27 أغسطس، 2025

مقالة قانونية

الحق السيادي للعراق في خور عبدالله
يبلغ طول خط الحدود العراقية الكويتية (242) كم, وتشكل نسبة (7%) من مجموع أطوال الحدود العراقية مع دول الجوار البالغة (3433) كم, جاء هذا الوصف الجغرافي على وفق قرار مجلس الامن( 833 ) لسنه 1993 الذي تم بموجبه المصادقة على القرار الذي اعتمدته لجنة ترسيم الحدود بموجب الفقرة (3) من قرار مجلس الامن المرقم 687 لسنة 1991. اما قبل هذا التاريخ فان كل ما يجده الباحث بالوثائق والخرائط التاريخية هو الخط الاخضر الذي رسم في الاتفاقية البريطانية – التركية لسنة 1913، ينزل هذا الخط الى خور عبد الله من دون ان يعطي دليلاً واضحاً يؤشر الحدود البحرية بين الدولتين , عدا ذلك فان كل ما نجده مجرد تصريحات للمعتمد السامي البريطاني في الكويت والعراق او خرائط غير رسمية وضعها طبوغرافيين وفي الغالب بريطانيين.
لا يعكس هذا الغياب الكامل لتخطيط الحدود البحرية بين هاتين الدولتين عدم وجود سند قانوني لهذه الحدود، اذ يجب ان يرجع تخطيط هذه الحدود الى قواعد القانون الدولي والتي لابد أن تطبق في ظل تقويم سلوك الدول المجاورة وتحديده بدقه مع الاستعانة ببعض المبادئ القانونية التي ترتبط بتحديد الحدود ولاسيما البحرية .
وفي ظل غياب أية اتفاقية بين الدولتين فان قواعد القانون الدولي للبحار التي قننتها اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 , ومن قبلها اتفاقية جنيف 1958 تعد هي الحكم الفيصل في هذا المجال, اذ نصت المادة (12) من اتفاقية جنيف ” ان تحديد البحر الاقليمي بين الدول المتشاطئة في حال غياب الاتفاق بين الدولتين باللجوء الى معيار الخط الوسطي “، ونصت المادة (15) من اتفاقية قانون البحار على” حيث تكون سواحل دولتين متقابلة او متلاصقة، لا يحق لأي من الدولتين في حال عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك ان تمد بحرها الاقليمي الى ابعد من خط الوسط الذي تكون كل نقطة علية متساوية في بعدها عن اقرب النقاط على خط الاساس الذي يقاس منه عرض البحر الاقليمي لكل من الدولتين “.
وعند التأني في القراءة القانونية لواقع المنطقة البحرية بين العراق والكويت في منطقة التقاء خور الزبير بخور عبدالله التي تشكل منطقة الحدود البحرية بين الدولتين, فان خط الوسط هو الذي يشكل الحد الفاصل في الحدود البحرية بين الدولتين وهو الذي يحدد البحر الاقليمي لكليهما .
وبحسب القراءة الاولية لنص المادة (15) من اتفاقية قانون البحار لسنة 1982, وبإعادة قراءه المادة في ضوء معطيات المبادئ التي استقر عليها القضاء الدولي لمحكمتي العدل الدائمة والدولية، وفي ضوء سلوك العراق والكويت فضلا عن نص المادة (15) فيما يتعلق بمبدأ الاغلاق الذي اشارت له محكمتي العدل الدائمة والدولية، لذا فان العراق مارس اختصاصات حكومية واسعة في المنطقة البحرية بين خور عبدالله, والتي تمثلت بالعمل على صيانة العمل الملاحي بالفنارات والعوامات والاشارات والعلامات الملاحية الاستدلالية من دون ان تكون للكويت أية يد في صيانته والعناية به، وتدل الظروف التاريخية التي اشارت لها المادة(15) على حق العراق السيادي في المنطقة البحرية التي كانت تعود بالكامل له فمازالت الفنارات والعوامات والاشارات تحمل اسماء وارقام وبيانات عراقية.
اما فيما يخص الظروف الخاصة التي اشارت اليها المادة نفسها، فان العراق لا يمتلك أية اطلالة بحرية على الخليج العربي عدا الممرات الملاحية في هذه المنطقة البحرية بخلاف الكويت التي لها اكثر من اطلالة بحرية على الخليج العربي، لذا تشير قواعد القانون الدولي في ظل غياب الاتفاقية الدولية الخاصة بين العراق والكويت لتخطيط الحدود البحرية بين الدولتين، وفي ظل سلوك العراق الذي لم يواجه باعتراض كويتي فضلا عن السيطرة التاريخية والخاصة، تعطي العراق الحق في ممارسة اختصاصات حكومية وحقوق ملاحية غير قابلة للانتقاص في خور عبدالله.
المصادر
1- م .د قاسم محمد الجنابي، م.م ربا صاحب عبد، اشكالية ترسيم الحدود العراقية –الكويتية والخروج من احكام الفصل السابع، مجلة كلية التربية الاساسية، العدد الثاني عشر، جامعة بابل، 2013.
2- د. عبدالعزيز رمضان الخطابي، القانون الدولي العام، دار الفكر الجامعي، الأسكندرية،ط1، 2014.
3- محمد سعيد محمد الخطيب، الوضع القانوني للبحر الإقليمي مع دراسة للبحار الإقليمية العربية والأجنبية في القانون الدولي ، دار النهضة العربية، القاهرة،1975..
4- اتفاقية قانون البحار لسنة 1982.
5- اتفاقية جنيف 1958.
د. سهى حميد سليم الجمعة
استاذ القانون الدولي العام المساعد

 

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر