3 أغسطس، 2025

مقالة قانونية

في ذكراها الاليمة
الابادة الجماعية … جريمة ضد الايزيديين
شكلت الجريمة التي وقعت ضد الاخوة الايزيدين بعدا انسانيا كبيرا اذ ارتكبت عصابات داعش الارهابية جريمة الابادة الجماعية ضد الايزيديين في الثالث من اب 2014 بعد احتلال مدينة الموصل في العاشر من حزيران 2014 ..
اذ ارتكبت تلك العصابات اقسى وابشع انواع الجرائم في المدينة ومنها في سنجار، فقامت بقتل واضطهاد ابناء ذلك المكون من الديانة الايزيدية، ونقل اطفال ، وتشريدهم وتدمير دورهم وهدم معابدهم وسب نسائهم وقتل رجالهم مما شكل جريمة ابادة جماعية وفقا للتكييف القانون في ظل القانون الدولي ..
التكييف القانوني للجريمة
ارتكب تلك العصابات جريمة ابادة جماعية ضد الايزيديين عام 2014 ومصطلح الابادة الجماعية او ما يعرف بال genocide وهو مكون من مقطعين (genos) وتعني العرق او القبيلة و(cide) تعني القتل ) باللاتينية وتصبح قتل العرق او القبيلة .
تم الاعتراف بجريمة الابادة الجماعية عام 1946 من الجمعية العامة للأمم المتحدة كجريمة مستقلة بموجب اتفاقية (منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها) وقد صادقت عليها 153 دولة وتشكل هذه الاتفاقية اليوم جزء من القانون الدولي العرفي العام، وهذا يعني انه سواء صادقت عليها الدول ام لا فأنها ملزمة قانونا بمنع الابادة الجماعية واعتبارها جريمة محظورة بموجب قواعد القانون الدولي العام .

نظام روما الأساس ١٩٩٨
في العام 1998 وضع نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي دخل حيز النفاذ عام 2002 في المادة السادسة لغرض هذا النظام الأساسي تعني ” ال إبادة الجماعية ” أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً:
أ) قتل أفراد الجماعة.
ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
ج) إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.
د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
هـ) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى

واذا طبقنا هذه الافعال سنجد ان ما تعرض اليه الايزيديين في مدينة سنجار انما هي جريمة ابادة جماعية مكتملة الاركان فالركن المادي والذي يتضمن الافعال الجسيمة التي ذكرتها المادة وهي القتل والحاق الاذى الجسدي والتسبب في في اذى عقلي او فرض ظروف معيشية متعمدة وغيرها، مما ورد في المادة السادسة، اما الركن المعنوي، والذي يميز هذه الجريمة عن الجريمة ضد الانسانية هي القصد الجنائي الخاص وهي نية التدمير لمجموعة قومية او اثنية او دينية بصفتها هذه كليا او جزئيا، فضحايا الابادة الجماعية يتعرضون عمدا الى التدمير الكلي او الجزئي بقصد هلاكهم لكونهم ينتمون لقومية او ديانة او اثنية معينة، وهذا ما حصل مع الاخوة الايزيديين، فالجريمة التي ارتكبت بحقهم جاءت متطابقة كليا مع ما تضمنته المادة السادسة، فالتنظيم كان له النية والقصد الخاص في قتل وتدمير والحاق الاذى الجسدي والعقلي وتشريد الايزيديين ونقل الاطفال عنوة وسبي النساء وغيرها من الافعال بقصد هلاك الايزيدين هلاكا كليا او جزئيا ولم يقتصر الامر على ذبك بل تدمير المباني والمعابد وكل ما يتصل بهم وبتراثهم وثقافتهم وحياتهم مما يؤدي الى هلاكه كليا ومنع تواجده في تلك المنطقة الجغرافية المحددة .

واليوم نحن نستذكر جميعا هذه الجريمة .. ندعو الى ضرورة اعادة المختطفات المتبقيات .. وتحريرهن من تلك العصابات .. وتحقيق العدالة من خلال اعمال وتنفيذ محاكمة كل من تسبب في ارتكاب تلك الجريمة سواء كان فاعلا اصليا ام شريكا بالمساهمة او سهل ارتكاب تلك الجريمة وتنفيذ القانون بما يحقق العدالة.

ان الاجراءات الحالية التي حاولت وتحاول انصاف الضحايا مثل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية لأنصاف المكون الايزيدي ومنها اعتماد قانون الناجيات الايزيديات رقم (8) لعام لاتزال تشكل اللبنة الاولى لتحقيق العدالة وانصاف الضحايا.

نقف اليوم لنحيي وبالم عميق هذه الذكرى الاليمة التي شكلت جريمة في حق الانسان، والانسانية ،ضد أفراد محبين للسلام والتعايش في هذا البلد العزيز .. فكل الكلمات عاجزة في هذا الاستذكار الاليم ولكن.. العدالة ستتحقق حتما لتنصف الضحايا .

#جامعة_الموصل
#الجامعة_المستدامة
#الاستدامة

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر