10 سبتمبر، 2025
مقالة قانونية

في ذكرى اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات
التعليم ميدان أمن..
د.زياد عبدالوهاب النعيمي
كلية الحقوق /جامعة الموصل
يعد التعليم احد الحقوق الاساسية للإنسان في ظل الظروف العادية والاستثنائية ،اذ ترتبط بهذا الحق الكثير من الحقوق الإنسانية الاخرى وهو مرتبط بشكل اساسي في تحقيق التنمية من خلال دوره في القضاء على الفقر والجوع وتحقيق المساواة وضمان تكافؤ الفرص، وتحقيق الامن، والسلام والعدالة وغيرها من الغايات الانسانية، والمبادئ القائمة على تحقيق مصلحة عامة للمجتمعات الوطنية، يجب أن تكون أماكن التعليم ملاذاً آمناً للأطفال والطلبة والعاملين في التعليم. ولكن في كثير من الأحيان، يصبح الأطفال وأماكن تعليمهم إما أهدافًا مباشرة أو عرضة لأذى النزاع
يشكل العهد الدولي احد اهم الصكوك العالمية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنها الحق في التعليم، اذ اشارت المادتين (13-14) الى هذا الحق، فقد بينت المادة (13-/1) تقر الدول الأطراف، في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهى متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية، وتوطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وكذلك وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر.
فيما اشارت المادة (13/2) من العهد الى ضمان ممارسة هذا الحق من خلال جعل التعليم الزاميا ومتاحا للجميع ومجانا، وتعميم التعليم الثانوي بمختلف انواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي والتقني والمهني وجعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة تبعا للكفاءة، وتشجيع التربية الاساسية، او تكثيفها الى ابعد مدى ممكن، للذين لم يتلقوا او لم يستكملوا الدراسة الابتدائية، وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع، كذلك العمل بنشاط على انماء شبكة مدرسية على جميع المستويات وانشاء نظام واف بالغرض ومواصلة تحسين الاوضاع المادية للعاملين في التدريس.
وتعقيبا على ما تضمنته المادة 13 فقد اشارت اللجنة المعنية بالعهد الدولي في تعليقها رقم (13) ان هذه الاهداف تعكس الاغراض والمبادئ المكرسة في المادة (1-2) من ميثاق الامم المتحدة، وتوجد اغلبها في المادة (26/2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
ومن الاتفاقيات الدولية الخاصة والتي اشارت الى الحق في التعليم (اتفاقية حقوق الطفل) التي عقدت عام 1989 ودخلت حيز النفاذ عام 1990 تضمنت المادة (29/1) منها، اتفاق الدول الاطراف على ان تعليم الطفل يجب ان يكون موجا للأمور الخمسة التالية:
تنمية شخصية الطفل وموهبه وقدراته العقلية والبدنية.
تنمية احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية .
احترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيه الخاصة وقيمه الوطنية في البلد الي يعيش فيه.
تنميه اعداده لحياة يستشعر فيها بالمسؤولية في مجتمع حر بروح التفاهم والتسامح والسلم والمساواة .
تنمية احترام البيئة الطبيعية.
اثر الهجمات على الحق في التعليم
اعلن هذا اليوم التاسع من ايلول من كل عام يوما دوليا لحماية التعليم من الهجمات اذ اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 74/275 عام 2020 الذي اُعتمد بالأجماع، ودعت فيه الجمعية العامة منطمتي اليونسكو واليونيسف إلى إذكاء الوعي بشأن المحنة التي يمر بها ملايين الأطفال القاطنين في البلدان المتضررة بالنزاعات. اذ قدمت قطر مشروع قرار اعتماد هذا اليوم الدولي بالرعاية المشتركة مع 62 دولة أخرى. وقد اكد القرار على ما يأتي
تحمل الحكومات المسؤولية الاساسية لضمان هذا الحق
ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل لكل المتعلمين وعلى جميع المستويات، وخاصة الذين يمرّون بظروف حرجة.
تكثيف الجهود المبذولة في هذا الصدد وزيادة التمويل المخصّص لتعزيز بيئة مدرسية آمنة ومحصّنة في حالات الطوارئ الإنسانية،
اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدارس والمتعلمين والطواقم التربويّة من الهجمات،
والامتناع عن الإجراءات التي تعوق وصول الأطفال إلى التعليم، وتيسير الوصول إلى التعليم في حالات النزاع المسلح.
وغني عن البيان فان الهجمات اثناء النزاعات على اماكن تلقي التعليم اذ تستهدف اماكن التعليم (المدارس) والاشخاص (المعلمين والطلاب) بشكل متعمد او غير متعمد، وهذا يدفع الى تعطيل هذا الحق في تلك الظروف الاستثنائية ويعرض حياة المعلمين والطلاب للخطر او ربما الموت فضلا عن هدم المدارس مما يؤدي الى تدهور جودة التعليم ، بل قد تعمد بعض الجماعات المسلحة الى اتخاذ المدارس اماكن لها للنزاع مما يؤدي إلى مغادرة كادرها لتلك الابنية، بشكل موقت او دائم وتتسب تلك الانتهاكات الخطيرة من اطراف النزاع في انهيار التعليم سواء في المناطق النزاع او حتى القريبة منها او التي تتأثر بها
وتعرف منظمة Human Rights Watch الهجمات على التعليم بانها (مجموعة كاملة من الانتهاكات التي تعرض الاطفال للخطر وتحرمهم من التعليم بما في ذلك الهجمات على البنية التحتية للمدراس وعلى المعلمين والطلاب واحتلال واستخدامها ومضايقة المعلمين واولياء الامور والطلاب وتهديدهم وتجنيد الاطفال في المدارس).
ان البيئة التعليمية تتطلب ان يكون هناك امان حقيقي، وابعاد اية مظاهر مسلحة او عسكرية او استثنائية عن البيئة التعليمية واخراجها من حسابات الاطراف المتحاربة، ليساعد على تغذية هذا الحق واعماله ، فغياب اي عنصر من عناصر السلم فيها من تهديد او استخدام قوة او نزاع او احتلال الاماكن التعليمية او تهديد المعلمين او اقتحام المدارس او تجنيد الاطفال او اتخاذ الأماكن المخصصة للتعليم مقرات للهجمات بين الاطراف لانطلاق اعمالهم العسكرية ضد الخصم سوف يقود الى انتهاك حق اساسي من حقوق الانسان في تلقي التعليم ، وهذه مسؤولية تتحملها الدول الاطراف في النزاعات او الاطراف المتحاربة بضمان حق التعليم وابعاد اية مظاهر التهديد او القوة او التأثير المباشر او غير المباشر لتوفير بيئة امنة للتعليم وحماية المدارس من الهجمات قدر الامكان.


















