29 مارس، 2020
اليات منظمة الصحة العالمية في مواجهة فيروس كورونا ومدى التزام العراق بها
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناولت الدكتوره سهى حميد سليم (( اليات منظمة الصحة العالمية في مواجهة فيروس كوروناومدى التزام العراق بها))
تقوم رسالة منظمة الصحة العالمية كمنظمة دولية متخصصة مكونة من مجموعة من الدول الاعضاء على الهدف المحدد في دستورها وهو “ان تبلغ جميع الشعوب اعلى مستوى ممكن من الصحة” وهي رسالة تنطوي في صميمها على العالمية والانصاف والصحة كحق من حقوق الانسان, وتقوم المنظمة من اجل حماية هذا الحق باعداد ادوات واليات عمومية عالمية نظمها دستورها, تأتي في مقدمتها “اللوائح الصحية الدولية (2005)التي تتضمن العديد من التوجيهات والتحذيرات في مواجهة المتفشيات المتجددة, ولديها جهاز انذار مبكر وهو جهاز يعمل على مراقبة انواع المتفشيات سريعة الانتشار وتحذير الدول والابلاغ الفوري عنها. والتحديات الصحية العالمية الجديدة تتطلب انواعا مختلفة من القرارات المحددة على المنظمة اتخاذها حسب الموقف ومواصلة العمل بشانها وتوجيه الدول على الالتزام بها. ولعل ابرز ما تقوم به في هذا الظروف هو الحشد من اجل حماية الصحة العمومية , وهنا تضطلع المنظمة بدورها الذي انشات من اجله في تصريف الشؤون الصحية العالمية سواء من حيث الزام الدول او من حيث الطريقة التي يمكن للمنظمة ان تشجع بها التنسيق بين الجهات الفاعلة المعنية بالصحة العمومية سواء على المستوى الدولي او على المستوى القطري. كما ان للمنظمة عن طريق تعزيز الادوية واللقاحات وادوات التشخيص الاساسية ومن خلال تحديد المعايير ووضع المبادئ التوجيهية وزيادة الامدادات للدول المصابة يمكن لها ان تواجه خطر الفاشيات. وفي حالات الطوارئ او عندما يكون هناك خطرا من وقوع فاشيات متجددة او اخفاق النظم الوطنية فيمكن للمنظمة ان تعمل مباشرة للمساعدة في حماية ارواح الناس. وفيما يتعلق بفايروس كوفيد 19 فقد تم توصيفه من قبل المنظمة على “انه وباء عالمي يمكن السيطرة عليه ” اذا عززت الدول اجراءات التصدي له, ولكن المقلق حسب تقارير المنظمة ان بعض الدول لم تتعامل مع تهديد هذا الفايروس بمستوى الالتزام الدولي المطلوب للسيطرة عليه, ولأجل السيطرة على هذه الجائحة التي لا يمكن تحديد مكانها بسهولة, وضعت المنظمة اجراءات ملزمة للدول لحماية الصحة العمومية ومجتمعاتها, تبدا من الحجر الصحي وتشديد المراقبة القوية للعثور على كل حالة ومن اختلط بهم وعزلهم واختبارهم ومعالجتهم. وهنا وحسب توجيهات المنظمة فان الرقابة والاطلاع المباشر عن اخر مستجدات الجوائح يكون عن طريق مكاتب ممثليها لدى الدول, اذ يتم التواصل المستمر على مدار 24 ساعة مع الجهات المعنية والتبليغ المستمر عن اخر الاحصائيات والاجراءات التي تقوم بها الدولة المتفشي فيها الوباء. ولابد من الذكر الى ان منظمة الصحة العالمية اشادت بإجراءات العراق في مجال الحجر الصحي وفرض حظر التجوال الشديد الذي بلغ حد عقوبات سريعة وفورية لأي شخص يخرق الحظر, وهو عمل شرعي فمن حق الدول اتخاذ اي اجراء لحماية الصحة العامة حتى لو كان باستخدام القوة ومنع التجمعات الإجتماعية والدينية وتعطيل المدارس والجامعات بشكل كلي وتعليق الرحلات الجوية . وقد اكدت المنظمة ان دولا عدة برهنت انه يمكن القضاء على الفيروس او السيطرة عليه, ونشير الى ان بعض الدول تفتقر الى المعدات ,وهنا يبرز دور المنظمة في تقديم المساعدة فقد باشرت بإرسال معدات حماية الى 57 دولة وتستعد لإرسال المزيد الى 28 دولة كما ارسلت لوازم مختبرية الى120 دولة ,ومع ذلك نرى ان مساهمة المنظمة في هذا المجال كان ضعيفا وكان عليها توحيد جهودها بالتعاون مع كل الدول, فهي لم تسع الى عقد مؤتمر دولي لمواجهة الفايروس منذ بداية ظهوره في كانون الاول 2019 في وقت لم يكن قد بلغ هذا المبلغ. وفي هذا السياق على العراق اعتماد نهج شامل يتكيف مع وضعه الصحي لمواجهة انتشاره السريع واحتواء الفايروس ركيزة اساسية تمهيدا للقضاء عليه. وهنا نوجه الدعوة الى ايجاد توازن عادل في حماية الصحة وتجنب احداث اضطرابات اقتصادية واجتماعية مع مراعاة احترام حقوق الانسان ,فالذي يصاب بالفايروس ليس مجرما وليس منتهكا للحق في الصحة وينبغي معاملته على اساس انه مريض وقابل للشفاء, والحجر الصحي هو المطلوب ويمثل حل وقائي للمجتمع فالتزام المنازل ومراعاة الوقاية الذاتية للوباء هو الحل الامثل لبداية احتواء الازمة الصحية العامة ,وعليه فلا مجال لدينا الا الالتزام بالتعليمات التي تصدر عن وزارة الصحية وخلية الازمة بقناعة ان هذا الظرف مؤقت وسوف ينجلي بإذن الله.
د.سهى حميد سليم
مدرس القانون الدولي العام
جامعة الموصل -كلية الحقوق