17 أغسطس، 2025
مقالة قانونية توعوية

دور جامعة الموصل في الحد من خطاب الكراهية
الدكتور أحمد فارس ادريس
كلية الحقوق – جامعة الموصل
المقدمة
منذ تحرير مدينة الموصل من سيطرة عصابات داعش الإرهابية، أخذت جامعة الموصل على عاتقها مسؤولية تاريخية وأخلاقية في إعادة بناء الوعي المجتمعي، وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع الموصلي، وكان في مقدمة هذه الجهود الحد من خطاب الكراهية بكل أشكاله.
أولاً: مفهوم خطاب الكراهية: خطاب الكراهية هو أي تعبير شفهي أو كتابي أو سلوكي يتضمن تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف ضد فرد أو جماعة استناداً إلى العرق أو الدين أو القومية أو اللون أو النوع الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو أي هوية أخرى. ويأخذ هذا الخطاب صوراً متعددة، منها التصريحات الإعلامية، المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، الشعارات، أو حتى المحتوى التعليمي الذي يغذي التفرقة.
ثانياً: أنواع خطاب الكراهية
1. خطاب الكراهية الديني: الذي يستهدف الأديان أو المذاهب المختلفة بالتحريض أو التشويه.
2. خطاب الكراهية العرقي أو القومي: الذي يميز أو يهاجم جماعة ما بناءً على أصلها العرقي أو قوميتها.
3. خطاب الكراهية السياسي: الذي يحرض على العداء أو الإقصاء بسبب الانتماء الحزبي أو الموقف السياسي.
4. خطاب الكراهية الاجتماعي: المرتبط بالتحريض ضد فئات معينة مثل النساء، أو ذوي الإعاقة، أو الأقليات.
ثالثاً: دور جامعة الموصل وكلية الحقوق في الحد من خطاب الكراهية: منذ عام 2017، تبنت كلية الحقوق في جامعة الموصل برامج توعوية متواصلة للحد من خطاب الكراهية، تضمنت:
١.تنظيم ورش عمل وندوات ومؤتمرات علمية تناقش خطورة خطاب الكراهية وأثره على الأمن المجتمعي، وتركز على الجوانب القانونية لمكافحته.
٢.توجيه البحوث الأكاديمية، حيث شجعت الكلية طلبة الدراسات العليا على اختيار موضوعات تتعلق بخطاب الكراهية وأثره على المجتمع، فأُنجزت رسائل دبلوم وماجستير وأطاريح دكتوراه في هذا المجال.
٣.الزيارات الميدانية، إذ قام كادر الكلية بزيارة المدارس والمؤسسات الحكومية والمجتمعية لنشر ثقافة التسامح والتعايش، وربط خطاب الكراهية بمفاهيم التطرف الفكري والديني، لتوضيح العلاقة بينهما وخطرهما على الأمن الوطني.
رابعاً: وسائل الحد من خطاب الكراهية عبر الجامعات
يمكن للمؤسسات الأكاديمية – وخاصة كليات الحقوق – أن تساهم في مواجهة خطاب الكراهية من خلال:
1. إدماج مفاهيم التسامح والمواطنة في المناهج الدراسية.
2. تعزيز الثقافة القانونية لدى الطلبة بشأن القوانين المحلية والدولية التي تجرم خطاب الكراهية.
3. تشجيع البحث العلمي لإيجاد حلول عملية وتشريعية للحد من الظاهرة.
4. استخدام المنابر الإعلامية الجامعية لتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر الرسائل الإيجابية.
5. التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لإطلاق حملات توعية شاملة.
الخاتمة:
لقد كانت تجربة الموصل بعد التحرير درساً في أن مواجهة خطاب الكراهية ليست مهمة آنية بل مشروع وطني طويل الأمد، تتضافر فيه الجهود الأكاديمية والقانونية والمجتمعية. وقد أثبتت جامعة الموصل، عبر كلية الحقوق، أن الجامعة ليست فقط مكاناً للتعليم، بل منصة فاعلة لإعادة بناء الإنسان، وحماية النسيج الاجتماعي، وصناعة السلام الدائم.


















