13 أبريل، 2020

تمرّد الفرد ودكتاتورية السلطة في رواية مزرعة الحيوان للكاتب الإنكليزي الشهير ” جورج أورويل”

مزرعة الحيوان ، حكاية حيوانات من خلالها يقدم جورج أورويل هجاءً ساخراً ونقداً للأنظمة الشمولية ولإنسان السلطة وإنحرافاته. حيث تحكي هذه الرواية التي تصلح لكل زمان ومكان – وبالأخص زمننا الراهن – قصة حيوانات مزرعة جونز (المالك) التي تقرّر فجأة التمرّد والسيطرة على المزرعة بعد طرد جونز منها. فبعيد شعورها بالتعب والإرهاق جراء إستغلالها لتحقيق مكاسب بشرية وشخصية من قبل مالك المزرعة، تتفق تلكم الحيوانات التي يصورها أورويل على أن لها ميزات وقدرات بشرية، منها القدرة على التحدث وإلقاء الخطابات، تتفق على إنشاء مزرعة أكثر عدلاً وإنصافاً لحقوق أفرادها من ظلم البشر وتعسفه وعنجهيته. إن قراءة هذه الرواية هي أشبه بقراءة حكاية خرافية وهي بذات الوقت محاولة عمد بها أورويل لخلق أسلوبٍ تشويقي في هجاء السياسة العالمية آنذاك وخاصة الإتحاد السوفييتي السابق. إذ يهاجم الكاتب بإسلوب الهجاء قضية خطيرة من خلال تقديمها بطريقة ساخرة لفضح ما أعتبره أسطورة الإشتراكية السوفييتية. حيث تحكي الرواية قصة يمكن للناس من جميع الأعمار أن يفهموها ويدركوها، غير أنه يروي لنا أيضاً قصة ثانية – تلك التي تعد من واقع الحياة (الثورة) ، فمنذ الثورة البلشفية في أوائل القرن العشرين إستولى الإتحاد السوفييتي السابق على إنتباه العالم بتجربته الاشتراكية وكان لهذا النظام أنصار في بريطانيا والولايات المتحدة ،لكن أورويل كان ضده تماماً. وعودة لحبكة الرواية، تقرر الحيوانات جميعاً القيام بالثورة بعد أن إجتمعوا بالخنزير “ميجر” الذي يلهمهم بذلك من خلال إطلاعهم على حلمه الذي راوده الليلة الماضية، أملاً بالعيش في ظل حياة تسودها العدالة والسلم والتعاون بين الجميع. إلا أن الخنازير- وبعد نجاح الثورة – تعمد للإستئثار بالسلطة وتشويه المثل العليا والوصايا السبع التي تم الإتفاق عليها ضماناً لعدم عودة العدو الأوحد (الإنسان) ، ليقوم نابليون (كبير الخنازير وقائد المزرعة بعد الثورة) بتحريف متعمد لواحد من بنود الوصايا السبع ليصبح على الشكل الآتي:”جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعضها أكثر أهمية من غيرها”في محاولة لتقديس الذاتية ووضع الحيوانات الأخرى في حالة من الإذعان. إن عملاً مثل هذا ليستحق القراءة مرات ومرات لفهم وإدراك مكنونه ورسالته التي حاول أورويل ناجحاً إيصالهما للمتلقي حول فكرة مفادها أن الرغبة في التغيير يمكن أن تقود إلى الدكتاتورية، وسهولة تحقيق ذلك من خلال الخطابات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع لأرباب السلطة، تماماً كما حصل ويحصل باستمرار هنا وهناك وبالأخص في دول كتب لها أن تخضع لأنظمة شمولية إستبدادية دكتاتورية همها تحقيق مكاسبها الشخصية وأهدافها الفردية على حساب الأفراد والشعوب الخاضعة لحكمها بالقوة. أتمنى للجميع قراءة ممتعة لهذه الرواية الرائعة بكل معاني الروعة.معتز وعد عبد الهادي القواص#شاركونا_قراءتكم

مشاركة الخبر

مشاركة الخبر