25 مايو، 2025
كامل عبدالحسين البلداوي: رحلة عطاءٍ وانتماءٍ انتهت بالشهادة

وُلد كامل عبدالحسين البلداوي في قضاء بلد عام ١٩٤٥ لِيُصبح أحد أبرز الأسماء اللامعة في مجال القانون والتربية الأكاديمية في العراق ، إذ حمل على عاتقه رسالة العلم والإصلاح وكرّس حياته لبناء صروح تعليمية رصينة حتى استشهاده عام ٢٠٠٦ في ظروفٍ مأساويةٍ خلّفت جرحًا عميقًا في وجدان كل من عرفه .
من جامعة بغداد إلى تأسيس كلية القانون في الموصل ،
حصل البلداوي على شهادة البكالوريوس في القانون من كلية القانون بجامعة بغداد ثم واصل مسيرته الأكاديمية لينال درجة الماجستير من الجامعة ذاتها ، لم تكن مساهماته مقتصرة على التحصيل العلمي فحسب بل انطلق ليكون من المؤسسين الأوائل لكلية القانون في جامعة الموصل حيث أسهم بدورٍ محوري في وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح التعليمي سواء على المستوى الأكاديمي أو الإداري .
عطاءٌ متواصل في التدريس والإدارة،،،
برز البلداوي كأستاذٍ متميزٍ في التدريس حيث أشرف على عشرات الأبحاث في الدراسات الأولية والعليا وساهم في إعداد كوادر قانونية كفوئة حملت مشعل العدالة في مراحل لاحقة إلى جانب دوره التعليمي ، فقد تقلّد مناصب إدارية عدّة كان آخرها منصب معاون عميد الكلية ، حيث عمل على تطوير المناهج وتحديث آليات العمل معززًا مكانة الكلية كمرجعية علمية رائدة .
بين التهديدات واستشهادٍ غادر،،،
لم تكن مسيرة البلداوي خالية من المخاطر ففي ظلّ الظروف الأمنية المتدهورة التي شهدها العراق آنذاك تعرّض لتهديداتٍ متكررة بالتصفية الجسدية بسبب مواقفه الوطنية و دوره الأكاديمي المؤثر لكنه ظلّ صامدًا في موقعه رافضًا ترك رسالته التعليمية ، وفي يومٍ مشؤومٍ من ايام سنة ٢٠٠٦ وبعد مغادرته كلية القانون بنهاية الدوام الرسمي هاجمته عصابات إجرامية وأطلقت النار عليه ليرتقي شهيدًا في مكانه مُختتمًا مسيرةً حافلةً بالعطاء .
إرثٌ لا يُنسى،،،
رغم رحيله المفجع بقي إرث البلداوي حيًا في كلية القانون بجامعة الموصل التي تحوّلت بفضل جهوده إلى منارةٍ للعلم تُخرّج أجيالًا من القضاة والمحامين والأكاديميين ، كما وتُذكر سيرته اليوم كمثالٍ عن الإخلاص في العمل الأكاديمي والتضحية في سبيل بناء مؤسسات وطنية راسخة حتى تحت سقف الخطر ، فشهادته لم تكن سوى فصلٍ أخير في حياةٍ امتزجت فيها المعرفة بالشجاعة ، والانتماء بالعطاء.


















