6 أبريل، 2020
تداعيات فايروس كورونا على حق الزوج في مطاوعة زوجته له
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناول الدكتور عامر مصطفى الدباغ تداعيات فايروس كورونا على حق الزوج في مطاوعة زوجته له ..
لا يخفى على العالم أجمع ما يمر به الآن من إنتشار فايروس كورونا المعدي ، ولا شك أن لكل مستحدث أو قديما يعود ليحدث من تداعيات شرعية وقانونية وصحية واجتماعية ونفسية وسياسية تترابط بعضها ببعض وتؤثر في الوقائع وتستلزم البحث عن حكم يتناسب وهذه الجائحة ، وقد ارتأينا أن نبحث تداعيات هذا الوباء على حق الزوج بمطاوعة زوجته له ، فالسؤال الذي يمكن أن يثار في هذا المقام هل تلزم الزوجة بمطاوعة زوجها إذا كانت هي أو زوجها مصابين بفايروس كورونا وفقا لقانون الأحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩م وتعديلاته ؟.
للإجابة على هذا السؤال أقول : إن قانون الأحوال الشخصية العراقي نص على عدم إلزام الزوجة بمطاوعة زوجها إذا كانت مريضة وهذا ما نصت عليه الفقرة ٣ من المادة “٢٥” والتي جاء فيها ” لا تلزم الزوجة بمطاوعة زوجها ،ولا تعتبر ناشزا ،إذا كان الزوج متعسفا في طلب المطاوعة قاصدا الإضرار بها أو التضيق عليها ويعتبر من قبيل التعسف والإضرار بوجه خاص ….٤- إذا كانت الزوجة مريضة بمرض يمنعها من مطاوعة الزوج …” سيما وأن المرض قد يعدي الزوج هذا من جانب ، ومن جانب آخر لم نجد بلفظ(بمنطوق) المادة في أعلاه ما ينص على الحق في إمتناع الزوجة عن مطاوعة زوجها إن كان هو المريض ، ولكن إذا أخذنا بفحوى النص (بمفهوم النص) والذي اشارت إليه المادة الأولى فقرة (١)من القانون في أعلاه والتي جاء فيها “تسري النصوص التشرعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناول هذه النصوص في لفظها أو في فحواها ” نستبط الحكم الآتي من فحوى النص والذي يقضي بعدم إلزام الزوجة بمطاوعة زوجها إذا كان مرضيا مرضا معديا ؛لأن طلب الزوج بالمطاوعة فيه ضرار بوجه أخص، وبعبارة أخرى إذا كان الزام الزوجة بالمطاوعة في مرضها فيه ضرر محتمل فالمشرع اعطاعها الحق في عدم مطاوعة زوجها فلأن يعطى لها الحق بعدم مطاوعة زوجها المريض بفايروس كورونا أولى لأن الضرر محقق ومتعدي ، ويمكننا أن نستنبط بأن للزوجة الحق في الإمتناع عن مطاوعة زوجها في مرضه حتى وإن كان يؤمل زواله مما نصت عليه الفقرة (٦) من المادة (٤٣) من القانون في أعلاه والتي جاء فيها “إذا وجدت بعد العقد ، أن زوجها مبتلى بعلة لا يمكن معها معاشرته بلا ضرر ،كالجذام أو البرص أو السل أو الزهري أو الجنون ،أو أنه أصيب بعد ذلك بعلة من هذه العلل أو ما يماثلها ،على أنه إذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي أن العلة يؤمل زوالها ،فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة ،وللزوجة أن تمتنع عن الإجتماع بالزوج طيلة مدة التأجيل” هذا النص وإن كان خاصا بالتفريق القضائي ،الا انه أشار كلمة زوجة اي ان التفريق لم يقع بعد ،ونلحظ أن المشرع قال للزوجة أي اعطاها الحق في الاجتماع مع زوجها من عدمه ،ولم يقل على الزوجة، ولكن إذا كان الزوج مصاب بمرض كورونا فعلى الزوجة أن لا تطيع زوجها الا بالقدر الذي يجنبها العدوى ؛لأن هذا الفايروس قد لا يقف عندها ويتعدها إلى أولادها وأبويها وأقاربها وبهذا تتسع دائرة المرض وهذا ما يضر بالصحة العامة ،وتتأثر المصلحة العامة التي يجب أن تقدم على المصلحة الخاصة المتمثلة بمطاوعة الزوج كما أن فيه درء للمفسدة التي يجب أن تقدم على جلب المنفعة .. والله تعالى أعلى وأعلم
الدكتور عامر مصطفى الدباغ
مدرس قانون الاحوال الشخصية
جامعة الموصل / كلية الحقوق