23 ديسمبر، 2012

المسكوت عنه في اللوحة التشكيلية (قراءة في لوحة الفنان الدكتور أحمد المفرجي)

يتحدد المسكوت عنه في (النص) بأنه علاقات مجهولة يمكن استحضارها عن طريق قراءة المتناقضات التي تفتح مساحة للتحرك بين الدال الثابت والمدلول المتحول، لفك شفرة النص، والحصول على الدالة المفهومية. ويمكن أن نبني من هذا التحديد ألمفهومي لمسكوت النص، تحديداً لمسكوت اللوحة الكامن في تحديد العلاقاتالمجهولة في نصها التشكيلي، والتي يمكن استحضارها عن طريق قراءة المتناقضات التي تفتح مساحة للتحرك بين الدال الثابت والمدلول المتحول، لفك شفرة قراءتها. حاول الفنان أن يشتغل في هذه اللوحة على موضوعة إيحائية شديدة التنوع، فجعل من أنساق اللوحة (ثقافة نص) تكون بمثابة عتبة تُكونُ نظاماً دلالياً ينطلق من بؤرة اللوحة التي تبدأ بالساقين، -الموجودتين في أعلى اليمين من اللوحة. ويمكن أن نحدد اللوحة التشكيلية، بأنها سند أيقوني مليء بالدلالات، وهي بوصفها فناً فهي لا تنقل للمرئي، بل تنتج المدرك. يبدو أن الرسام حاول أن يشكل هذه البنية في سطح اللوحة، لكي يصل بالمتلقي إلى استنباط المستوى العميق منها. وحاول أن يخلق من هذه العتبة عنواناً لها، ليجعل منها بنية مختزلة للوظائف التي تؤديها داخل النص التشكيلي. فتحديد البؤرة يؤمن الظفر بباقي المعنى ويلج بالقارئ إلى باقي أنساق اللوحة كونها تشتغل على (مُرسلةّ) مُشّفرة، إذ نلحظ وجود دلالات تفيد استبانة فاعلية الصراع المتولد من خلال تداخل الأنساق الوظيفية في التخطيط، الذي يشكل بنية خطابها، وكذلك فاعلية الشكل والألوان الموجودة على سطحها وما تحمله من دالات تضاف إلى مفهومية السياق الكلي. ونلحظ أن عتبة اللوحة تشتغل في مساحة الرؤية الممتلئة بالتحول والإيحاء، وقد شكلت انزياحاًجمالياًخالقاًللاستجابة؛ لأنها تعبئ الفضاء المؤسس لمنظورات التلقي على نسقية ألحكي. ولأن بناء ألحكي في هذا المنظور قد يحيل إلى الجنس الذي يثير غريزة المعرفة (حسب ميشيل فوكو) لدى المتلقي.ويمكن أن نجد ذلك واضحاً في (حرف الزاي) الموضوع بالقرب من الساقين في أعلى اللوحة. و(الحرف) فونيم لا يمتلك قيمته إلا بعد أن يوضع في سياق. وهنا تظهر العلاقة القصدية في توظيف الحرف ضمن حيز العتبة، وكذلك وجود أحرف أخرى موجودة في سطح اللوحة وهي (الياء/ والنون متكررة/ والألف/ والراء متكررة/ والشدة). يبدو من خلال قراءة معالم التشكيل بوصفها منظومة رمزية تحتوي علىسرد لموضوع محكي، فإن تشكيل المنظومة البصرية يحتوي على (صورة) تحاول أن ترسم منظر الإثارة المعرفية، فضلاً عن أن الجمع بين الحروف المنسابة في سياق اللوحة قد يحيل إلى أسم علمٍ ما، وكذلك فأن ذات الرسام تؤسس لمجموعة علاقات تنساب في خطاب المؤنث، وهنا يظهر معلن نص اللوحة الدال على {التنازع مع (المجهول)} بدليل وجود شخص مكبل في الوسط غير واضح الأبعاد فضلاً عن وجود الباب المغلق أمامه، الذي يحيل إلى (الغلق/ الحبس)، وهنا يمكن أن نؤسس لذاكرة تنبني على تجليات واقع اللوحة الذي يعكس ذات الرسام بمحاولته هدم جدران العزلة بخلق عالم يرتاده مع {الآخر(المؤنث)}. فالعتبة تحاول أن تخلق لها ملاذا يحررها بإخراج رمزية القراءة، والحرف يشغل حيزاًداكناً. وأغلب الظن أنه هنا يحيل إلى الذكورة، فضلاً عن كونه محدد الأبعاد، بينما تشغل الساقين بوصفهما دالة جنسانية تحيل إلى المعرفة حيزاًفاتحاً، وهي مفتوحة الأبعاد، ومن خلال قراءة جدلية التضاد اللـوني (داكن/ فاتح)، وضدية (الذكر/ الأنثى)، نلحظ العلاقة التوافقيةالجامعةبين الضديات فيمحاولة خلق حركية تنساب مع حركية المحتوى (اللساني) السارد لذات الرسام.في الجمع بين الحروفية والتشكيل. ويبدو أن ترسيم ملامحتحديد الأبعاد الخاصة بالذكورة والأنوثة جسدتأنا الرساموالآخر (المبحوث عنه)،وهي محاولة لخلق مثاقفة تنتج شكلاً جديداً من أشكال صراع (الإنسان) مع (العالم).بدليل تحديد ملامح الذكورة والأنوثة في (الداكن / الفاتح)،وأغلب الظن أن في هذا التعانق بين اللونين (الداكن/ الفاتح) إحالة إلى المصالحة وتشبث (الإنسان) بـ (الحياة)؛ لأن (المؤنث) غالباً ما يرمز للحياة.

مشاركة الخبر