6 فبراير، 2014
بلدية الموصل عقب الاحتلال البريطاني للموصل سنة 1918
احتلت مدينة الموصل في العاشر من تشرين الثاني 1918 وعقب الإحتلال أصدر الحاكم السياسي تعليماته بحل المجلس البلدي السابق وأناط مسؤولية رئاسته به، يساعده معاونان أحدهما عراقي والآخر هندي وكاتبان وقد خولهم صلاحية إختيار الأعضاء الجدد من بين الأهالي. وأعلن عن إجراء إنتخابات لهيئة جديدة، تتكون من عشرة أعضاء أربعة منهم عن الطوائف المسيحية وواحد عن اليهود وخمسة عن المسلمين ورئيسهم يعين من لدن الحاكمالسياسي . وفي 21 تموز 1919 رشحت الإدارة البريطانية عشرة أسماء وأودعتهم لدى مختاري المحلات ليجري إنتخابهم من قبل الأهالي. ونتيجةً للسيطرة المباشرة للبريطانيين ومعهم الموظفين الهنود على هذه المؤسسة، فقدت البلدية عنصرين عظيمين من عناصرها وهما : المكانة لدى الأهالي والقدرة على العمل والإنتاج. لقد سعى العاملون في الحقل الوطني في المدينة لإحباط محاولة الإنكليز لكونها مخالفة لتصريحات القائد فانشو السابقة الذي أكد في بيانه للأهالي : " أن الإدارة المدنية التركية الموجودة في الموصل يجب أن تبقى على حالها". كما أن الهيئة القديمة لم تنته مدتها القانونية. وقد نجح الوطنيون في مساعيهم وتجاوب معهم الناخبون وإمتنعوا عن التصويت الأمر الذي أغضب الحاكم السياسي فأصدر بياناً في 26 تموز 1919 أكد فيه إلغاء رئاسة البلدية وأن تدار أشغالها من لدن حاكم البلدة وعندما نشاهد إستعداد أهالي الموصل وإتفاق كلمتهم على تشكيل مجلس البلدية، فحينئذ نفكر بإجراء اللازم". وعلى أثر هذا البيان صدر الأمر بتعيين حاكم البلدة النقيب منشن رئيساً للبلدية والمستر داس (Dass) الهندي معاوناً له. ثم إجريت تعديلات وتنسيقات فيها، وعين يحيى سميكة (يهودي) طبيباً للبلدية وسليم حيفي (يهودي) كاتباً. وإستمرت البلدية تدار على هذه الشاكلة لمدة سنة حتى صدور قانون بلدية الموصل المؤقت لسنة 1920.تألف مجلس البلدية بموجب القانون المذكور من تسعة أعضاء منهم عضوين من غير المسلمين، وينتخب الأعضاء لمدة سنتين. وعند إنقضاء السنة الأولى يقترع على إنسحاب نصف عدد الأعضاء وتعين الإدارة البريطانية أحد الأعضاء رئيساً للمجلس براتب شهري مقداره (400) روبية. أما خدمة الأعضاء فتكون فخرية. ويكون مأمور الصحة المحلي ومهندس البلدية وغيرها من المأمورين أعضاء دائميين في المجلس ولهم صلاحية عرض المسائل ولا يحق لهم التصويت. وتعين الإدارة البريطانية معاوناً لرئيس البلدية براتب يتقاضاه من واردات البلدية مع مأمور البلدية ككاتب المدير وأمين الصندوق. وينعقد المجلس مرة في الإسبوع على الأقل، وله الحق بتشكيل لجان فرعية للنظر في مسائل معينة، وينتخب المجلس بالإقتراع السري نائباً للرئيس من بين الأعضاء، ولا تتم المذاكرة في أية موضوع مالم يتجاوز عدد الأعضاء الحاضرين نصف المجموع بعضو واحد وتحصل القرارات بأكثرية الآراء.وفي يوم 27 أيار 1920 أعلن عن إجراء إنتخابات المجلس البلدي في بناية البلدية. وحدد القانون صفات المرشح ومنها : أن يكون ساكناً في مدينة الموصل وله أملاك غير منقولة يدفع عنها سنوياً ما لا يقل عن خمسين روبية، وأن لا يقل عمره عن ثلاثين سنة وأن يجيد اللغة العربية وأن يكون متمتعاً بحقوقه الشخصية والمدنية وأن لا يكون محكوماً عليه بالحبس مدة سنة أو أكثر وأن لا يكون مستخدماً في البلدية.وأسفرت نتائج الإنتخابات التي ظهرت في تموز 1920 عن فوز محمد علي فاضل (رئيساً لمجلس البلدية) والأعضاء : أمين المفتي ونامق آل قاسم أغا السعرتي ورشيد العمري وضياء آل شريف بك ومحمد نجيب الجادر وفتح الله سرسم والحاج حسين حديد ومصطفى الصابونجي.وحدد القانون واجبات الملاك الوظيفي للمجلس البلدي على النحو الآتي :رئيس المجلس :ترأس جلسات المجلس وتعيين المأمورين أو فصلهم بعد الحصول على موافقة الحاكم السياسي. وتنفيذ جميع قرارات المجلس ضمن صلاحياته بعد تصديقها من الحاكم السياسي ونشر البيانات والإعلانات المتعلقة بأعمال البلدية وتنظيم الميزانية السنوية للبلدية وتقديم خلاصة شهرية للمجلس تبين الواردات والنفقات وميزانية أخرى في نهاية السنة.المعاون :يعين المعاون عند الضرورة من خارج أعضاء المجلس وبموافقة الحاكم السياسي ويعد موظفاً ويستلم راتبه من صندوق البلدية، ويعاون الرئيس في إجراء القرارات التي يقرها المجلس.مهندس البلدية :ووظيفته إجراء جميع الإنشاءات المودعة إليه والتي تتعلق بالطرق والأبنية ومتابعة الأمور الفنية عموماً والمحافظة على جميع الخرائط والرسومات سواء كانت منظمة من قبل البلدية أو من غيرها.كاتب البلدية :تتضمن واجباته، إدارة المخابرات والحسابات وحفظ الأوراق والدفاتر العائدة إلى مجلس البلدية.أمين الصندوق :وهو المسؤول عن قبض ودفع إيرادات البلدية، ويقدم يومياً لرئيس البلدية، خلاصة مبوبة مبيناً فيها المقبوضات والمدفوعات وموجود الصندوق.جواويش البلدية :في البلدية مفتش وعدد من الجواويش، ويسوغ لهم الدخول إلى الخانات والحمامات والدكاكين والأندية الفنية والرياضية والفنادق والقهاوي، لأجل التفتيش والتحقيق فيما يتعلق بوظائفهم، ويحضر عليهم التدخين في الشوارع أو حضور الحفلات أو الجلوس في القهاوي وغيرها.واجبات المجلس البلدي :إن الواجبات المناطة بالمجلس البلدي عديدة منها : المالية والأخرى عمومية، فالواجبات الأولى، تنحصر في تدقيق الميزانية والتصديق عليها، وفحص القيود والدفاتر المتعلقة بأمور المالية وتقرير طريقة صرف المبالغ والإشراف على إجراء المناقصات والمزايدات وتدقيق جميع المقاولات والتعهدات. أما أهم الواجبات العمومية فهي : الإشراف على إنشاء جميع الأبنية الحكومية وتوسيع الطرق وتنظيمها وإنشاء مجاري المياه وهدم الأبنية الآيلة للسقوط وإدارة الأبنية والعرصات العائدة للبلدية، وتحسين المواصلات العامة، والمحافظة على نظافة المدينة وقيد النفوس للأهالي للمواليد والوفيات وتشييد الأسواق وتنظيم تعريفة العربات والإشراف على الخانات ومراقبة الملاهي والملاعب وغيرها.وكانت أولى المهام الموكلة للبلدية بعد الإحتلال، هي إزالة آثار الحرب المتمثلة بحطام القنابل المبثوثة، حيث عهد إلى المختارين مسؤولية المحافظة على نظافة مناطقهم وتنظيمها، وعهد إلى المقاولين التخلص من النفايات كافة ورميها إلى خارج بوابات المدينة، إذ طمر عدد كبير من أكوام النفايات في الخندق المحيط بالمدينة وبدأ العمل لبناء عدد من المرافق الصحية العامة، كما بدأت حملة لبناء مثل هذه المرافق في البيوت بالتعاون مع البلدية. وتم تجهيز الطرق الرئيسة بالأسيجة الحديدية، ووضعت لوحات بأسماء الشوارع باللغتين العربية والانكليزية وثبتت الأرقام على البيوت كإجراء أولي لجباية ضريبة السكن، وتم التحضير لإضاءة المدينة وكذلك لفتح شارعين في وسط المدينة.واردات البلدية :كانت واردات البلدية تتألف من الرسوم المختلفة التي وضعتها الحكومة من حاصلات الأراضي التي تبقى خالية من واردات إصلاح الطرق والمعابر، إذ تأخذ البلدية من المستفيدين من هذه الإصلاحات رسومها وكذلك من الجزاء النقدي المرخص لها ومن الإعانات والهبات التي تقدم إليها.على أن المجلس البلدي المنتخب ما أن إلتأم بكامل أعضائه حتى تبعثروا خلال فترة وجيزة ففي 31 تموز 1920 إستدعي محمد علي فاضل إلى بغداد للإشتراك في وضع قانون إنتخاب المؤتمر، فتعين أمين المفتي " نائباً للرئيس " وحينما عين " فتح الله سرسم مشاوراً للحاكم السياسي بدلاً من داؤد يوسفاني الذي إستدعي إلى بغداد لنفس الغرض ودعي (عبد العزيز عبد النور) ليحل محله، ولما إستقال مصطفى الصابونجي حل محله آصف وفائي وعين سنة 1920 أرشد العمري مهندساً للبلدية، وفي 18 شباط 1921 تم تعيين رشيد العمري متصرفاً للواء الدليم فحل محله داؤد الدباغ.أما شؤون البلدية في الأقضية فكانت تؤول إلى معاون الحاكم السياسي يساعده مجلس إستشاري في إدارة شؤون البلدية بعد إلغاء المجالس البلدية في الأقضية، كما هو الحال في تلعفر ودهوك وعقرة وزاخو وتلكيف.