد تمكين لمنفعه معلومه لمده معلومه وبعوض معلوم يلزم المؤجر بتمكين المستاجر من الانتفاع به طيلة مدة الايجاروهذا مااشارت اليه الماده ٧٧٢ مدني.لذا وبالاستناد للنصين المذكورين،فانه يمكن القول بان الاساس القانوني في جبر الضرر للمستاجرين من هذه العقارات يتم من خلال تحقيق التوازن الاقتصادي للطرفين وذلك اما بانقاص الاجره اوبزيادة التزامات المؤجر اي بعباره اخرى رفع الارهاق وللمحكمه سلطه تقديريه بذلك..ومن الجدير بالذكر ان كثير من الادارات المحليه قررت ولاسيما لمحافظة نينوى وكربلاء اعفاء مستاجري العقارات العائده ملكيتها لتلك الادارات من بدلات الايجار لشهر اذار وكذلك مفاتحة دوائر الضريبه لاعفاءهم من ذلك ايضا.ولعل السند القانوني يمكن ان يتم في ظل ماذكرناه انفا.. والله من وراء القصد.الدكتور : صدام خزعل يحيى
مدرس قانون المرافعات والاثبات / جامعة الموصل / كلية الحقوق .