15 أبريل، 2020

نظام الفيديوكونفراس وأثره البالغ في سرعة تنفيذ الإجراءات القانونية وتوفير الأمن والوقاية الصحية – كلية الحقوق

استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناولت الاستاذ المساعد زينة حازم مقالة عن نظام الفيديوكونفراس وأثره البالغ في سرعة تنفيذ الإجراءات القانونية وتوفير الأمن والوقاية الصحية, بالذات في وقتنا الراهن وخطورة جائحة فيروس كورونا على الصحة العامة للمواطنين وعلى العالم أجمع ..
وتظهر اهميته في مجال التقاضي الالكتروني في القانون الدولي الخاص في اجراءات الإثبات اللازمة للفصل في الدعوى، ومنها ما يتعلق بتنفيذ الإنابة القضائية الدولية في مجال تكنولوجيا الاتصالات، إذ ان الأصل هو مباشرة المحكمة بنفسها جميع الإجراءات التي يقتضي القيام بها عند الفصل في الدعوى الأصلية، إلا انه استثناءً وفي الأحوال التي يتعذر فيها على المحاكم التي تنظر المنازعات الدولية, القيام بإجراءات الإثبات اللازمة للفصل في الدعوى عند وجود موانع أو عقبات تحول دون قيام المحكمة باستقصاء الدليل وجمع البيانات اللازمة في شأن المنازعة، كأن يكون الشاهد أو المال المراد معاينته أو الخصم المطلوب استجوابه مقيماً او موجوداً في دولة أجنبية, وفي هذه الحالة لا يجوز للقاضي الوطني أن يباشر هذا الإجراء على اراضي الدولة الأجنبية وإنما يقوم بإنابة القاضي الأجنبي للقيام في دائرة اختصاصه بأحد أو بعض إجراءات التحقيق أو الإجراءات القضائية الأخرى التي يقتضيها الفصل في الدعوى المرفوعة أمامه، والتي تعذّر عليه مباشرتها بنفسه وذلك إذا كان من المفترض ان يجري تنفيذ هذا الإجراء على اراضي الدولة الأجنبية, إذ لا سلطان لمحاكم دولة على اراضي دولة اخرى, فيكون للدولة التي يتعذر تنفيذ الإنابة في اقليمها ان تطلب بمقتضى الإنابة القضائية من الدولة المنابة القيام بمثل هذه الإجراءات لتسهيل عملية الفصل في الدعوى وحسن سير العدالة، وان التقيّد بالطرق التقنية واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في تنفيذ الإنابة القضائية الدولية, يستوجب ان تتكون الدائرة التي سيجري منها طرح حكم التنفيذ من ثلاث وحدات الكترونية، الأولى هي وحدة تسجيل طلبات التنفيذ, والثانية هي وحدة تدوين الطلبات ومتابعة قرارات رئيس وقضاة التنفيذ, والثالثة هي وحدة استيفاء الرسوم والأمانات, أما وحدة التبليغ فهي وحدة مركزية تقوم بإجراء التبليغ لعموم نظام الدائرة المعلوماتية القضائية.
ومن أحدث الأحكام التي تضمنها تنظيم الإثبات الأوربي على الإطلاق هو ذلك الحكم الذي يقضي بأنه للجهة طالبة المساعدة ان تطلب من قضاء التنفيذ الاستعانة بالوسائل التكنولوجية الحديثة عند مباشرة إجراءات التحقيق وخاصة اللجوء إلى نظامي مؤتمرات الفيديو ومؤتمرات التليفون, ويتعيّن على قضاء التنفيذ ان يوافق على هذا الطلب ما لم يكن مخالفا لقانون الدولة التي ينتمي إليها أو كان من المستحيل الموافقة عليه بسبب الصعوبات العملية التي تعترض تطبيقه, ويعتبر استخدام هذه الوسائل مواجهة خاصة بين الماضي والحاضر بين إرسال الإنابة بالبريد العادي وبين استخدام أحدث وسائل الاتصال المعاصرة في تنفيذ طلب الإثبات, والملاحظ ان التنظيم لم يحصر وسائل التكنولوجيا التي يمكن استخدامها على اوفرات بعينها، وإنما ترك لقضاء التنفيذ ان يستخدم بناءً على طلب الجهة طالبة المساعدة ما يراه مناسبا من هذه الوسائل، بالمقابل حدد على سبيل المثال الوسيلتين اللتين قد تكونان الأقرب إلى مجال القانون وهما: (مؤتمرات الفيديوكونفراس ومؤتمرات التليفون _تلي كونفراس)
ومن خلال قرارات البرلمان الأوربي نرى ان اللجوء الى وسائل التكنولوجيا اصبح من الأمور الايجابية وان الاتحاد الأوربي يشجع عليها ولا يمكن لقاضي التنفيذ في الدولة التي يطلب فيها تنفيذ الانابة القضائية رفض التنفيذ بهذه الطريقة إلا في حالتين وردتا على سبيل الحصر وهما:
1- اذا كان استخدامها يتعارض مع الأحكام التي تقضي بها قوانينها.
2- استحالة اللجوء إليها بسبب الصعوبات العملية.
كما انه اذا كان ما جاء في قرارات البرلمان الأوربي بأن اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجال الاتصالات يتقرر من حيث المبدأ بناءً على طلب الجهة المنيبة فليس هناك ما يمنع بالمقابل ان يقرر قضاء التنفيذ اللجوء إليها من تلقاء نفسه دون انتظار المبادرة من القضاء المنيب, وربما في المستقبل يتم الغاء نظام المساعدة القضائية كليا ليستعاض عنه بنظام مؤتمرات الفيديو الذي يوجه إلى القضاء المنيب مباشرة, بحيث يمكن للمحكمة المنيبة بمقتضى نقطة الاتصال التي تمثلها ان تتولى تنفيذ التحقيق المطلوب بنفسها بدلاً من إجرائه بواسطة المحكمة المنابة، ولا مانع من ان توجه مؤتمرات الفيديو للمحكمة المنيبة مباشرة بدلاً من المحكمة المنابة.
ومن التطبيقات القضائية على تنفيذ الإنابة القضائية الدولية بواسطة مؤتمرات الفيديوكونفرانس القرار الذي اصدرته المحاكم في الأرجنتين بسماع المحاكمة في اسبانيا في أحد قضاياها في سنة 2005 بعد تعذر حضور الشاهد المقيم في اسبانيا الذي منعه ظرفه من التواجد في قاعة المحكمة، كذلك فإن التأخير في نقل الطلبات ادى الى اصدار المحكمة قرارا بسماع المحاكمة عن بعد، وذلك بعد ارسال طلبين من اسبانيا إلى الحكومة الأرجنتينية الأول في (30 /2/2004 ) والثاني في (24/1/2005 ) ولم يكن قد تم تسليمها إلى القاضي المختص، ونتيجة لذلك وبناءً على طلب صريح من المحكمة وافق القاضي المختص على سبيل الاستثناء السماح للشاهد في إعطاء شهادته من المنزل بحيث يمكن له على الأقل التصديق على الشهادة التي قدمها سابقا قبل المحاكم الاسبانية، كما تم حل مسألة التأخير عندما وافق القاضي لاتخاذ مثل هذه القرارات عن طريق الفيديوكونفرانس، وهكذا تم التعامل بشكل فعّال مع التأخير المفرط في نقل مثل هذه الطلبات
وعليه نلتمس من المشرع العراقي وفي ظل الوضع الراهن وتعطيل عمل المحاكم بسبب جائحة فيروس كورونا وخطورتها، العمل على تأسيس شبكة قضائية مزودة بنظام قضائي يتم ادارته عبر شبكة الانترنت في مجال التعاون القضائي، كعمل بوابة مثلا تحمل اسم (بوابة المحاكم العراقية الالكترونية)، من خلالها يستطيع الاشخاص الحصول على القضايا القانونية وتسليم طلباتهم والطلبات المتعلقة بعملية الإنابة القضائية على الصعيدين الداخلي والدولي ودفع الرسوم عن طريق وسائل الدفع الالكتروني (credit card)، فضلا عن تفعيل العمل بقانون التوقيع والمعاملات الالكترونية رقم (78) لسنة2012 وشمول إجراءات المحاكم والإعلانات والإنابة القضائية فيه. وهذا كله يتطلب توفير الإمكانات التكنولوجية اللازمة لذلك من بنى تحتية وشبكات للاتصال بين أكثر من دولة وخبرة علمية وتقنية لتحقيق الفائدة المرجوة وتقديم التسهيلات للمواطنين وفق هذه العملية ويتحقق ذلك من خلال:
1. تركيب المعدات المناسبة في مباني المحاكم المحددة.
2. انشاء تقنية داخل المحاكم لتنفيذ هذا التخطيط ويكون ذلك عن طريق:
أ‌.برنامج لتوفير الممارسين القانونيين مع التدريب والمعلومات.
ب‌.صياغة لائحة المحاكم مع مرافق دائرة تلفزيونية مغلقة.

زينة حازم الجبوري
أستاذ القانون الدولي الخاص المساعد

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر