31 يناير، 2013
التوسع العمراني لمدينة الموصل في القرن العشرين
صدر عن مركز دراسات الموصل كتاب (التوسع العمراني لمدينة الموصل في القرن العشرين) للباحث عبد الله محمد خضر بطبعته الاولى 2011 وقع الكتاب بـ 166 صفحة من الحجم الاعتيادي، مبتدأً بمقدمة لي مؤكداً فيها ان مدينة الموصل الوارثة الباسقة بأبنيتها التراثية، ذات الطرز المعمارية المزدانة بالنقوش والافاريز والتوريق في اواوينها وسراديبها وكوشاتها وتفاصيل بنائها، الموشح بالحلان الازرق، ومورفولوجية مدينة الموصل المتشكلة على اساس: المحلات السكنية تتخللها (العوجات) الضيقة، واسواقها القائمة على التخصص في بضائعها، وخاناتها وسكلاتها، وقيصرياتها، و(جايخاناتها) المتعددة، وحماماتها المبثوثة، وجوامعها ومساجدها وكنائسها واديرتها، يحف بها جميعاً سور المدينة العتيق ذي الابواب الاثني عشر الشهيرة (باب الطوب، باب السراي، باب سنجار وسواها). وترى مشاهد يومية متكررة حيث يكتظ بأسواقها الناس قادمين ومدبرين، يدبون فوق مفاصلها لقضاء حاجاتهم اليومية في البيع والشراء والتنقل. تلك هي السمات العمارية لمدينة الموصل والتي اتسقت في الحفاظ عليها حتى اواخر خمسينيات القرن العشرين، ولم يزل بقاياها شاخصاً ينازع في وجوده ويقاوم الحداثة والمعاصرة في الابنية الكونكريتية والطرز الغربية في البناء شكلاً وتنفيذاً. ان اغلب المدن القديمة في العالم تسعى دوماً للحفاظ على سمات مكوناتها العمرانية ومفرداتها البنائية وخصائصها الوظيفية، عن طريق ادامتها واعادة تأهيلها والمحافظة عليها بأساليب شتى. كونها الهوية المميزة للبلد في العراقة والاصالة. فما بالنا في مدينة الموصل ذات الحضارة العريقة والارث البنائي والعماري العتيد الذي يعود الى ما قبل وصول الاسلام اليها سنة (16هـ). وادراكاً من مركز دراسات الموصل بأهمية تأصيل الارث العماري والحفاظ على بهاء، وسمات مورفولوجيا مدينة الموصل بكل خصائصها ولبقائها حاضرة عربية تراثية بقسماتها المعروفة، فقد تنادى لعقد سلسلة من الندوات والمؤتمرات العلمية فيه للتأشير على مواضع الخطر المحدق بخطط المدينة العتيقة، ولأهمية تدارك الزحف الكونكريتي القادم وايقاف تداعي ابنيتها القديمة لتبقى محافظة على سماتها العمارية والتراثية. فعقدت لذلك ندوات علمية منها(انقذوا اثار مدينة الموصل، ماذا نعمل من اجل الموصل، العمارة الموصلية، مورفولوجيا مدينة الموصل، قلعة باشطابيا ومئذنة الجامع النوري، مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة –مناقشة علمية). والتي تمخضت عنها سلسلة من التوصيات رفعت الى الجهات ذات العلاقة من خلال رئاسة جامعة الموصل. الى جانب مؤلفات علمية عدة منها: (الدراسة النهائية للتصميم الاساس لمدينة الموصل، مقدمة من سيت انترناشنال ودار العمارة، ترجمة د. داؤد سليم عجاج و دراسة (خطوات في تراث الموصل) للاستاذ الدكتور عماد الدين خليل. وما يزال تداعي المدينة القديمة جارياً حتى الساعة بكل تفاصيلها العمارية حتى لنجد ان الموصل لا تضم سوى حماماً واحداً او اثنين فقط في حاضرنا! ومن المعروف بأن الموصل قد شهدت منذ ستينيات القرن العشرين توسعاً عمرانياً وخدمياً هائلاً تجاوز الاطر المكانية للمدينة القديمة ليزحف صوب الاتجاهات الاربعة وعلى جانبي نهر دجلة. فظهرت محلات سكنية جديدة وابنية حكومية ومرافق خدمية وحيوية ومؤسسات وشركات ورافقها هجرات الى المدينة من الارياف والمناطق القريبة والمحيطة بها، وكل ذلك ادى الى حدوث تغييراً ديموغرافياً ومورفولوجياً في المدينة عموماً، فضلاً عن ازالة علامات عمرانية بارزة في بناءها الاساسية فاختفى السور وابوابه وازيلت المقابر وبعض الساحات والمحلات السكنية والاسواق، لتحل محلها اشكالاً هندسية اخرى فرضتها الحداثة والتطورات العمرانية والخدمية اللاحقة. ان ما يميز هذه الدراسة للسيد عبد الله محمد خضر الموسومة (التوسع العمراني لمدينة الموصل في القرن العشرين)، ان الباحث قد وظف خبراته الميدانية والوظيفية حين عمل مساحاً في دائرة الطابو في الموصل، في رسم الملامح الاساسية لكل التطورات العمرانية والمؤسسية للمدينة معززاً ذلك ببعض الصور الفوتوغرافية لفترات متعددة، فجاءت معبرة صادقة في تفاصيلها الدقيقة. وعليه فقد تبنى مركز دراسات الموصل، نشر هذه الدراسة لاعمام الفائدة للدارسين والباحثين والمهتمين في تراث وتاريخ هذه المدينة، كما قدم له ايضاً أ.د. عماد الدين خليل مشيراً الى ان في هذا الكتاب الذي يجده القارئ بين يديه، دعوة مخلصة أخرى لحماية ما تبقى، ينسجها على مكث باحث خبير قدر له ، بحكم عمله في المساحة السنوات الطوال، أن يمسك جيدا بزمام الموضوع وان يقدم جملة من المرئيات في غاية الأهمية ، تبدأ بإضاءة العمق التاريخي للموصل منذ نشأتها الأولى والعوامل التي أدت إلى توسعها وكيفية نشوء هذا التوسع وصفته القانونية والتغيرات الديموغرافية التي طرأت عليها والتأشير على الأجزاء الحديثة التي تشكلت داخل المدينة القديمة على حساب معطياتها التراثية والمتغيرات المواكبة للتوسع العمراني . وتضمن الكتاب العناوين التالية: الموصل: نبذة تاريخية، بدايات التوسع العمراني في الموصل عبر التاريخ، مناطق المقابر داخل المدينة، العوامل التي أدت إلى توسع الموصل وأهميتها التاريخية، حدود المدينة القديمة قبل هدم السور، أسماء محلات الموصل القديمة داخل السور، كيفية نشوء التوسع العمراني وصفته القانونية، الأجزاء الحديثة الإنشاء داخل سور مدينة الموصل القديمة، الطرق المؤدية إلى خارج مدينة الموصل المتصلة بالجانب الأيمن، مراكز السيطرة في المدينة قبل وجود الدولة العراقية، أسواق الجانب الأيمن في المدينة القديمة والتوسع الحالي، الهجرات إلى الموصل في العصر الحديث، تغيير الاستعمالات المواكبة للتوسع العمراني، المناطق المحدثة في الجانب الأيمن والفترة الزمنية التقريبية لعقود إحداثها، الجزء الحديث من مدينة الموصل (الجانب الأيسر)، مدينة نينوى الأثرية وأسوارها، كيف بدا نشوء الجانب الأيسر من مدينة الموصل، قرية النبي يونس، منطقة الفيصلية ونينوى الغربية، منطقة نينوى الشرقية وحي الجزائر وما حولها، التوسع العمراني في الجانب الأيسر خارج منطقة سور نينوى، المناطق المحدثة في الجانب الأيسر والفترة الزمنية التقريبية لعقود إحداثها ، أسواق الجانب الأيسر، الطرق المؤدية إلى خارج مدينة الموصل المتصلة بالجانب الأيسر، توسع مدينة الموصل حاجة لابد منها، حي النهر وان أو(حي التنك)، البرمجة في التوسع، أنماط الوحدات السكنية (الريازة)، الكارثة البيئية للتلوث النهري في المدينة، كيف نشأت منطقة الغابات كمرفق سياحي لمدينة الموصل، إحياء الجانب الأيمن ضمن التقسيم الإداري لخرائط التسوية، إحياء الجانب الأيسر ضمن التقسيم الإداري لخرائط التسوية، المناطق الصناعية في الجانب الأيمن، المناطق الصناعية في الجانب الأيسر، مواقع بعض الدوائر الحكومية المهمة قديما، صناعة الخبز الموصلي، المشاريع الحكومية التي شهدتها مدينة الموصل منذ بداية القرن العشرين، الكنائس في الجانب الأيسر و الكنائس في الجانب الأيمن، جسور الخوصر، حمامات الموصل القديمة، أهم الجوامع التي بنيت خارج المدينة القديمة في الجانب الأيمن، المساجد والجوامع التي أنشأت في الجانب الأيسر، خارطة مدينة الموصل. وانتهى الكتاب بخاتمة للمؤلف اكد فيها ان هذا الكتاب يعد الاول في توثيق التوسع الحاصل لمدينة الموصل في القرن العشرين مبيناً الخطوات العملية المتبعة في انجاز هذا العمل وما تضمنه من موضوعات تتعلق بمورفولوجية مدينة الموصل بشكلها العام.متمنيين للمؤلف كل التوفيق في الاعمال القادمة .