15 يناير، 2013
(قلائد الجمان) لابن الشعار الموصلي مصدراً لدراسة التنظيمات الإدارية في الموصل في ق 7 هـ
البحث مـحاولة للتـعرف عـلى التنظـيمات الإداريـة في المـوصل في الـقرن (السابع للهجرة/ الثالث عشر للميلاد)، وذلك من خلال كتاب ( قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان) لابن الشعار الموصلي (ت654هـ /1256م) حيث يعد هذا الكتاب من المصادر المهمة الخاصة بتلك الفترة، وتكمن قيمته التاريخية بان المؤلف لم يهتم بالشعراء فحسب، بل ضمّ كتابه عدداً كبيراً ممن ينتمون إلى طبقة رجال العلم والقضاة وأرباب الدولة ليس لمدينة الموصل فقط وإنما لمدن كثيرة وردت في ثنايا تراجمه. وقد قسم البحث الى عدة مباحث : تضمّن المبحث الأول إعطاء نبذه مختصرة عن العصر الذي عاش فيه ابن الشعار، وهو النصف الأول من القرن ( السابع للهجرة/ الثالث عشر للميلاد)، وتمثلت هذه القوى بالخلافة العباسية في بغداد ، والدولة الأيوبية في بلاد الشام، والدولة الاتابكية في الموصل(521-660هـ/1127-1262م). وقد عاصر ابن الشعار من الحكام الاتابكه في الموصل نور الدين ارسلان شاه الأول بن عز الدين مسعود الأول (589-607هـ/1193-1210م)، وهذا بدوره عهد بالملك بعده لابنه القاهر عز الدين مسعود الثاني(607-615هـ/1210-1218م) وكان عمره عشر سنين، وكان الوصي عليه ومتولي تدبير أمره مملوكه الارمني بدر الدين لؤلؤ الذي قضى على عز الدين. وعهد بالملك بعده لابنه نور الدين أرسلان شاه الثاني (615-616هـ/1218-1219م) الذي كان صغير السن لا يتجاوز عمره عشر سنوات بتدبير من بدر الدين لينفرد بالسلطة، وعلى الرغم من ذلك فقد قتله بدر الدين ولم تمضي عليه سنة في حكمه . ثم جاء بعده آخر الملوك الاتابكه الذين قضى عليهم بدر الدين وهو ناصر الدين محمود بن القاهر عز الدين مسعود(616-631هـ/1219-1232م)، ليحكم بدر الدين حتى وفاته سنة(657هـ/1258م). كما شمل المبحث الحديث عن حياة ابن الشعار بشكل مؤجز، وهو كمال الدين أبو البركات المبارك بن أبي بكر احمد بن حمدان بن احمد الموصلي المولود سنة(595هـ/1198م)، والمتوفي سنة(654هـ/1256م) .في حين شمل المبحث الثاني المنهج الذي اتبعه ابن الشعار في إيراده المعلومات الخاصة بالتنظيمات الإدارية عن الموصل في تراجمه، ويمكن أن نلتمس من خلال هذه التراجم الثمان والعشرين اهتمام ابن الشعار بالمسائل الآتية وهي :1- ضبط نسب المترجم لهم، وقد حرص في تراجمه الموصلية على ذكر اسم وكنية ولقب الشخصية التي ترجم لها، وكان ذلك في اغلب تراجمه.2- التأكيد على الولادة والوفاة، فقد امتاز ابن الشعار بالدقة في عرض التواريخ الخاصة بولادة تراجمه ووفياتهم .3- النشأة العلمية للمترجم لهم حيث أورد في هذا الموضوع العلوم التي برع فيها المترجم لهم وشيوخهم ومؤلفاتهم إلى غير ذلك فيما يخص النشأة العلمية .4- مصادر تراجمه وقد أشار ابن الشعار في كافة تراجمه عن الموصل الى مصادره التي استقى منها مادة تراجمه سواء كانت تلك المصادر روايات شفوية أم مصادر مكتوبة . أما المبحث الثالث فتضّمن الحديث عن التنظيمات الإدارية التي ذكرها ابن الشعار فيما يتعلق بالوظائف التي تولاها الإعلام الذين ترجم لهم. وقد يعطي أشارات مفصلة في بعض الأحيان عن هذه الوظائف ومن تولاها، وفي أحيان أخرى لا تعد كونها إشارات بسيطة . وفضلا عن ذلك فقد انفرد بذكره شخصيات تولت مناصب مهمة لم تذكرها المصادر التاريخية التي عاصرته وجاءت بعده، ويمكن تقسيم هذه الوظائف او التنظيمات حسب الأعلى وظيفياً الى :1- الوزير التي وردت عند الحديث عن المترجم له محمد بن الحسين بن محمد الموصلي(ت607هـ/1210م) .2- نائب الوزير وذكرت هذه الوظيفة في معرض ترجمة المبارك بن محمد الشيباني المعروف بمجد الدين بن الأثير الجزري (ت606هـ/1209م) الذي شغل منصب نائب وزير للحكام الاتابكه في الموصل .3- المتصرف وقد أشير إلى هذه الوظيفة في ثنايا ترجمته لإبراهيم بن نصر بن عيسى الموصلي الذي ولد سنة (582هـ /1286م) إذ تولى ثلاثة مناصب في عهد حاكم الموصل بدر الدين لؤلؤ هي وظيفة المتصرف ، وعارض الجيش، والمسؤول عن الأملاك الخاصة لبدر الدين، علما أن هذه الترجمة لم يرد ذكرها لدى ابن الأثير (ت630هـ/1232م) في كتابه ( الكامل في التاريخ) والذهبي (ت748هـ/1347م)، في كتابه ( سير أعلام النبلاء).4- وظيفة المستوفي في ديوان الموصل في عهد بدر الدين، وقد ذكر ابن الشعار شخصيتين مارسوا هذه الوظيفة وهما : احمد بن علي بن الحسن الموصلي الذي كان حيا سنة (626هـ/1228م) و المترجم الأخر هو احمد بن إبراهيم بن احمد الموصلي الذي ولد سنة(602هـ/1205م)، وهاتان الشخصيتين لم يرد ذكرهما في كتابي ( الكامل في التاريخ)، ( وسير أعلام النبلاء).5- الأمير: وقد تولى هذه الوظيفة محمد بن علي بن محمد الموصلي الذي كان أميرا خدم الملك العادل نور الدين ابو الحارث ارسلان شاه بن مسعود .6- كاتب الإنشاء :وقد ذكرت هذه الوظيفة في ثمان تراجم ومنها على سبيل المثال ترجمة الكاتب إبراهيم بن عبد الكريم بن أبي السعادات ( ت628هـ/1230م) الذي تولى كتابة الإنشاء لبدر الدين .7- أشار ابن الشعار إلى أن المترجم له عبد الكريم بن أبي السعادات بن كرم الحنفي (ت616هـ/1219م) قد خدم الأمراء الاتابكه وأنفذ رسولا إلى عدة جهات من قبلهم .8- كان المترجم له إسحاق بن مروان بن أبي السعادات(ت634هـ/1236م) صاحب خبر ينقل لبدر الدين أخبار المغول وتحركاتهم العسكرية .9- ذكر ابن الشعار من تولى بقلعة الموصل كتابة الرقاع إلى القرى والنواحي وهو الكاتب يحيى بن محمد بن عمر الذي ولد سنة (551هـ/1156م) وهذه الترجمة لم ترد في كتاب ( الكامل في التاريخ) .10- أورد ابن الشعار وظائف تتعلق بالقضاء وهي وظيفة القاضي، ووكيل عن القاضي، وكاتب الشروط .11- تولى المترجم له محمد بن حيدر بن محمد الموصلي (ت641هـ/1243م) نقابة العلويين في الموصل . وهذه الترجمة انفرد بها ابن الشعار، لانها لم ترد لدى الذهبي في كتابه (تاريخ الإسلام)،وابن كثير(ت774هـ/1372م) في كتابه ( البداية والنهاية )، وابن العماد الحنبلي (ت1089هـ/1678م) وكتابه ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب).12 -أشار ابن الشعار إلى من تولى الخطابة بالجامع العتيق، ومن الأمثلة على ذلك ترجمة الخطيب احمد بن عبد الله بن احمد الطوسي الموصلي(ت601هـ/1204م). وختم البحث بان ابن الشعار ذكر لنا بعض التنظيمات الإدارية التي كانت سائدة في الموصل، بالرغم من أن كتابه ( قلائد الجمان) كتاب تراجم عن الآداب والشعر، إلا أن هذه الوظائف وردت في تراجمه كجزء من منهجه عندما يتعلق الأمر بوظيفة المترجم له، وأكثر الوظائف وروداً هي وظيفة كاتب الإنشاء لتعلق الأمر بالبلاغة والقدرة الأدبية في الكتابة.