12 فبراير، 2014
والي الموصل مالك بن طوق التغلبي
يعد مالك بن طوق التغلبي، احد ولاة الموصل الذين حكموها للسنوات 214هـ/829م، 215هـ/830م، 216هـ/831م، وهو مالك بن طوق بن مالك بن عتاب بن عبد الله بن زافر بن شريح بن مرة بن عبد الله بن عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم ابن بكر بن حبيب بن غنم بن تغلب بن وائل. يعود مالك بن طوق في نسبه إلى قبيلة تغلب التي يعود نسبها إلى وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. ولقبيلة تغلب شهرة وكثرة فقد كانوا أصحاب حروث ومواشي، فضلاً عن أنهم كانوا ملاحين فكانت تجارة السفن تدر عليهم المال، وتجلب لهم السلطان، ومن معلقة عمرو بن كلثوم إشارة هامة عن ذلك إذ يقول:ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملأه سفيناوكانت من اكبر القبائل عدة وعددا، واعتنقت النصرانية لاتصالها بالروم، وقد وقفت قبيلة تغلب إلى جانب جيش التحرير العربي الإسلامي عند فتح الموصل وتكريت، كما كان لأبناء هذه القبيلة دور بارز في أحداث التاريخ العربي الإسلامي اللاحق. وقد حظيت أسرة مالك بن طوق بمكانة مهمة في العصر العباسي الأول، وبرز منهم رجال كانوا من ذوي الكفاءة الإدارية والعسكرية، فوالده طوق بن مالك كان له دور في قتال الخوارج ففي سنة 191هـ/806م كلفه الخليفة هارون الرشيد بقتال احد زعماء الخوارج في تلك الحقبة التاريخية، وهو ثروان بن سيف بناحية حولايا، وقد تنقل الأخير في السواد، فتوجه إليه طوق بن مالك، فهزمه وجرحه وقتل أصحابه. ويبدو أن طوق بن مالك كان يتقلد احد المناصب العسكرية والإدارية في زمن الخليفة المأمون وبعدها عزل عنها، إما مالك بن طوق فقد أشارت المصادر التاريخية إلى انه كان احد قواد الخليفة هارون الرشيد، ولم تشر إلى المهام التي أسندت إليه أو الأعمال التي أنجزها عندما كان في منصبه. ويبدو من خلال ما وصلنا من أشعار الشاعرين الكبيرين أبي تمام، والبحتري التي مدحا فيها مالك بن طوق أن الأخير كانت له عدداً من الوقائع العسكرية وانتصر فيها. وتميز مالك بن طوق بكرمه الكبير ونبله، وكان من الفرسان الاجواد، وكان له كما ذكرت المصادر التاريخية، لب، ووقار وحشمة، كما أشارت المصادر إلى أعمال البر والخير التي كان يقوم بها فكان ينادي على باب داره بالخضراء بعد المغرب (الإفطار يرحمكم الله) وكانت الأبواب مفتوحة يدخلها الناس. وقد وصف عدداً من الشعراء الكبار أمثال أبي تمام والبحتري كرم هذا الوالي، ومما قاله البحتري في مدحه:يا نعمة الله دومي فــي بني جشم بمالك الملك المحمود من جشموأنت يا تغلب الغلبـاء فافتـخري فقد حللت على الهامات والقممإن الأمير (ابن طوق) (مالكا) شرف كسا الله له بين العرب والعجمسيف إمـام الهـدى مـا هز قائمه إلا أقـام بـه من كان لم يقـم أما ولاية مالك بن طوق على الموصل فقد اتسمت المعلومات عنه بندرتها،وعلى الرغم من المصادر التاريخية أشارت إلى ولايته لأكثر من مدينة، مثل الموصل ودمشق والأردن، إلا أن تلك المصادر لم تزودنا بمعلومات عن ماهية الأعمال التي قام بها طوق بن مالك خلال فترة ولايته على تلك المدن، مثل سياسته الإدارية وأعماله الاقتصادية أو العمرانية…الخ. ومن ذلك على سبيل المثال: الازدي، اقتصر على ذكر السنوات الثلاث المتتالية التي كان فيها مالك والياً على الموصل، وذكر اسم الخليفة الذي ولاه إياها، فقال في أحداث سنة أربع عشر ومائتين: ومن ولاة الموصل للمأمون مالك بن طوق، وقال في موضع أخر في نفس السنة، وعلى صلاة الموصل وحربها مالك ابن طوق، أي أن مالك بن طوق أصبح مسؤولا عن السلطة الإدارية والعسكرية في هذه المدينة. وفي أحداث سنة خمس عشرة ومائتين نلاحظ أن الازدي لم يكن متأكدا فيما إذا كان مالك بن طوق واليا على الموصل ام غيره، وكذلك الحال في سنة ست عشرة ومائتين قال أن الوالي على الموصل وأعمالها أما مالك بن طوق او صاحب بن صالح. ولم تقتصر ولاية مالك بن طوق على الموصل بل تولى إمرة دمشق والأردن وذلك في عهد الخليفة العباسي المتوكل (232-247هـ/847-861م), واشتهر مالك بن طوق أيضا ببناء مدينة الرحبة والتي تسمى (رحبة مالك بن طوق) وكان الخليفة هارون الرشيد (170-193هـ/786-809م) قد طلب من مالك بن طوق ان يسأله حاجة بعد أن كان للأخير موقفاً نال استحسان ورضا الخليفة، فطلب منه أرضاً يبنيها وتنسب إليه، وفعلاً لبى الخليفة طلبه وأرسل إليه الرجال والأموال فبنى المدينة. ولما اكتمل بناء المدينة وعمارتها واستقرت فيها الأحوال لمالك بن طوق وتحول إليها. وكانت وفاة مالك بن طوق في سنة (260هـ/873م).