11 أكتوبر، 2020

مناقشة أطروحة دكتوراه -كلية القانون

الحرية الأكاديمية وضماناتها
أطروحة دكتوراه في كلية القانون/ جامعة الموصل

يعد موضوع الحرية الأكاديمية من المواضيع الهامة؛ خاصة في الوقت الحاضر؛
فالجامعات تعد المعقل الرئيسي والاساس لبناء القدرات والمهارات واعداد الافراد المؤهلين لقيادة البلد مستقبلاً وبكل المجالات خاصة؛ وانها اليوم اصبحت مسؤولة اكثر من ذي قبل عن النهوض بالمجتمع، والعمل على رقيه وتقدمه في ضوء التطور الكبير الذي يشهده العالم، ولكي تمارس الجامعة دورها هذا لابد من أن تضمن الحرية الأكاديمية لأساتذتها وباحثيها وطلبتها بأروقتها؛ بعيداً عن قيود السلطة والضغوط الخارجية الاخرى؛ فهذه الحرية تعد الدعامة الاساسية لنجاح الجامعات للقيام بدورها العلمي والاجتماعي.
وقد لوحظ أنه لا يكاد ينعقد مؤتمر أو منتدى فكري للتعليم العالي إلا وتصبح الحرية الاكاديمية من أَهم توصياته.
فالحرية الاكاديمية تعتبر مطلب أساس للتعليم العالي في الوقت الراهن؛ أكثر من ذي قبل؛ إذ أنها تمثل أساس تقدم المؤسسات الأكاديمية؛ فوجودها يعمل على خلق بيئة مبدعة وثراء في الحياة الفكرية والعلمية فيها، وانعكاس ذلك كله على المجتمع المحيط بها.

والحرية الاكاديمية تعني تحرر افراد المجتمع الاكاديمي من أساتذة أو أعضاء هيئة تدريس وطلبة من كافة القيود التي تقيد ممارسة نشاطاتهم المعرفية في البحث والدراسة والتفكير والنشر من أجل الوصول للحقائق العلمية.

دارت اشكالية الأطروحة حول كيفية الوصول بالجامعات العراقية لمستوى الجامعات العالمية، وتضمينها للحرية الاكاديمية؛ فضلاً عن كيفية تهيئة البيئة المناسبة لممارسة هذه الحرية في ظل غياب التشريعات القانونية العراقية التي تنظم ممارسة هذه الحرية، وتكفل حقوق الاكاديميين، والآليات المناسبة لضمات تطبيقها على ارض الواقع مع ايجاد الحلول المناسبة لجميع معوقاتها.

وحسب الباحثة فان تدخل السلطة بعمل الجامعة سيحول الجامعة لجهاز تابع لها؛ تدور في فلكها، وتسعى لارضاءها بدراساتها وابحاثها؛ وبذلك ستكون تلك الابحاث والدراسات بدون اي فائدة وهذه التدخلات تحدث بالعديد من دول العالم النامي بشكل كبير جداً قياساً بالدول المتقدمة؛ ومما لاشك فيه ان للدول دور كبير في تطوير الجامعات وتأسيس جامعات من طراز عالمي ولا يكون ذلك الا بتخلي السلطة عن ادارة الجامعات.
وإِنَّ وجود الحرية الاكاديمية وتحققها يرتبط ارتباطاً طردياً بالنظام الديمقراطي السائد بالبلد الذي يستلزم وجود مؤسسات دستورية قوية وانتخابات حرة نزيهة وحرية الرأي والتعبير وغيرها من المبادئ التي ترسخ مفاهيم الديمقراطية، وفي المقابل تستلزم الديمقراطية ممارسة الحرية الاكاديمية في المؤسسات الأكاديمية التي تُعد منابر للفكر والمعرفة.

وللوصول للنتيجة المتمثلة بممارسة الحرية الأكاديمية بجامعاتنا العراقية، والوصول لمصاف الجامعات المتقدمة فإن ذلك لا يتحقق إلا بتضمين هذه الحرية في نصوص الدساتير والتشريعات القانونية؛ وليس هذا فقط بل ينبغي أن يكون هناك تطابق بين الواقع النظري والعملي أو التطبيقي، ولا يتحقق ذلك الا بتحرر المؤسسات الاكاديمية، ومنحها الاستقلالية التامة بجميع المجالات العلمية والادارية والمالية واقتصار دور الدولة على الاشراف فقط.

لذلك فإن وسيلة الوصول لأنهاء جميع المعوقات الداخلية والخارجية للحرية الاكاديمية والحد منها لا يكون الا بطريقتين .
الأولى: تتمثل بمنح الجامعات والمؤسسات العلمية الاكاديمية استقلالها التام وبجميع المجالات الاكاديمية او العلمية والادارية والمالية لان الاستقلال المؤسساتي يعد أهم ضمان للحرية الاكاديمية.
والثانية: تتمثل باحترام ذلك الاستقلال واقعاً عن طريق أخذ الأنظمة السياسية وتبنيها للنظام الديمقراطي قلباً وقالباً؛ لان وجود الحرية الاكاديمية وتحققها يرتبط ارتباطاً طردياً بالنظام الديمقراطي السائد بالبلد؛ فتشهد الاحترام والتقدير من قبل هذا النظام بعكس النظام الذي لا يؤمن بالديمقراطية ويطبقها.

هذا الموضوع كان مدار اطروحة الدكتوراه الموسومة (الحرية الأكاديمية وضماناتها/دراسة مقارنة) للباحثة(بيداء عبدالجواد محمد توفيق العباسي)؛ باشراف أ.د. سيفان باكراد ميسروب ؛ التي جرت مناقشتها الأسبوع الماضي في كلية القانون/ جامعة الموصل؛ وكان لي الشرف أن أكون أحد أعضاء لجنة المناقشة التي ترأسها أ.د. قبس حسن عواد، وشارك في عضويتها أ.م.د. حسين جبر حسين الشويلي ، وأ.م.د. محمد يوسف محيميد، وأ.م.د. محمد عزت فاضل؛ وأ.م.د. مصدق عادل طالب مقوما علميا.

وقد قررت لجنة المناقشة قبول الاطروحة كجزء من متطلبات نيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، وبتقدير جيد جدا .
مبارك للزميلة الدكتورة بيداء عبدالجواد، ومبارك للزميلة الأستاذ الدكتور سيفان باكراد ميسروب.

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر