7 فبراير، 2013
إصدار جديد : نظم العلامة عثمان بن محمد أغا الديوه جي الموصلي قاضي بغداد على متن إظهار الأسرار للبركوي
قيل عن الموصل وكثرة علمائها :علماؤكم ملؤا المحافل نصفها للعالمين ونصفها للموصلفمدينة الموصل كانت على الدوام تنبت العلماء الأجلاء المهتمين بعلوم الدين والشريعة والفقه واللغة والأدب . وفيها من الأسر الكريمة التي تحترز على كنوز من الرسائل والمخطوطات ، والتي تغني طلبة العلوم الإنسانية بموضوعاتها ومعالجتها العلمية ، ومن الأمثلة الناصعة على ذلك ، عائلة الديوه جي في الموصل ، فهي أسرة منتجة بالعلوم الدينية والفقهية وعلوم الشريعة والتاريخ ، وبرز فيها عدد من العلماء الأفاضل وبزوا أقرانهم بنتاجاتهم المعرفية وبخاصة الأخوين القاضيين ( احمد وعثمان ) المكتنزين بالعلوم الشرعية والأدبية فلهما من المؤلفات والمخطوطات العدد الوافر بما يخدم مسيرة العلم والمعرفة ، وقد حرص أ.د. أبي سعيد الديوه جي على نشر زخارة النتاجات العلمية المتعلقة باللغة والأدب وعلوم الشريعة من مخطوطات لعلماء العائلة ، إذ ينفض اليوم الغبار عن إحدى المخطوطات ويتحفنا بنشره والموسوم ( نظم العلامة عثمان بن محمد أغا الديوه جي ، قاضي بغداد ، على متن إظهار الأسرار للبركوي ) اعتنى به وراجعه أ.د. عبد الله الظاهر و د. أكرم عبد الوهاب ، والكتاب يقع في (33) صفحة صادر عن دار ابن الأثير للطباعة والنشر 2013م .ويعد الكتاب منظومة تعليمية في (204) بيت شعري من بحر الرجز ، كما أوضح د. عبد الله الظاهر في مقدمته ، والشيخ الديوه جي حين نظم هذه الأرجوزة التعليمية اتبع الأوفى لإيصال المعرفة العلمية لطلبة العلم ولاسيما علم النحو ، الذي هو أحد أهم المنظومات التعليمية في العصور المتأخرة إذ أن الشعر التعليمي هو محاولة موفقة لإيصال المعرفة العلمية إلى أذهان طالبي العلم ، فضلاً عن أنه يكشف لنا عن مقدرة الناظم لتطويع اللغة لمبتغاه في الناحية العلمية .إن هذه المنظومة بما حوته من جهد عميم وحسن صنعة ودراية بأسرار اللغة وعلم النحو والفقه نظمت في أواخر القرن التاسع . وكان التعليم يجري في ( الكتاتيب ) والمدارس الدينية الملحقة بالمساجد والجوامع . وعليه فقد كان نظم الأراجيز التعليمية إحدى السبل المتيسرة والمتاحة والمتعارف عليها لطلبة العلم من أجل تسهيل الحفظ وتنمية قابلياتهم الفكرية.أما كتاب البركوي ومتنه إظهار الأسرار ، للشيخ تقي الدين محمد بن بير علي المعروف بـ ( بركوي ) المولود سنة 929هـ والمتوفي سنة 918هـ ، والذي لد في تركيا ونسب إلى ( بركوي ) لأنه فوض إليه المدرسة التي انشئت في حقبة ( بركي ) ، وهو شيخ فقيه صوفي نحوي صرفي له اشتغال بالفرائض والتجويد وهو أيضاً واعظ محدث مفسر ، كما يوضح لنا د. أكرم عبد الوهاب في التعريف به فيذكر ، أن للمترجم مؤلفات عدة في علم النحو والصرف وله كتاب اسمه ( العوامل في النحو ) والمسمى أيضاً ( عوامل البركوي ) ، أما كتابه الذي نحن بصدده الموسوم ( إظهار الأسرار ) فهو يبحث في النحو والصرف ، طبع عدة طبعات ويضم عدة أبواب وهي: الباب الأول : العامل وأقسام العامل ، مع بيان كونه إسماً أو فعلاً أو صرفاً وكونه لفظاً معنوياً سماعياً وقياسياً ….الباب الثاني : يتناول كل مايتعلق به من حيث أقسامه ، وأنواع هذه الأقسام وكون ذلك مستتراً وبارزاً ، مضمراً ومظهراً ، وذكر المرفوعات والمنصوبات والمجروراتالباب الثالث : وذلك كالإعراب ذاتاً وحقيقة تاماً وناقصاً ثم المنصرف وغير المنصرف ….والكتاب الذي بين أيدينا من نظم الشيخ عثمان الديوه جي – رحمة الله تعالى عليه – جزء من هذا المذكور ، فلعله لم يتمه أو أتمه ، ولكنه ترك لنا هذا المخطوط معلقاً عليه بالأبيات والأراجيز المذكورة . وقد قسمها إلى (الكلام على الكلمة وأقسامها / الكلام على العامل / الكلام في السماعي) .فعند كلامه مثلاً عن ( الكلام عن الكلمة وأقسامها يقول :اعلم فحد الكلمة المسموع لفظ لمعنى مفرد موضوعأقسامها فعل بما دّل على زمان بالهيئة وضعاً أولاً وخصّ لم ولما ان وقد به وسوف سين لامِ أمر لا النّهيوكله عاملٌ واسمٌ وهو ما دل على معنى استقّل منهماومما لاشك فيه ان هذه الأراجيز تعد تحفة أدبية نحوية بلاغية غير مخصصة بزمان معين ، بل هي علم يراد به الإنتفاع في كل زمان ومكان ويمكن الإفادة منها من قبل طلبة العلم المتخصصين بعلوم اللغة والنحو والبلاغة بما حوته من قواعد وأصول وأساليب لغوية نحوية . جزى الله الشيخ عثمان الديوه جي الجزاء الأوفى على علمه وكذا حفيد أ.د. أبي سعيد الديوه جي على نشره و أ.د. عبد الله الظاهر ، ود. أكرم عبد الوهاب لما بذلاه من حسن مرجعة وتدقيق وتعليق .آملين من الأسر الموصلية الكريمة أن تتحفنا بما تجود به من مخطوطات في العلوم المختلفة لعلماء ومشايخ مدينة الموصل الموشحة بالعلم والعلماء ، ولهم في الدكتور أبي الديوه جي قدوة في اظهار ونشر مخطوطات أسرته التي ينتفع فيها أرباب العلم والدارسين والباحثين ، مبتهلين أن تكون في ميزان حسناته ومن ساهم في إخراجه .ومن الله التوفيق والسؤدد .