26 يوليو، 2025
إشكالية خور عبد الله بين العراق والكويت – بين السيادة والالتزام الدولي

إ
مقالة قانونية تخصصية
د. أحمد فارس إدريس
كلية الحقوق- جامعة الموصل
المقدمة
يُعد خور عبد الله من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية للعراق، إذ يمثل المنفذ البحري الحيوي المؤدي إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير. وقد برزت الإشكالية القانونية حول هذا الخور بعد عام 1993 حين أصدرت الأمم المتحدة القرار 833، والذي رسم الحدود بين العراق والكويت بناءً على توصيات لجنة ترسيم الحدود التابعة للأمم المتحدة، مما أعاد ترسيم جزء من خور عبد الله لصالح الكويت.
الجوانب القانونية:
• صدر القرار 833 (1993) استنادًا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كإجراء ضمن سلسلة عقوبات وإجراءات أعقبت غزو العراق للكويت عام 1990.
• العراق وافق ضمنيًا على القرار في وقت لاحق ضمن جهود رفع العقوبات، لكنه لم يصادق عليه تشريعيًا عبر البرلمان، ما ترك أثرًا قانونيًا داخليًا يتعلق بشرعية التنفيذ الكامل.
نقاط الإشكال:
1. العراق يعتبر أن ترسيم الحدود البحرية قد أخلّ بسيادته على جزء مهم من ممره الملاحي.
2. الكويت تعتبر أن ما جرى تم وفق قرارات دولية ملزمة لا يمكن الرجوع عنها.
3. الخلط بين مفهومي “الترسيم الحدودي” و“تنظيم الملاحة” سبب حالة من الغموض السياسي والقانوني.
الموقف القانوني:
• وفق القانون الدولي، فإن قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع ملزمة للدول الأعضاء، ومنها القرار 833.
• لكن من زاوية السيادة الوطنية، فإن أي تنازل عن الحدود يجب أن يُصادق عليه وفق الإجراءات الدستورية الوطنية، وهو ما لم يحصل في العراق بحسب البرلمان العراقي.
• هذه الإشكالية تفتح نقاشًا مهمًا حول التوازن بين الالتزامات الدولية والشرعية الدستورية الوطنية.
زالتوصيات القانونية:
1. فتح حوار فني وقانوني مشترك بين العراق والكويت، بعيدًا عن التسييس.
2. تشكيل لجنة وطنية مختصة من القانونيين والخبراء في القانون الدولي البحري لإعادة دراسة المسألة ومخرجاتها.
3. الاحتكام إلى القضاء الدولي أو التحكيم البحري في حال استمرار الخلاف، وفق ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982.
4. توثيق الموقف العراقي في المحافل الدولية بشكل مؤسسي يراعي التوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الدولية.
الخلاصة:
قضية خور عبد الله تتجاوز الجغرافيا إلى عمق السيادة والقانون الدولي، وهي تحتاج إلى معالجة هادئة واحترافية بعيدًا عن التصعيد، وضمن إطار يحفظ الحقوق ويصون العلاقات الإقليمية.

















