7 مايو، 2020

تداعيات وباء كورونا على قاعدة وجوب الاثبات بالدليل الكتابي – كلية الحقوق

استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ المساعد الدكتور وسام نعمت السعدي المحترم عميد الكلية فقد تناول الدكتور اوان عبد الله الفيضي
تداعيات وباء كورونا على قاعدة وجوب الاثبات بالدليل الكتابي
لقد تعددت التداعيات التي اخذت تترتب على انتشار فايروس كورونا ( covid-19) خاصة من بعد ما تم اقراره وتصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية على انه جائحة عالمية, فترتبت على ذلك تداعيات سواء على المجتمع المحلي الداخلي ام على المجتمع الدولي الخارجي, بكافة المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية, تلك التداعيات التي القت بضلالها على سائر مرافق وعجلة الحياة الوطنية والدولية ,واثرت تأثير كبيرا” على حقوق الافراد والشركات والمنظمات وتعاملاتهم القانونية خاصة , مما دفعنا الى الاسهام وتوضيح بعضا منها خاصة فيما يتعلق بتداعيات هذا الوباء على قاعدة وجوب الاثبات بالدليل الكتابي .
فقد بينت المادة/ 76 و77 من قانون الاثبات العراقي النافذ رقم 107 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم46 لسنة 2000على الحالات التي يجوز فيها أصلا الاثبات بالشهادة وهي وجود الوقائع المادية كذلك حالة التصرف القانوني الذي لا يزيد قيمته على(5000) خمسة الاف دينار, والحكمة من السماح لإثبات ذلك ترجع الى تيسير امور المتعاقدين وتمكينهم من الاثبات بالشهادة اذ ان اشتراط الكتابة فيما دون النصاب القانوني قد يعوق غالبا التعامل ما بين المتعاقدين الذين لا يحسنون القراءة والكتابة ويضعهم في حرج ليس له ما يسوغه لاسيما وان احتمال شراء ذمة الشهود يتضاءل كلما قلت قيمة النزاع .
كما انه من المعلوم ان قاعدة وجوب الاثبات بالدليل الكتابي تنطبق اذا ما كان التصرف القانوني يزيد على النصاب القانوني سواء كان هذا التصرف مدنيا ام تجاريا , اذ ان قانون الاثبات العراقي هنا قد انفرد بهذا الاتجاه الجديد فألغى قاعدة حرية الاثبات في الامور التجارية دون سائر التشريعات العربية الاخر التي تجمع على ان الاصل في الامور التجارية اثباتها بطرق الاثبات كافة لما يقتضيه التعامل التجاري من سرعة وتبسيط .
الا ان هناك حالات تجوز فيها الاثبات بالشهادة استثناء” على قاعدتنا المعروفة بوجوب الاثبات بالدليل الكتابي وهي حالة وجود مبدأ الثبوت بالكتابة وفقدان السند بسبب لا دخل لإرادة صاحبه فيه ووجود مانع مادي أو ادبي يحول دون الحصول على دليل كتابي وفي حالة وجود اتفاق او قانون يجيز اثبات التصرف القانوني الذي يزيد قيمته على النصاب القانوني بالشهادة.
وبهذا فقد اجازت المادة/18 – اولا من قانون الاثبات العراقي, والمادة/63 –أ من قانون الاثبات للمواد المدنية والتجارية المصري النافذ رقم 25 لسنة 1968المعدلوالمادة/30 -2 من قانون البينات الأردني النافذ رقم 30 لسنة 1952 المعدل , والمادة /57 –أ من قانون البينات في المواد المدنية والتجارية السوري النافذ رقم 359 لسنة 1947 المعدل , والمادة/1348-2 من القانون المدني الفرنسي النافذ 1804المعدل, الاثبات بجميع طرق الاثبات ما كان يجب اثباته بالكتابة اذا وجد مانع مادي او ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي , والمانع هنا هو الذي تنشأ عنه استحالة الحصول على كتابة وقت التعاقد استحالة نسبية عارضة , اي استحالة مقصورة على شخص معين وراجعة الى الظروف الخاصة التي يتم فيها التعاقد,ولا يمكن حصر ما يعد من الموانع المادية مقدما, لان الامر يتصل بظروف كل واقعة على حدى , وتقدير وجود المانع المادي من عدمه غالبا ما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع, فعلى القاضي ان يتبين في حكمه الاسباب المقبولة عقلا عما اذا كانت الظروف التي نشأ فيها التصرف تعد مانعا ماديا حال دون الكتابة ام لا , والا كان حكمه مشوبا بالقصور مما يستوجب نقضه .
ويمكن ان يتحقق المانع المادي في حالة قيام المتعاقد بإنشاء تصرف قانوني سريع يتعذر عليه الحصول على الوقت الكافي لإثباته كما في حالة ما يتم من تصرفات قانونية في اثناء الاضطرابات الطبيعية او السياسية كالزلازل والفيضانات والثورات والحروب والحرائق او كحالات ايداع الاموال لدى الغير كالجيران أو الاقارب او في حالة الاقتراض الاضطراري او السفر المفاجئ السريع او الحالة التي نحن عليها الان وهي حالة وباء كورونا اعاذنا الله تعالى واياكم منه

الدكتور اوان عبد الله محمود الفيضي
استاذ قانون المرافعات والاثبات المدني
جامعة الموصل / كلية الحقوق

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر