16 أبريل، 2020
رقابة القضاء الاداري على قرارات الادارة بخصوص ازمة كورونا – كلية الحقوق
استناداً الى توجيهات الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المحترم رئيس جامعة الموصل بضرورة الانفتاح والتفاعل مع المجتمع خاصة في ظل الظرف الراهن المتمثل بانتشار فايروس كورونا وبأشراف ومتابعة الاستاذ الدكتور عمار سعدون حامد عميد الكلية فقد تناول الباحث المدرس المساعد حسن طلال الجليلي رقابة القضاء الاداري على قرارات الادارة بخصوص ازمة كورونا
تعتبر ازمة كورونا من الظروف الطارئة التي اصابة العالم بأسره ، والعراق من الدول التي بدأت بمكافحة هذه الجائحة بموجب المرسوم رقم ٥٥ لسنة ٢٠٢٠ ، من خلال فرض بعض القيود على ممارسة الاعمال والمصالح الفردية . ولعل البعض يسأل عن رقابة القضاء الاداري في اصدار هذه التدابير.
تلتزم الادارة بفرض الضبط الاداري عن طريق استخدام القرارات الادارية والفردية والقوة القسرية اذا تطلب الامر وذلك لتحقيق عنصر الصحة العامة بإعتباره احد عناصر النظام العام في ظل الظروف الاستثنائية والتي من ضمنها مكافحة خطر انتشار جائحة كورونا . ولأهمية فرض النظام العام بعناصره على جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية فقد منح القضاء للادارة سلطة التحلل من قيود مبدأ المشروعية التي كانت سائدة في ظل الظروف العادية والتوسع في سلطات الادارة لمواجهة الظروف الاستثنائية ، اذ تبرر الازمات لهيئات الضبط الاداري بأن تتخذ التدابير اللازمة لمواجهة الازمة وإن لم تقررها النصوص القانونية او المبادئ القانونية .
اما بالنسبة لموقف القضاء من التدابير المتخذة لمواجهة الحالة الاستثنائية فقد اتجه القضاء الاداري الى الاخذ بمبدأ التناسب مع الظروف التي ادت لإصدار القرار الاداري ، وتكون رقابة القضاء على الاسباب التي ادت لاصدار القرار الماس بالحريات الشخصية والتي غالباً ماتصدر بناءً على قوانين او قرارات لها قوة القانون ، وتقف المحكمة على جدية هذه الاسباب واهميتها على نحو يسوغ تدخل سلطة الضبط الاداري لتقييد الحريات العامة . وبذلك تختلف رقابة القاضي الاداري للتناسب في محل قرارات الضبط الاداري التي تصدر وفقاً لنظرية الظروف الاستثنائية عن رقابته للتناسب في قرارات الضبط الاداري المقيدة للحريات العامة للافراد ، اذ يخضع النوع الاول لمشروعية الازمات التي دفعت الادارة لإصدارها ، وان المشرع منح اختصاصات واسعة لهيئات الضبط الاداري في مواجهة الظروف الاستثنائية ، فضلاً عن تخويا هيئات الضبط حرية واسعة لإختيار التصرف المناسب في معالجة الازمات ، وبالتالي يتحلل القاضي الاداري من رقابة الملائمة للتحقق من التناسب بين التدبير المتخذ وخطورة الظرف الاستثنائي .
اما في حالة القرارات التي تمس الحريات العامة للافراد والتي تصدرها هيئات الضبط الاداري وفقاً للظروف الاستثنائية كمنع التنقل او العمل مثلاً ، فإن رقابة القضاء الاداري وان كانت توسع من اختصاصات السلطات المذكورة وتخفف من قيود المشروعية الا انها تمارس رقابة التناسب في تبني ضرورات حماية حقوق وحريات الافراد بالقدر الذي لا يؤثر في متطلبات المحافظة على النظام العام ، لذلك يسعى القضاء الاداري الى زيادة سلطات هيئات الضبط الاداري ، وفي ذات الوقت ، تعزيز رقابته على ماتصدر هذه الهيئات من قرارات او تدابير ، اذ يلجأ القاضي الاداري الى التحقق من وجود الظرف الاستثنائي وقت اتخاذ التدبير المطعون فيه ، بالاضافة الى مراقبة تناسب هذه التدابير مع خطورة الازمة ، ويقضي بالمشروعية الاستثنائية اذا ثبت ان ما ينطوى عليه من خرق للمشروعية العادية كان لازماً لمواجهة الظروف الاستثنائية .. وبالتالي يمكن للادارة ان تخفف من وطأة الظرف الاستثنائي مع المحافظة على القدر اللازم من المساس بالحريات العامة مم خلال خضوع التدابير الادارية لرقابة القضاء الاداري .
حسن طلال الجليلي
مدرس القانون الاداري المساعد
جامعة الموصل / كلية الحقوق
مدرس القانون الاداري المساعد
جامعة الموصل / كلية الحقوق