25 مايو، 2025
دور المؤسسات التعليمية في الحد من التطرف الفكري

مقالة قانونية تخصصية للدكتور أحمد فارس إدريس –
جامعة الموصل – كلية الحقوق،،،
يمثّل التطرف الفكري أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة لاسيما تلك الخارجة من أزمات أمنية ونزاعات مسلحة كما هو الحال في محافظة نينوى وقد أثبتت التجارب المقارنة أن المؤسسات التعليمية وعلى رأسها الجامعات تؤدي دوراً محورياً في تحصين المجتمعات من هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي القانوني وتعزيز مبادئ المواطنة والترويج لثقافة التعددية والاعتدال ، وانطلاقاً من المسؤولية القانونية والأخلاقية تكتسب هذه المؤسسات دوراً وقائياً وتربوياً في معالجة جذور التطرف قبل تحوّله إلى سلوك عدواني يهدد الأمن والسلم المجتمعي ، علية سنبين الإطار القانوني لدور المؤسسات التعليمية في مكافحة التطرف ، حيث تكفلت الدساتير والتشريعات الوطنية في أغلب الدول ومنها الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥ الحق في التعليم وتُحمّل الدولة بموجب المادة ٣٤ مسؤولية ضمان بيئة تعليمية خالية من التمييز والعنف الفكري كما تنص المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن التعليم يجب أن يهدف إلى تعزيز التفاهم ، التسامح ، والصداقة بين الأمم والجماعات الدينية أو العرقية
وفي هذا السياق تعتبر المؤسسات التعليمية جزءاً من المنظومة القانونية الوطنية في مجال الوقاية من الجريمة لاسيما جرائم الإرهاب عبر أدوات ناعمة تتعلق بتشكيل الوعي ونشر ثقافة القانون ، وتقع مسؤولية المؤسسات التعليمية في بناء الوعي القانوني على عاتق الجامعات والكليات والمعاهد من خلال دور ها المركزي في:-
١. نشر الوعي الدستوري بين الطلبة من خلال تدريس مواد تتعلق بالحقوق والحريات والواجبات مما يسهم في تشكيل جيل يعي حدوده القانونية ولا يقع فريسة للخطابات المتطرفة .
٢. تضمين المناهج مفاهيم القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وحرية الفكر وقيم التسامح وهي مفاهيم تعمل على تعزيز مناعة الطلبة ضد الفكر الإقصائي .
٣.تشجيع البحث العلمي في قضايا التطرف من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه التي تتناول العوامل القانونية والاجتماعية والسياسية المؤدية للتطرف .
٤. تنظيم ورش عمل وندوات قانونية تتناول الجرائم المرتبطة بالفكر المتطرف وحدود حرية التعبير ومسؤولية الأفراد في مواجهة خطاب الكراهيةو.
٥.تمكين الطلبة من أدوات النقاش والحوار بما يتيح لهم التعبير عن أفكارهم دون اللجوء إلى العنف مع احترام الرأي الآخر في إطار القانون .
ويجب ان يكون هنالك تكامل بين المؤسسة التعليمية والمؤسسات القانونية ولا ينحصر دور المؤسسات التعليمية داخل الحرم الجامعي فقط بل يجب أن تتكامل مع
• القضاء: عبر عقد شراكات معرفية وندوات مشتركة حول التطرف وخطورته القانونية .
• مؤسسات إنفاذ القانون للمساعدة في صياغة برامج وقائية موجهة للشباب .
• منظمات المجتمع المدني في تنفيذ حملات توعية قانونية موجهة للمناطق المتضررة من الفكر المتطرف .
واخيرا نبين اهم التوصيات القانونية
١. تعديل التشريعات التعليمية لإلزام المؤسسات بدمج مفاهيم السلام وسيادة القانون ضمن الخطط الدراسية .
٢. إنشاء مراكز جامعية قانونية متخصصة في رصد وتحليل خطاب التطرف وربطها بجهات اتخاذ القرار .
٣. إشراك الأكاديميين في وضع السياسات الوطنية لمكافحة التطرف من خلال لجان قانونية وفكرية مشتركة .
٤. يُعد دور المؤسسات التعليمية وخاصة الجامعات في الحد من التطرف الفكري ليس فقط مهمة تربوية بل هو التزام قانوني وأخلاقي تجاه المجتمع وفي محافظة نينوى التي عانت من تبعات الفكر المتطرف ، فإن تفعيل هذا الدور يشكّل خطوة أساسية في عملية إعادة بناء السلم الأهلي وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وإنفاذ القانون ومن هذا المنطلق على الأكاديميين، وصناع القرار التعاون في ترسيخ منظومة تعليمية مقاومة للتطرف ومؤسسة لمجتمع أكثر عدالة واستقراراً .


















