18 سبتمبر، 2021
المساواة في الاجر واثره على حقوق الانسان – كلية الحقوق
ان من اساسيات عمل المجتمع الدولي اليوم بما يضمه من دول ومنظمات عامة ومتخصصة عالمية او حتى اقليمية تحقيق الاهداف التي تؤدي في النهاية الى التطبيق الامثل والصحيح على المدى القريب والبعيد ، وتركز الممارسات الدولي والتجارب الناتجة عنها بإسهامات واضحة في مجال حقوق الانسان بصفة عامة مع وجود التطور الموضوعي للحق من خلال تطور صور هذا الحق وتفرع انواعه من خلال التطور المتلاحق تكنلوجيا وعلميا وانسانيا يرافقه العمل المستمر للمجتمع الدولي في مواجهة تلك التطورات بالحماية وكفالة المركز القانوني للأفراد بدون تمييز وعلى اساس المساواة .المساواة : الهدف الخامس من اهداف التنمية 2030ان منظمة الامم المتحدة حين وضعت مجموعة اهداف للتنمية ترغب بتحققها عام 2023 كان الغرض منها في المحصلة حماية حقوق الانسان ومنها المساواة بين الجنسين بمعناه الشامل والواسع والاكبر وبإطاره العام مع وجود اتفاقيات دولية او تشريعات وطنية تعزز من تحقيق هذا الهدف وغيره وتعزز المفهوم من خلال التركيز على جوانب مهمة منه كالمساواة في التعليم والصحة والعمل والاجر وغيرها. ولهذا تشير منظمة الامم المتحدة تعقيبا على مبدا المساواة باعتباره الهدف الخامس من اهداف التنمية بالتأكيد على ان “القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات لا يمثل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضا عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة” ، وهذا التأكيد الراسخ يشمل المساواة بمعناها المطلق ومنه المساواة في الاجر بين الرجال والنساء على حد سواء بدون تمييز .اليوم الدولي للمساواة في الاجريصادف 18 ايلول 2021 اليوم الدولي للمساواة في الاجر والذي يمثل قيمة مضافة من قيم الحماية الدولية سعت المنظمة الدولية( الامم المتحدة) لتعزيزه من خلال مسارين اولهما الاشارة اليه بشكل صريح من خلال الجمعية العامة وادخال مفهوم المساواة بمعناه العام ليمثل اطارا موضوعيا لكل مفاهيم المساواة ضمن اهدف المنظمة 2030.اذ اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها المرقم 74/142 في 18 كانون الاول 2019 في الجلسة ال (50) مع التأكيد على تعزيز وحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية وتأكيدها على ان التمييز بجميع اشكاله بما في ذلك التمييز بين الرجال والنساء والفتيات تبعا لذلك يتعارض مع ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين لعام 1966 واتفاقية القضاء على اشكال التمييز ضد المرأة 1979 واتفاقية حقوق الطفل 1989 واتفاقية ذوي الاعاقة 2006 واتفاقية التمييز العنصري وغيرها من الصكوك الدولية المعنية بحقوق الإنسان. ومؤكدة على قرارات مجلس حقوق الانسان ذات الصلة، فقد اعتبرت يوم 18 ايلول من كل عام يوم دوليا للاحتفاء بالمساوة بالأجر واعتبارا من 18 ايلول 2020 ودعت الدول كافة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص بالاحتفال بهذا اليوم بطريقة ملائمة .الاطار القانوني لمفهوم المساواة في الاجرتشكل الاتفاقية (رقم 100) الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجر لدي تساوي قيمة العمل اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 29 حزيران 1951، في دورته الرابعة والثلاثين، ودخلت حيز النفاذ عام 1953، اطارا قانونيا لحق المساواة في الاجر دون تمييز بين الجنسين .عرفت المادة الاولى/أ من الاتفاقية الاجر بانه “الأجر أو الراتب العادي، الأساسي أو الأدنى، وجميع التعويضات الأخرى، التي يدفعها صاحب العمل للعامل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نقدا أو عينا، لقاء استخدامه له”اما الفقرة (ب) من المادة الاولى فقد بينت مفهوم المساواة فيما يخص معنى الاجر فهي تشير “مساواة العمال والعاملات في الأجر لدي تساوي قيمة العمل” إلى معدلات الأجور المحددة دون تمييز بسبب اختلاف الجنس.والملاحظ ان لفظ الاجر بمعناه الواسع تناولته الاتفاقية كي لا يكون هناك نوع من التخصيص يرافقه ظلم العامل بغض النظر عن جنسه في استيفاء اجر الذي بينت صوره الاتفاقية بشكل واضح لا يقبل التأويل او التفسير .اما المادة الثانية من الاتفاقية فقد الزمت كل عضو في منظمة العمل الدولية أن يعمل، بوسائل توائم الطرائق المعمول بها لديه في تحديد معدلات الأجور، علي جعل تطبيق مبدأ مساواة العمال والعاملات في الأجر لدي تساوي قيمة العمل يعم جميع العاملين، وأن يكفل هذا التطبيق في حدود عدم تعارضه مع تلك الطرائق.وقد بينت الفقرة الثانية من المادة الثانية من الاتفاقية وسائل تطبيق ما ورد في المادة الثانية / اولا، من خلال يمكن تطبيق هذا المبدأ بإحدى الوسائل التالية: كالقوانين أو الأنظمة الوطنية للدولة العضو ، أو أي نظام لتحديد الأجور يقرره القانون أو يقره، أو الاتفاقات الجماعية بين أصحاب العمل أو العمال، أو أي مزيج من هذه الوسائل. وهذا يعني ان الاتفاقية جعلت الامر متروكا للدولة وهي سلطة تقديرية منحتها الاتفاقية بما يتلائم وطبيعة وخصوصية واجر كل دولة ولكن الحد الادنى وهذا مايفهم من المادة الثانية ان الحد الخاص بالمساوة متفق عليه ولكن الية تحقيق المساواة متروكة للدولة العضو تقرره حسبما تشاء سواء كان وفق القوانين او التعليمات او أي نظام خاص يقرر تلك الاجور او يقرها لاحقا او من خلال اتفاقيات جماعية بين اصحاب العمل والعمال او من خلال مجموعة من الوسائل المذكورة مادامت تحقق مبدا المساواة فالوسيلة لاتهم لان المهم في الامر تحقق النتيجة .كما بينت الاتفاقية في المادة الثالثة مسالة التقويم الموضوعي للوظائف اذ نصت على ” تتخذ تدابير لتشجيع التقويم الموضوعي للوظائف علي أساس ما تستلزمه من عمل، حين يكون من شأن التدابير المذكورة تيسير تطبيق هذه الاتفاقية”وهذا يعني ان الدول الاعضاء ملزمة باتخاذ الاجراءات التي من شانها تشجيع التدابير الموضوعية للوظائف على اساس ما تستلزمه من عمل وهذا يساعد على تطبيق الاتفاقية.فيما بينت الفقرة الثانية من المادة الثالثة اساليب التحديد من خلال بقرارات تتخذها السلطات المختصة بتحديد معدلات الأجور، او ما بقرارات تتفق عليها الأطراف المتعاقدة حين يتم تحديد معدلات الأجور باتفاقات جماعية.كما اشارت في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة الى نقطة جوهرية مهمة وهي ان الاختلاف في الاجر بين الجنسين لا يعد مخالفة لمبدا المساواة اذا كان الاختلاف بالأجر يقوم على اساس فروق معدلات الاجور دونما اعتبار الجنس ولا تعد هذه فروقا تمييزية بين الجنسين مادامت تأتي على اساس موضوعي اذ نصت على ” لا يعتبر مخالفة لمبدأ مساواة العمال والعاملات في الأجر لدي تساوي قيمة العمل أن توجد فروق بين معدلات الأجور تقابل، دونما اعتبار للجنس، فروقا في العمل الواجب إنجازه ناجمة عن التقويم الموضوعي المشار إليه”.ان تحقيق المساواة في الاجر او في مجالات الحياة كافة يمثل ضانة مهمة لتحقيق العدالة ويقضي على التمييز ويعزز من مفهوم المساواة بين الجنسين مما يعطي دعما وتعزيزا للنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات، مما ينعكس بشكل ايجابي على حقوق الانسان بمحصلة نهائية لا تقبل الشك