27 أغسطس، 2025
الحكم القضائي بين السبب والعلة والغاية

د. زياد عبدالوهاب النعيمي
كلية الحقوق –جامعة الموصل
كثيرا ما يلتبس مفهوم السبب والعلة والغاية في تشكيل او مفهوم الحكم القضائي سواء كان دوليا ام وطنيا جنائيا كان ام مدنيا ، ويرى البعض ان المصطلحات السابقة مترادفة او متوافقة او يمكن ان تحل احدهما محل الاخرى ، ولكننا نقول ان المصطلحات الثلاث غير مترادفة بل مترابطة برابطة موضوعية تبدا من الواقعة وتنتهي بالحكم نفسه، فالسبب هو الوقائع التي قادت الى الحكم، والذي يبنى عليه الحكم مثل الادلة والوقائع التي قدمت للقاضي سواء من الادعاء العام، لا دانة المتهم او المحامي التي ستقود ربما الى برائته من التهمة
اما عن علة الحكم فإنها تشير الى الاساس المنطقي او المبرر الذي يستند اليه القاضي في اصدار حكمه كالتعويض، فالعلة هي العدالة وتعويض المتضرر عن الخسارة الفائتة، ولذلك فان العلة تأتي تبعا للحكم او موازية له وهي اداة الحكم القضائي التي يبتغي منها القاضي الوصول الى غاية الحكم القضائي.
ويمكن القول ان غاية العلة يبرر الحكم ويساعد في تفسير السبب في تطبيق القانون بالطريقة اليت اتبعها القاضي سواء كان مدنيا او جنئيا وطنيا ام دوليا.
كذلك فالعله من الحكم هي ايضا ترتبط بالسبب ارتباطا جوهريا فلولا وجود السبب لما وجدت العلة ومن ثم يمكننا القول ان العلة هي محاولة انهاء السبب وتعويض المجني عليه واقامة الحق وتحقيق العدالة
وربما هنا تشابه او تطابق لفظي بين الغاية والسبب في الحكم القضائي لكن الغاية هي الهدف الذي ترجوه المحكمة من اصدار حكمها وذلك لتحقيق العلة فغاية الحكم الجنائي الدولي مثلا هو معاقبة الجاني وحماية المجتمع الدولي والوطني ولذلك تساعد القاضي في توجيه وتفسير القانون للوصول الى الهدف وهو علة الحكم القضائي .
وعليه وانطلاقا مما سبق ، يمكن القول ان السبب هو الاساس في الحكم القضائي، وان الغاية هي الهدف الاقرب وهي احقاق الحق وانصاف المجنى عليه
اما العله فهي الغاية الاسمى وهي تحقيق العدالة القضائية وحماية المجتمع الدولي او الوطني .
ونتيجة ذلك ،نرى ان التقارب اللفظي بين السبب والعلة والغاية تقاربا لفظيا شكليا يتوهم البعض بالترادف ولكن في حقيقة الامر لكل مصطلح اهميته ودوره الاساس في ترتيب وتكوين واصدار الحكم القضائي الجنائي او المدني دوليا او وطنيا فالسبب يبرر الحكم والعلة تبرر الهدف والغاية تبرر الحماية والانصاف


















